&زيد سفوك

لقاء غامض سرعان ما توضحت معالمه ذهب اليه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى الرئيس الروسي، ووقف الرئيس الروسي واقفاً دون تقدم بأتجاه ضيفه عدو الآمس اردوغان للترحيب به، ليثبت للعالم ان الروس لا يغادرون مقرهم الاساسي للترحيب بالاخوان المسلمين او اي نظام اسلامي متشدد كما هو الحال في الحكومة التركية.

إن اسقاط الطائرة الروسية (التي اخترقت اجواء تركيا ) من قِبل الطائرات الحربية التركية كان دليل واضح بان اردوغان لم يكن من اعطى الضوء الاخضر لإسقاط الطائرة، فالمهلة الزمنية التي اخترقتها الطائرة الروسية للاجواء التركية لم تكن كافية لأعطاء الاوامر من القيادة العسكرية والسياسية لأقلاع طائرة حربية تركية ومواجهتها، وان كان لدى الحكومة التركية نية اسقاط تلك الطائرة لتم اسقاطها عبر مضادات الطائرات او باحدى الصاواريخ، وحتى لا ندخل في جدل تكتيكي عسكري فأن جميع الدلائل تشير ان هناك من كان يراهن على حرب روسية تركية ولا سيما بعد ان تدخلت روسيا بقوة في الملف السوري وارسلت بوارج حربية وجنود على الارض لمنع مشروع المناطق الآمنة التي اقترحتها تركيا بقوة في سوريا.

الصراع الطائفي الذي يفرض نفسه على دول المنطقة جعل من الروس التدخل والانتقام لتاريخ طويل من الصراع الاسلامي الشيوعي الذي أوجدته سيدة العالم امريكا. وهذا ما ادركته تركيا وسارعت الى تبني اسقاط الطائرة الروسية حتى لا تفقد هيبتها، وتعاملت مع الموقف بسياسة وحنكة دبلوماسيه الى حين البدء بمسرحية الانقلاب والقضاء على الايادي الامريكية والاوروبية المتواجدة بكثافة في مراكز القرار في الجيش العلماني، وما يقوم به اردوغان من زيارة خاصة للمنافس الامريكي في منطقة الشرق الاوسط ما هي الا رسالة قوية لامريكا للقيام بدورها في مسرحية الأنقلاب وتقديم الممثلين التي تحتاجهم تركيا ولا سيما الكومبارس، وتلك سياسة عثمانية بأمتياز ليكون لديها دليل واضح تستخدمه فيما بعد على ادانة الامريكان.

الخارطة الاقتصادية المخفية والتي بمثابة الشرعية للخارطة السياسية التي تقوم بها الدول العظمى قد تتغير بين ليلة وضحاها ولا سيما ان الاتراك هم احد اللاعبين الاساسيين في الملف السوري نتيجة الحدود العريضة الموازية للحدود السورية

والتي تعتبر المنفذ الوحيد لدعم المعارضة السورية، وهذا ما يدركه الامريكان والأسرائيليين جيداً وتعتبر ورقة ضاغطة عليهم، ومن مصلحة اردوغان اطالة الصراع في سوريا الى حين انتهائه من تأسيس قواعد الامبراطورية العثمانية، وبالجهة الاخرى تستفيد اسرائيل ايضاً من اطالة الصراع الى حين انتهائها من الصراع مع الفلسطينيين دون تدخل دول المنطقة او الدول العربية في شؤونها لتصبح الساحة مفتوحة لبداية جديدة من الدمار والحروب التي قد تهلك الشعوب من خلالها لتكون ضحية مصالح الدول العظمى في منطقة الشرق الاوسط.

عودة المباحثات السياسية بين الاتراك والروس تمهد لعودة العلاقات الاقتصادية وستكون بمثابة اعادة الأمل للنظام السوري، وانشاء حلف ثلاثي يضم فيما بعد النظام الايراني، وذاك ما يترقبه الخليج بعناية فائقة مما سيشكل خطراً عليها في المستقبل، فالروس والايرانيين لديهم صراع طويل ومستميت مع الاسلام، واردوغان المسلم يلوح بالأسلام كورقة ضاغطة لانضمامهم الى الاتحاد الاوروبي ومن غير المستبعد الدخول في مساومة عليها.

فها هو بزيارته للروس يوصل رسالة قوية للأدارة الاميركية ورئيسها ( يا سيد أوباما انظر اين استطيع ان اكون ) [email protected]

&

كاتب وسياسي كردي سوري

&