وأخيرا إنقضى عام 2016 كان مليئا بأحداث سياسية متلازمة بأحداث إنسانية هزت القلوب ولكنها لم تنجح في هز الضمير العالمي لإنهاء الأسباب السياسية التي كانت السبب في حصولها .. 

خلال الأعوام السابقة وفي ظل اللهاث الدولي حول العولمة وصعود مبادىء حقوق الإنسان ومحاولة ربط التجارة الدولية بالسلم من خلال تقليل الحواجز لمساعدة وتحفيز النمو والرخاء في الدول النامية, ربما لصحوة ضمير الغرب بعد الحقبة الإستعمارية .. وبرغم كل المجهودات .. كلها اندثرت مع عواصف العنف والإرهاب .. وإكتشفت الدول العظمى والصغرى بأن الأمن الإقتصادي للدولة ذاتها أكثر أهمية من مساعدتها في نمو إقتصاد دولة اخرى خاصة وبعد فضح تلاعبات السياسيين وفسادهم وزيادة ثرواتهم على حساب بقاء الغالبية المستهدفه من تلك السياسه على حالها .. 

ولكن أحداث العام والأعوام التي قبله بدءا من 11 سبتمبر .. كلها اكدت بأنه وبرغم الحلم الكوني وخطوات حسن النية للعولمة وفتح أبوابها للمهاجرين من كل بقاع الأرض ..إلا أن هناك ما هو أهم وتصدّر سلم الأولويات. الأمن .. ثم الأمن .. منطلقا من الأمن العسكري ليصل إلى الأمن الإقتصادي ولكنه وفي هذه المرة لن يخرج من حدود الدولة بل سيعاد النظر فيه من خلال حماية الأمن الغذائي وخطة تنمية إقتصادية ’مستدامة للمواطن محليا عن طريق إحياء الصناعات وإحياء الزراعة والإعتماد على الناتج المحلي اولآ . 

النتيجة الحتمية وبرغم كل آمال التفاؤل على الصعيد العالمي .. 

1- سنشهد صعود رؤيتين .. الأولى العمل على حماية الدولة القومية وصعودها .. والأخرى كفاح الليبراليين للحفاظ على العولمة .. وبين الرؤيتين أعود لأقول بأنني لا أقلق كثيرا على الغرب لأنني واثقه من قدرته على تخطي العقبات وعدم الوقوف على أطلال الماضي . فالبراغميتيه الفكرية هي التي ستغلب وتتغلب على الليبرالية المطلقة ولكن بحدود آمنه تحمي المواطن الإنسان بدون تضحية كبيرة بالمبادىء الليبرالية .. ما يقض مضجعي هو الشرق ..

2- أننا سنتابع مسلسل الإرهاب الدولي والذي بدأ السنة الجديدة بقتل 39 إنسانا من جنسيات مختلفه و69 جريحا ؟؟؟؟ وسيتخطى كل الحدود لأنها أصبحت معركة بقاء تستمد قوتها من أيدلوجية لا زالت محل صراع وحوار بين الحياة والموت.. ومن هو الأولى الحياة أم التسريع بالموت من خلال فقه الجهاد ؟؟؟؟

 

ولكن, الرئيس ألأمريكي الذي في طريقة للرحيل أصدر منبه إنذار عالمي لأمور وإن إعتبرناها متأخره إلا انها ستؤثر عالميا .. وستضع الفرامل على سياسة الرئيس القادم ، حين إستبق رحيله من البيت الأبيض وترك بصمتة للمسار المستقبلي لهذا العالم من خلال الأحداث التالية .. 

الحدث الأول .. عودة أميركا إلى القيم والأخلاقيات التي جعلتها دولة عظمى وذلك من خلال عدم إستعمال الفيتو الذي تعودت علية الحكومة الإسرائيلية وتمرير القرار 1334 الذي إعترف بعدم شرعية بناء المستوطنات الإسرائيلية والوقف الفوري لبناء مستوطنات جديدة .. قوة القرار في إستطاعة الأمم المتحدة وتحت البند السابع فرضة على إسرائيل بالقوة العسكرية إن لم تلتزم به الأخيرة ؟؟ ولكن وما هز الحكومة الإسرائيلية كان خطاب وزير الخارجية الذي تكمن قوته أنه موجهه للمواطن الأميركي تماما كما هو موجه للمواطن الإسرائيلي. بوقائع تطمئن اليهودي أينما كان بعدم تخلي الحكومة الأميركية عن الدولة الملاذ لليهود في كل مكان في العالم. حين قدّمت الحكومة الأميركية ما يفوق 38 مليار دولار على مدى العشر سنوات السابقة . واعطت إسرائيل أحدث الطائرات العسكرية .. ولكن عملية التدمير الذاتي التي تتبعها الحكومة الأكثر يمنيا في تاريخ الدولة الإسرائيلية هي ما جعل اميركا وحرصا عليها ان تتخذ الموقف الأول في تاريخ الولايات المتحدة وأن على إسرائيل الدولة والشعب الخيار ما بين الدولة الديمقراطية التي عليها واجب حماية الأقليات فيها وإعطاء حق التصويب لمليونين ونصف فلسطيني ( وبهذا قد تنتهي الدولة اليهودية ) وإما الإلتزام بالشرعية الدولية في دولتين منفصلتين لإنهاء هذا الصراع ؟؟؟ 

