سهوب بغدادي

«مع كامل احترامي» غالبًا عندما نسمع هذه الجملة نعلم يقينًا أنه سيليها أمر غير محبب أو جارح أو خالٍ من الاحترام، فتشكّل الجملة الاستهلالية عذرًا سانحًا لقائلها بأن يسرد بعدها ما يريد قوله بلا هوادة أو تردد، فيما تأتي الجملة التمهيدية كأحد أساليب الانتقاد أو ما يُسمى اليوم «النقد البناء» علمًا بأن النقد يعتبر نقدًا بجميع أشكاله وألوانه ومسمياته في العلاقات الإنسانية والمهنية إلا ما ندر، وفقًا لعالم النفس والباحث الأمريكي جون غوتمان أنه يستطيع التنبؤ بإمكانية وقوع الطلاق بين الأزواج من خلال أسلوب الحوار المتبع وأساليب توجيه الانتقاد فيما بينهما، كما أكد غوتمان استنادًا إلى بحثه أنه لا يوجد شيء يدعى نقدًا بناءً، فكل انتقاد يهدم ثقة الشخص المقابل بالإضافة إلى صحته الجسدية ومناعته، عوضًا عن ذلك استبدل النقد بالحديث عن الذات ومشاعرك الخاصة، لا من خلال توجيه أصابع الاتهام أو الملامة إلى الشخص المقابل، والأهم من ذلك هو معرفة الهدف من الحديث منذ البداية وتحديد ما يمكن فعله مع التمهيد بطريقة ليِّنة وقريبة إلى النفس للموضوع، في ذات الصدد، نستطيع أن نطبق إستراتيجيات حل النزاعات عن طريق ما يأتي: التركيز على المشكلة المباشرة دون التشعب أو إقحام أكثر من إشكالية في آنٍ واحد، وحدد مشاعرك تجاه المشكلة أو الفعل؛ ويأتي ذلك بأخذ الوقت في التفكير الفعَّال فيما حدث والتصرّف بكل هدوء، أيضًا كن على استعداد للتسامح أو التوصل إلى تسوية؛ فلا تدخل في نطاق النزاع بنية طرح المشكلة فقط لا غير، بل لتسويتها وفضها، وتقبل الاعتذار ووجهة نظر الطرف الآخر، في ذات السياق، يجب أن تنصت جيدًا عوضًا عن الاستماع لتعي ما يُقال وما يُقدِّم على طاولة الحوار، فلا يكن استماعك بهدف الرد فقط! والأهم من ذلك كله معرفة الهدف الرئيس من التطرق إلى الإشكالية ووضع النتائج المرجوة نصب عينيك والاحتمالات والحلول المطروحة من النقاش.

كلنا نقول إننا نتقبل الانتقاد إلا أن هناك حيزاً في القلب ينفر منه ويطمح لنيل القبول.

مع فائق الاحترام والتقدير.