ينتظر الشعب قرارا ملكيا بطرد الحكومة الأردنية و تجريدها من صلاحياتها و أقالة أعضائها خلال ايام أن لم يكن ساعات بعد ان أججت الشارع بالسماح لقاتل اردنيين بالخروج دون ملاحقة. وبلا شك فأن الحكومة الأردنية تواجه وقتا عصيبا للغاية لا يعرف خطا احمر و لا أزرق.

لقد قامت كلتا الحكومتين الأسرائيلية و الأردنية ممثلتان برئيسيها اللذين قاما بالتنسيق معا وما يسمى بتعاونهما من خلال اتفاقية وادي عربة بعمل بحق الإنسانية و المواطنة الأردنية، و هو الاتفاق علي خروج وتهريب الاسرائيلي قاتل الاردنيين و بذلك أثارتا الفزع ومشاعر الحزن في قلوب الكثير من الاردنيين.

 و كلمة “تهريب” هي افضل ما يوصف به هذا العمل الذي دفع بكتاب و صحفيين و نواب و برلمانيين اردنيين في خط مقالات و رسائل مطالبة بأقالة الحكومة و محاكمة رئيسها وجهت الي الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الاردنية.

 كما أن الاتفاق على خروج اعضاء السفارة الاسرائيلية بالكامل من الاردن تآمينا و حماية لهم من اي اعتداء عليهم من الاردنيين الذين انتفضوا لقتلاهما الابرياء، و دون اي مساءلة او احتجاز كان سببا اخرا في الاشمئزاز من تصرفات الحكومة. وبعدها سمحت الحكومة الاردنية لمسيرة متظاهرين اردنيين ان تذهب الي السفارة الاسرائيلية التي اصبحت مبنى خال الا من الأحجار للاعتراض على ما حدث .

ولعل من التهم التي يواجهها رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي و اعضاء من حكومته، بعد اخراج المجرم الاسرائيلي سالما معافى من الاردن و الذي هو ضابط امن السفارة الصهيوينة المتهم بجناية قتل اردنيين اطلق النار عليهما في عمان فارداهما قتيلين مضرجين بدمائهما، في وضح النهار، في عاصمتهما و على مرأى من الجميع ، وهما محمد الجواوودة والطبيب الأردني بشار الحمارنة لن تقتصر على تهمة واحدة.

فمن تلك التهم حسب وجهة نظر رجال القانون تهمة “خيانة المسؤولية الوطنية و التفريط في السيادة الاردنية“، و تهمة المساهمة الجنائية بحالة استثنائية في الجريمة بستهيل خروج القاتل دون محاكمة او أي تدابير احترازية. و يضاف لما سبق تهمة عدم احترام الأحكام القضائية ومبدأ المشروعية وسيادة القانون اللذين هما أساس الحكم ، بل والتدخل في شؤون العدالة التي هي من صميم مسؤولية السلطة القضائية بأن ساهم بخروج القاتل واخفاء سلاح الجريمة و منع يد العدالة من الوصول اليه. و كل تهمة من تلك تحمل سنوات خلف القضبان حسب قانون العقوبات الاردني و حتي قانون العقوبات الاسرائيلي .

حتى لو حدث هذآ في سويسرا بنفس الظروف و الملابسات فأن رئيس الوزراء الاردني يعاقب بالسجن لأن الماده التاسعه تنص علي ان شريك المجرم كل من قام بالمساهمة في اخفاء معالم الجريمة او التخبئة او تصريف الاشياء الناتجة عنها او اخفاء من اشترك فيها. و طبعا بمغادرة المجرم القاتل تم اخفاء سلاح الجريمة وساهمت الحكومة الاردنية باخفائه عن انظار العدالة الاردنية.

