" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ". صدق الله العظيم

آخر الأخبار تشير الى أن ممثل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود بارزاني الى إحتفالية إحياء الذكري السنوية لكارثة حلبجة الكيمياوية قد إنسحب من الإحتفال إحتجاجا، لأن موقع المقعد المخصص لجلوسه في صدر القاعة لم يكن لائقا بمكانته وهيبته.

ففي تصريح أدلى به فاضل بشارتي مسؤول فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني في حلبجة لوسائل الإعلام المحلية أكد فيه" أن وفد حزبه الذي ترأسه الشيخ أدهم البارزاني تعرض الى إذلال كبير بسبب عدم ملائمة مقعد جلوسه في صدر قاعة الإحتفال، فالمكان المخصص لجلوسه لم يكن لائقا وهذا يعتبر إهانة كبيرة للحزب الديمقراطي ووفده"!

في مقال سابق كتبت حول الهيبة المزيفة التي يصطنعها بعض الديكتاتوريين لأنفسهم بقصد التعالي على شعوبهم وإظهار أنفسهم كنواب عن الله في الأرض، وهذه هي طبيعة كل الديكتاتوريين على مر التاريخ، لايختلفون في تصرفاتهم وسلوكياتهم سواء كانوا شرقيين أو غربيين، كردا كانوا أو عربا، أو من أٌقوام أخرى، قاسمهم المشترك هو التعالي والتكبر وإعتبار أنفسهم هبة الله..

إن كارثة إنسانية بحجم فاجعة حلبجة التي تعرض سكانها في عام 1988 الى أبشع جريمة إنسانية في القرن العشرين وهي جريمة قصفها بالغازات الكيمياوية المحرمة دوليا وإستشهاد أكثر من خمسة آلاف إنسان وجرح أكثر من عشرة آلآف من النساء والأطفال والشيوخ،كانت جريمة هزت الرأي العام العالمي وأعطت درسا بليغا لكل الأمم المتحضرة حول أهوال الديكتاتورية. وكان يفترض بهذه الكارثة أن تدفع ذكراها حكام اليوم الى الإعتبار من نتائجها وما جناه المجرمون الذين إرتكبوا تلك الجريمة الشنعاء من عقاب بتعليقهم على المشانق.

لقد قلت وأكررها مرة أخرى بأن"مصير كل الديكتاتوريين هو جحر الفئران أو الإختفاء داخل أنابيب المجاري..حينذاك لاينفع المواقع العالية لمقاعد الإحتفالات ولا الجيوش الجرارة التي يصطحبها الديكتاتور في جولاته، ولا القصور والحسابات المودعة بالمليارات في البنوك الخارجية، فربك يمهل ولا يهمل..