خالد بن حمد المالك
لا يوجد لدى نتنياهو ما يبرر لإيقاف الحرب، حتى مع تصاعد احتجاجات أهالي الأسرى، فهو أولاً يحقق انتصارات كبيرة في كل من قطاع غزة ولبنان، وثانياً هو مطلوب للمحاكمة في إسرائيل، وثالثاً فمحكمة الجنايات الدولية أصدرت حكماً بالقبض عليه.
* *
إذاً هو مجرم بامتياز، وكلما استمرت حرب الإبادة، تأخر جره إلى المحاكمة، وتنفيذ ما يستحقه من عقاب على جرائمه، وعلى اتهامات تلاحقه على المستويين المحلي والدولي، لهذا فهو لا يلقي بالاً، ولا يستجيب لمن يطالبه بإيقاف مجازره في كل من قطاع غزة ولبنان.
* *
وإلى جانب كل هذا، فالولايات المتحدة الأمريكية تسانده وتعاضده وتدعمه لمواصلة القتال، من خلال مواقفها السياسية، وتزويده بأحدث أنواع الأسلحة التي يقتل بها الفلسطينيين واللبنانيين، ويهدم بها منازلهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم وكنائسهم.
* *
هذا الموقف الدولي المشين أمام جرائم من هذا النوع تتواصل منذ أكثر من عام، ولا من أحد يتصدى لها، أو يمنعها، أو يقول لهذا المجرم كفى ما فعلت، حتى وإدانته من محكمة الجنايات الدولية بأنه يمارس حرب إبادة، وأنه يستخدم تجويع الفلسطينيين لقتلهم لم تجد التأييد على إدانته من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ما يعني أنه تم التعامل مع الحكم بإلقاء القبض عليه، وتقديمه للعدالة بما يشبه عدم التجاوب مع القرار.
* *
ومع تجاهل أمريكا لإيقاف القتال في قطاع غزة، فإنها مع إيقافه في لبنان، ولكن بشروط إسرائيل، وإملاءاتها، واستثمار ما تقول إسرائيل إنه ثمرة انتصارها، يعني أن تستمر محتلة لجزء من الأراضي اللبنانية، وعدم الانسحاب منها، وأن يكون لها اليد الطولى في توزيع مواقع الجيش وميليشيا حزب الله، ونزع السلاح من حزب الله، وضمان عدم تسليحه من جديد، أو رجوعه إلى الحدود مع إسرائيل.
* *
إملاءات مذلة، وواقع يجسد العدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين، وعلى جيرانهم الآخرين، بحجة الدفاع عن النفس، مع إصرار جيشها على احتلال أراض ليست لإسرائيل، وقتل مدنيين ليسوا طرفاً في مقاومة عدوانها، وهدم منازلهم بحجة وجود مقاومين فيها للتصدي لعدوانها، وهو ما لم يثبت في كثير من المرات وجودهم، وآخرها ضرب وسط بيروت منذ يومين.
* *
نحن مع نزع سلاح حزب الله، وتحويله إلى حزب سياسي، وهو رأي كررناه كثيراً في أكثر من مقال قبل عدوان إسرائيل الأخير، وهذا ليس دعماً لإسرائيل، وإنما حماية للبنان، ودفع شر ميليشيا حزب الله ضد اللبنانيين، وجعل الدفاع عن لبنان من خلال جيشه الوطني، وقرار الحرب والسلم بيد الحكومة.
* *
لكن لماذا لا يكون نزع السلاح الإسرائيلي من حراس الحدود الإسرائيليين، حتى يتم منع الاحتكاك، وضمان الهدوء على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، لا أن يقتصر نزع السلاح وإبعاد اللبنانيين من حدودهم مع إسرائيل، دون أن يشمل الإبعاد للإسرائيليين على حدودهم مع لبنان، إلا إذا كان هناك مخطط استعماري مستقبلي، ونوايا خبيثة لشرق أوسط جديد، كما طالب زعيم المعارضة الإسرائيلية أمس بأن يتم تشكيل المنطقة.
* *
الحلول لاستقرار المنطقة، وتمتع شعوبها بحياة حرة كريمة تأتي أولاً وأخيراً بقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وبدون هذا الحل، فالحروب ستظل كرا وفرا، وصعود ونزول، وانتصار وهزيمة، وما يحدث اليوم قد لا يكون كذلك في المستقبل، ومن ينتصر اليوم قد يكون أمام موعد بهزيمة، لأنه كابر وعاند واستقوى، ولم يدرك ولم يتعلم من أن في الحروب دروسا وعبرا، ومتغيرات متحركة.
التعليقات