علي الخزيم

= مع أول أيام الدراسة تشاهد أطفالاً يدلفون للمدارس صباح كل يوم دراسي يحملون حقائبهم المكتنزة بالكتب وقد تنوءُ بثقلها أكتافهم وظهورهم، وهذا عائد ـ كما يقال ـ لتأخر إعداد جداول الحصص الدراسية اليومية ما يستدعي إحضار الصغار لمُجمل كتبهم ومستلزماتهم داخل الحقيبة، وعليهم التَّجلّد بالصبر على تحمل الأثقال إلى أن يتم استكمال واستقرار الجداول، هذا مقبول إلى حد ما؛ لكن أمراً أراه مستنكراً: هو تلك الرسوم والصور والعبارات التي يحملها (بعض) التلاميذ الصغار على قمصانهم أو مطبوعة على حقائبهم وأدواتهم المدرسية.

= المؤكد أن الطفل الصغير لا يدرك مدلولات ومعاني تلك الشعارات والصور وغيرها؛ والمفترض أن يدركها أولياء الأمور المعنيون بالتدقيق والتمحيص وحسن الاختيار عند الشراء سواء بمحلات الملابس أو المكتبات والقرطاسيات ونحوها، وعلى من يصطحب الأطفال حال التسوق أن لا يندفع خلف أمزجة الصغار نحو صور وشعارات ربما شاهدها ـ ضمناً ـ خلال استمتاعه بالمقاطع المصورة عبر وسائل التواصل؛ وعلى الكبار التثبت من معانيها ومراميها وإن لم يعرفوها يبادروا بالسؤال والاستفسار من الأقارب والأصدقاء ليكشفوا لهم عن مدلولاتها؛ فتأخير الشراء خير من الوقوع بالمحذور.

= المحذور هو ما يُدَس كتجميل للكراسات والحقائب وبعض الملابس من تلك الشعارات والصور والكلمات المتضمنة أحياناً لما يخالف ديننا أو يتعارض مع العادات والتقاليد أو ينافي الذوق العام، والإنسان ليس مجبراً لأن يُجاري ثقافات مُغايرة ليُرضِي اختيار طفله الذي تستهويه الصورة أو الرسمة كشعار وهو لا يُحسِن تفسيرها، وهذا هو المدخل المُريب لمن سَوَّق لنا مثل هذه المفاهيم عبر تحسينها بعين الأطفال والمراهقين من الجنسين لزرع النواة التي ستنمو معهم كلما كبروا فيعتادونها كأمر واقع مألوف؛ ثم لا يمكن إقناعهم بالمخالفات الشرعية والاجتماعية والذوقية المترتبة عليها.

= على المدرسة والمنزل واجب بالحذر وحماية الصغار والناشئة؛ وأمانة يلزم الوفاء بها في إطار حقوقهم التربوية وعدم التهاون بهذه الجوانب لتكوين جيل مُهذب سليم العقل والقلب والمشاعر، مُنزهاً ـ بعون الله ـ من الأدران والقاذورات التي يُسرِّبها إلينا عدونا وعدو شريعتنا من كل اتجاه، بعد أن ابتلتهم شياطينهم بها وتشربوها بين مساوئ لا تقل عنها.

ومن تلك المحاذير ما يدعو لتزيين المِثلية بعيون الصغار والشباب، وكذلك الدعوات للكفر والإلحاد والتشكيك بالشرع والدين عامة، وتغيير الجنس، إلى غيرها من الموبقات، يقول الحق سبحانه بالآية 119 من سورة النساء مُخبراً عن قول الشيطان: {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا}.

= وإني على ثقة أن الجهات المعنية لا تغفل عن تتبع ورفض دخول مثل هذه الممنوعات إلى أسواق المملكة؛ غير أن الحذر واجب؛ ومزيد الحرص لا بد منه حماية للصغار من التدليس وإغواء شبابنا وبناتنا بما يمارسه بعض دعاة الضلال والإفساد من جهات تستهدفنا بديننا وثقافتنا كمحاولات مدروسة ومخطط لها لتدمير الأجيال العربية والإسلامية؛ فينفذون مؤامراتهم بخطوات متتالية للتأثير عليهم وحرفهم عن الطريق المستقيم.