خالد بن حمد المالك

لا تكتفي الولايات المتحدة الأمريكية بأنها في موقف الدفاع المعلن عن إسرائيل إذا ما تعرّضت لهجوم، وأنها معنية بحمايتها، ومنع إلحاق أي أضرار بها، وأنها قامت باستدعاء الكثير من قواتها لتكون في جهوزية عالية للقيام بهذا الدور، وإنما تدعو إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى تحديد موقفها من التطورات المستجدة في المنطقة، واحتمال تعرّض إسرائيل لهجوم، ومطالبتها بأن تكون ضمن الأطراف التي عليها حماية إسرائيل.

* *

هذا الموقف الأمريكي المنحاز لإسرائيل، كان يجب أن يسبقه منع إسرائيل من استباحة الأراضي الإيرانية واللبنانية، وتنفيذها عمليات إرهابية، فلا يكون عندئذٍ هناك حاجة وضرورة لهذا التكتل الأمريكي - الأوروبي لحماية إسرائيل من خطر قد لا يكون وارداً، وإن حدث فسيكون محدوداً، كما تشير إلى ذلك كل التحليلات والقراءات.

* *

ما يهمنا في آثار التطورات العسكرية المستجدة في المنطقة منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، وقد بلغت أرقاماً وأعداداً فلكية من الشهداء والمصابين بين المدنيين، وإزالة مدن وأحياء ومبان بالكامل، ولا زالت حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل مستمرة بضراوتها وعنفها وشدتها، هو أن توقف أمريكا هذه المجازر بالضغط على إسرائيل، فما يحدث من جرائم حرب لا يجب أن يجد الدعم والمساندة من أمريكا وحلفائها بتزويد إسرائيل بالسلاح الفتَّاك، دون أن تمارس مع تل أبيب أي محاولة حقيقية لإيقاف القتال.

* *

والملاحظ أن كل ما يهم أمريكا أن يتم إطلاق سراح الرهائن لدى حماس، دون ربط ذلك بإطلاق الرهائن لدى إسرائيل، وإيقاف الحرب نهائياً في غزة، والبحث عن أسباب هذا الصراع التاريخي ومعالجته بعدل ومساواة إحقاقاً للحق، وبما يتماشى مع القرارات الدولية، وصولاً إلى إنهاء هذا الاحتلال، وقيام الدولة الفلسطينية، مع الالتزام للدولتين بضمانات دولية تطمئن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من مخاوف المستقبل.

* *

والملاحظ أيضاً أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن يبدو أنها غير جادة في تحقيق خيار الدولتين بإلزام إسرائيل بها، وكأن ما يجري لا يعنيها، وليس من مسؤولياتها كضامنة للسلام في العالم، رغم هول ما يجري من جرائم على مدى ثمانين عاماً هي فترة الاحتلال، ومخالفة المحتل لقرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها، بما في ذلك مجلس الأمن، والسلام والاستقرار.

* *

سوف تستأنف المباحثات من خلال الوسطاء لتبادل الأسرى، وسوف ينضم لها هذه المرة وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تفشل ما لم تخرج القرارات بمثل ما يتمناه الإسرائيليون ومعهم أمريكا، لأن شروط إسرائيل التي توسع بشروطها من اجتماع لآخر كلما اقترب الحل، لا يترك مساحة كبيرة للتفاؤل بنجاح المباحثات حتى مع مشاركة وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الذي عليه أن يطبّق مبادرة رئيس أمريكا للحل التي كانت واشنطن تدّعي بأن حماس هي من يعرقل تطبيق هذه المبادرة فتبيّن أن تل أبيب لا حماس هي من يفعل ذلك كما يصرِّح بذلك الإسرائيليون أنفسهم وبعض العقلاء في الولايات المتحدة الأمريكية.