 

 

الثاني .. إتهام روسيا في مطلع أكتوبر العام الماضي بعمليات قرصنة معلوماتية خلال الإنتخابات الأميركية والتي أتبعتها الإدارة الأميركية قبل أيام من عيد الميلاد بطرد 35 ديبلوماسيا روسيا لدورهم في إختراق الإنتخابات . الأمر الذي لا يمكن المخاطرة به إلا إذا كان الرئيس الأميركي واثقا من هذا الإختراق ويملك إثباتا قاطعا عليه !!!

اهمية ذلك تكمن بأنه سيقيد الرئيس الجديد و’يجبره على توخي الحذر والبحث التام عن الحقيقة .. مهما كانت إيجابية نواياه لفتح صفجة جديده من العلاقات ؟؟ خاصة وبعد تصريح رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان بأن روسيا سعت بإستمرار لتقويض المصالح الأميركية .وساهمت في إضعاف أميركا في نظر العالم ..الأمر الذي وعد بتغييره وإعادة امريكا غلى عظمتها الرئيس القادم .

العقوبات الإقتصادية والمالية التي قد تواجهها الرئاسة الروسية ستشل حركتها ودورها الدولي لسنين قادمة ؟؟؟

الثالث .. تأكيد الإستخبارات الأميركية بتحديد مكان البغدادي وتتبعه .. مما قد ’يعطي الفرصة للعسكرية الأميركية القضاء على الدولة الإسلامية حين قتله أو القبض عليه .. ومن يدري فربما يحالف الحظ الرئيس أوباما وقبل رحيلة بعملية مماثله لعملية القضاء على بن لادن والتي أدت لتحجيم القاعدة .. وإن لم تخرج من الساحة الدولية ..

من كل ما سبق ولو حسبنا عامل العمر .. لأوباما المولود في 4 أغسطس 1961 نجد بأنها كلها أحداث قد ’تمهّد لعودة اوباما إلى البيت الأبيض في عمر الستين بعد الولاية الأولى للرئيس المنتخب دونالد ترامب !!!! خاصة وأن إحتمال إخفاق ترامب لا زال على الطاولة ..

حيث ولا ’يمكن إنكار أن سياسته الإقتصادية هي ما أنقذ اميركا بعد إنتهاء ولاية الرئيس السابق بوش .. 

التقارير تؤكد بأن نسبة البطالة في عام 2009 وصلت إلى 10% و’تعتبر الأسؤأ في تاريخ اميركا خلال آخر 26 سنة .. ولكنه ومن خلال قوانين وإجراءات تحفيزية شملت تخفيضات ضريبية وتشجيع للشركات على إستقبال موظفين جدد.. مما أدى وفي منتصف مايو 2014 ..إلى كسب حوالي 8,77 مليون وظيفة .

أيضا أن قطاع التصنيع ومع نهاية عام 2015 وصل إلى وضع أفضل مما كان علية في السابق حيث عمل اوباما على تشجيع العودة إلى صناعة السيارات التي وفّرت الكثير من الوظائف .. 

إضافة إلى تحقيق نموا كبيرا في قطاع الطاقة حيث عملت إدارته على العمل على سياسة إكتفاء ذاتي من خلال إنتاج النفط الصخري .. 

كلها مؤشرات إيجابية لإحتمال عودته إلى الساحة الدولية .. ومن يدري قد تكون زوجته ميشال أوباما المحامية المحبوبة جدا داخليا وخارجيا هي اول إمرأة رئيسة للدولة العظمى .. ففي السياسة عليك أن تفتح كل الإحتمالات ولكن يبقى الأهم وهو الإعتراف بأنه سيترك بصمة على المسار المستقبلي لهذا العالم المضطرب ..خلال الخمس سنوات القادمة ؟