فاطمة المزروعي

الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، ولكن البعض يقرر الابتعاد والعزلة والانطواء، يمكن القول إنها حالات فردية ولا تشكل قاعدة لمثل هذا النفور الذي قد يأتي نتيجة لحدث معين أو صدمة منذ الطفولة أو حتى مشكلة حدثت في العمل أو في الشارع أو في أي موقع اجتماعي، وكما قلت فإن هذه المشاعر تحدث دوماً نتيجة لظروف محددة أو وفق طبيعة حياتية بعينها، أو لحدث أو أحداث شخصية وقعت لهذا أو ذاك لهذا كان النفور والهرب من المناسبات العامة أو العائلية، هؤلاء يمكن ملاحظتهم والتعرف عليهم عند عدم مشاركتهم حتى في مناسبات محدودة في العمل أو على نطاق العائلة، وعلى الرغم من أن الإنسان بطبعه كائن اجتماعي ويميل إلى العيش وسط جماعات معينة بل الاختلاط بالآخرين، حيث يشعر بينهم بالأمن والاستقرار، ولكن البعض مثلما ذكرت يفضل العزلة مما يلحق به أضراراً نفسية وصحية تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة.

وأظهرت دراسة أمريكية أن للعزلة تأثيراً كبيراً وبالأخص لدى كبار السن، وقد تزيد من احتمالية الوفاة المبكرة كما أوضح الباحثون آليات تأثير هذه الظاهرة على المخ وتداعياته السلبية مع الوقت والعمر، فالعزلة تبدأ إرادية ثم يبدأ الشخص بالتعود عليها فيعزل نفسه عن محيطه الاجتماعي، ويعتاد الوحدة، ويجد صعوبة في التأقلم مع المجتمع مرة أخرى. مريض العزلة الاجتماعية قد يعاني إحباطاً شديداً وتسيطر عليه أفكار تشاؤمية، وصعوبة في التواصل مع من حوله ونسج علاقات جديدة، حيث يمثل «الانطواء» بداية مرحلة العزلة لدى الشخص، ثم تتحول إلى عزلة تامة تدريجياً حتى تصبح حالة مرضية، لذلك فإن انعدام التوافق الاجتماعي للفرد في علاقاته مع الآخرين يجعل لديه صعوبة في تطوير علاقات الصداقة أو الحفاظ عليها، فيفضل الهرب إلى العزلة الفردية، لذلك نعم للحياة الاجتماعية المحملة بصلة الرحم والبر والرحمة والمحبة والتواصل مع الأسر والأرحام، تلك الرفقة التي تزيدك معرفة وقوة وصحة ولا تبعدك عن واجباتك ولا مسؤوليتك بل تمنحك خبرات في التعامل مع صعوبات وتحديات الحياة، أما ما سواها فهو إضاعة للوقت والجهد.