دار في مكانٍ واحدٍ كما لو كان هناك شيء ما، ثم ألقى بنفسه من على السلم في النهاية.

هكذا وصف شهود عيان مشهد انتحار «الروبوت» الذي كان يعمل موظفاً حكومياً في مجلس مدينة «غومي» الكورية، حيث ألقى الروبوت بنفسه من أعلى السُّلّم الذي يبلغ ارتفاعه مترين لأسباب غير معروفة، كما جاء في الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأسبوع الماضي.

في تفاصيل الخبر أعلن مجلس المدينة أن الروبوت لم يعد في الخدمة بعد أن تم العثور عليه محطماً على السلم الواصل بين الطابقين الأول والثاني من المبنى.

مشيراً إلى أن سلطات التحقيق جمعت قطع الروبوت المتناثرة، وسيتم تحليلها من قبل الشركة المصنعة. الروبوت المنتحر كان مسؤولاً عن المساعدة في نقل المستندات اليومية، وتقديم المعلومات للسكان المحليين، بالإضافة إلى عمله في الترويج السياحي للمدينة.

لقد كان رسمياً جزءاً من موظفي المدينة. هكذا وصف مسؤول من مجلس مدينة «غومي» الروبوت المنتحر، لافتاً إلى أنه قد عُيِّن في أكتوبر من العام الماضي، وأنه كان روبوتاً مجتهداً، يعمل من الساعة التاسعة صباحاً حتى السادسة مساءً.

ويقوم بأداء الكثير من المهام من غير فترات راحة. وفي حين يعيش سكان مدينة «غومي» حالة ذهولٍ بسبب أول حالة انتحار روبوت في مدينتهم، فإن كوريا الجنوبية تعد واحدة من أكثر البلدان التي تعتمد على الروبوتات، حيث يوجد روبوت واحد لكل 10 موظفين، وفقاً للاتحاد الدولي للروبوتات.

أسئلة كثيرة يمكن أن تُطرح حول سبب انتحار الروبوت؛ منها على سبيل المثال إن كان الروبوت قد تعرض للإهانة من قبل رئيسه المباشر قبل أن ينتحر، أو تنمر عليه زملاؤه موظفو مجلس المدينة.

أو ارتكب خطأ جسيماً في عمله أدخله حالة اكتئابٍ حادٍ أدت إلى انتحاره، أو تلقى تهديداً من جهةٍ لم يعرف كيف يتعامل معها، الأمر الذي جعله يدور حول نفسه قبل أن يسقط من أعلى السلم. وثمة احتمال خبيث طرحه البعض حول ما إذا كان قد دخل في علاقة عاطفية مع إحدى موظفات المجلس، دفعته إلى الانتحار بهذه الطريقة البشرية.

انتحار الروبوت سوف يتخذ منه الموظفون ذريعة لطلب تخيف الأعباء عنهم، وسيشنون بسببه هجوماً على مسؤوليهم الذين يحمِّلونهم فوق طاقتهم.

وسيطالبون بتقليل ساعات العمل ومنحهم فترات راحة أطول كي لا يسقطوا في دائرة الإرهاق، وتكون نهايتهم نهاية روبوت مدينة «غومي» الكورية.

نحن أولى بهذه الوظائف من الروبوتات والآلات التي لا تستطيع التحكم في أعصابها. هذا ما سيردده العاطلون والمحرومون من العمل والوظيفة، الذين سيتخذون من انتحار الروبوت مدخلاً للحديث عن وضعهم ومعاناتهم والظلم المحيط بهم، وسيقولون:

ماذا لو أن الروبوت قام بعملٍ تخريبي للتعبير عن معاناته بدلاً من الانتحار، أو ارتكب مجزرة ذهب ضحيتها عدد من الموظفين والمراجعين الذين تصادف وجودهم في مجلس المدينة وقتها، كما يفعل بعض المُحبطين في دول الغرب.. كيف سيكون الوضع؟

ثمة آخرون، يصنفهم البعض في قائمة أعداء النجاح، سوف ترتفع أصواتهم مطالبة بالحد من الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة والعودة إلى الطبيعة.

هذه الفئة سيدفعها الحنين لزمن ما قبل الروبوتات والآلات إلى الجهر بمعاداتها للتكنولوجيا والتحذير من مخاطرها وآثارها السلبية على حياة البشر.

فيما سيعتبر البعض مطالبتهم هذه كلمة حقٍ يراد بها باطل، حتى لو كانت هذه هي الحقيقة، لأن للتكنولوجيا إيجابيات وسلبيات تتفاوت من جهازٍ إلى جهازٍ، ومن تقنيةٍ إلى تقنية.

فئة أخرى سوف تستغل خبر انتحار الروبوت في كوريا الجنوبية، وستحاول الضرب في تكنولوجيا الشرق والإشادة بتكنولوجيا الغرب.

هذه الفئة الرد عليها موجود في تفاصيل الخبر، وهو أن الروبوت المنتحر صناعة غربية خالصة، فقد تم تصنيعه من قبل شركة مقرها ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية تُدعى «Bear Robotics». بهذا تكون تكنولوجيا الشرق قد حصلت على صك براءة من الاتهام، وأخلت مسؤوليتها عن حادث الانتحار، ووجهت ضربة لتكنولوجيا الغرب.

انتحار روبوت مجلس مدينة «غومي» الكورية الجنوبية يؤشر إلى أننا نعيش عصراً لا تستطيع حتى الآلات الذكية تحمل العيش فيه. تحت هذا البند يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يمدنا بآلاف المقالات، وبالأخبار التي تثير القلق.