مدرسة الحرب

 

 

 

 

 

الحرب، كارثة بشرية، ليس لها سبب وحيد في اشتعالها وحصادها لأرواح الناس في كل زمان ومكان في أرجاء الخريطة العالمية، منذ فجر التاريخ، وحتى ما بعد يومنا هذا الذي يشهد حروباً طاحنة تأكل الأخضر واليابس، في مختلف بقاع العالم، بل (تعددت الأسباب، والحرب واحدة)، لكنها ليست ثابتة في شكل واحد، أو بالأسلحة ذاتها، بل تطورت أدوات القتال بحسب مقتضيات العصر وممكناته، ناهيك عن الحروب الأخرى المختلفة الأشكال والألوان، حروب إعلامية وثقافية واقتصادية، وحروب معلنة وأخرى خفية.ولعل أول حرب في التاريخ البشري، تلك التي وقعت بين فردين اثنين لا ثالث لهما (قابيل وهابيل)، بدوافع بشرية بحتة (طمع، حقد، حسد)، وغيرها من الصفات غير الحميدة الكامنة في نفوس الكثير من الناس، والتاريخ خير شاهد على حروب ناجمة عن سوء ظن أو سوء فهم، أو تفاخر بالنفس والاستعلاء على الآخرين، من تلك الحروب التاريخية التي يضرب بها المثل (حرب داحس والغبراء، حرب البسوس، حرب طروادة).(الحرب مدرسة.. إذا أشعلتها، أعددت قوماً، غاية الإبداع)..!! مع الاعتذار إلى حافظ إبراهيم؛ إذ يقول: (الأم مدرسة.. إذا أعددتها، أعددت شعباً، طيّب الأعراق)، فإنّ الحرب متى اشتعلت، ظهرت معادن الناس.. وفي الحرب يشتد عود البشر، ويشب الصغار بسرعة، وفي أحاديثهم وسلوكياتهم مظاهر النضج رغم حداثة سنهم.. فتلك فتاة تتحدث إليك وكأنها في نهاية العقد الثالث من عمرها، رغم أنها لم تكمل عامها العشرين بعد، إلا أنها أم لطفلين، وربة بيت تقوم بواجباتها الأسرية على أكمل وجه، وتقف وراء زوجها، سنداً وطاعة، وترعى إخوتها اليتامى الذين فقدوا أبويهم في غضون سنة واحدة.الحرب مدرسة، وفي الحرب، تتبين حقائق الأمم والشعوب، فبعض الدول تظهر لديها إمارات الإنسانية تجاه الشعوب المغلوبة على أمرها، وبعضها يظل مكتوف الأيدي إن لم يسهم في العون على المنكوبين، فها هي دولة الإمارات، قيادة وشعباً، تسعى جاهدة، منذ اتحادها في 2 ديسمبر 1971، بأن تكون خير مثال للإنسانية العالمية، وفي مشاركتها العالم الاحتفاء بيوم العمل الإنساني، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عبر منصة «إكس»: «في عالم متحرك متدافع غير مستقر لديك خياران.. إما أن تملأ العالم ضجيجاً دون أثر أو تملؤه تأثيراً دون ضجيج. الإمارات اختارت أن تكون ذات أثر؛ مسيرتنا الإنسانية تعبّر عن هُويتنا وعن طبيعتنا وعن ديننا، ومستمرون في الطريق الذي رسمه زايد وإخوانه منذ التأسيس».