واقصد أن تعريف” الصورة الاستثنائية للمشاركة في الجريمة” في قانون العقوبات هي انها لم تكن اشتراكا مباشرا في القتل و التخطيط له و أنما بعد الجريمة و بعلمها و معرفتها بالقاتل و ما قام به الفاعل من جرم حيث :“ تتمثل في القيام بدور ثانوي او تبقى في الجريمة كتقديم معلومات او مساعدة مرتكبيها في القتل او اخفائهم او تسهيل هروبهم من مكان الجريمة و التستر عليهم و ارشادهم الي مكان القتيل , وتوصف في هذه الحالة بالاشتراك او المساهمة الغير مباشرة او الثانوية او التبعية.” من قانون العقوبات المصري و الجزائري*(عادل قورة : محاضرات في شرح قانون العقوبات الجزائري ، ديوان المطبوعات الجامعية سنة ١٩٩٩). و ايضا قانون العقوبات الليبي يتحدث عن جرم تسهيل المجرم و القاتل.

آيا كان القانون الذي سيحاكم امامه رئيس الوزراء في حال رفع الحصانة عنه هنا متروك للقاضي الاردني حسب مقدار مساهمة كل من رئيس الحكومة الاردنية و بعض من الوزراء عن كل فعل و قرار اتخذوه و ارتكبوه عند السماح بخروج “المجرم القاتل” من حدود الأردن بعلمهم و أرادتهم.

و أقصد أنه كان لدى رئيس الوزراء و من خلال علاقة متلازمة وفرت لديه “العلم “ بان ضابط الامن الاسرائيلي قتل اردنيين “ ، وكان لدي رئيس الوزراء و بعض من اعضاء حكومته “الإرادة الشاملة “ بان ضابط الامن “مجرم قاتل لشخص عمدا و لاخر بالخطأ حسب اعتراف القاتل لجريدة معاريف لاحقا ، و مع ذلك اصرت الحكومة الاردنية بارادة شاملة على عدم محاكمته او تقديمه للقضاء حسب الاصول بالاضافة الي تسهيل مهمة خروجه من الاردن بعد الجريمة التي يعرف تفاصيلها و حيثياتها رئيس الوزراء ، مما يؤكد لأركان الجريمة وتوافر القصد الجنائي بصورتها الاستثنائية.

أن جريمة قتل الاردنيين الدكتور بشار حمارنة و محمد الجووادة على ارضهما و تراب وطنهما الاردني بيد ضابط اسرائيلي ، تعتبر جريمة قتل خارج إطار القانون و خارج اطار الاتفاقيات الدبلوماسية و حماية الدبلوماسيين، كما أنها تنطوي على جرائم أخرى يعاقب عليها القانون الاردني و الدولي، ومنها انتهاك السيادة الاردنية من قبل اسرائيل، والتفريط بالسيادة الاردنية من قبل الحكومة الاردنية. هذا لا يحتاج الي دليل او اختلاف في الرؤي القانونية او الوطنية .

ومن التهم المتداولة أن الحكومة الاردنية لم تتخذ اي تدابير احترازيه لعدم خروج القاتل من الاردن بل تقصدت عملية هروبه عبر الحدود مما يفسر علي انه مساهمه جنائية غير مباشرة من الحكومة الاردنية ، و مشاركة ذات ركن مادي و معنوي، و تلك جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن و الغرامة 

أن الدكتور بشار الحمارنة و محمد الجووادة هما أول مواطنين أردنيين يقتلا ثم بقرار من رئيس الحكومة الاردنية يسمح بمغادرة القاتل دون ان يعترضه احد، و المخزي أن لا يكون رئيس الوزراء رجلا مدافعا عن تطيبق القانون ليأخذ مجراه و أول رئيس وزراء اردني بل أول رئيس وزراء في العالم يصدر قرار السماح بالمغادرة لقاتل دون تحقيق و محاكمة، و ان يعف عنه بتبعية ذلك الهروب دون ملاحقة خارج اطار القضاء الاردني.

التفريط في السيادة و مساعدة قاتل علي الهروب و تسهيل مهمة خروجه لا تحتاج الي قرار من مجلس النواب لرفع حصانة لمحاكمة رئيس الوزراء الذي ساهمت حكومته في سلب حق الدولة في محاكمة “ قاتل” ايا كانت الاسباب.

أن حادثة مقتل الاردنيين ثم خروج القاتل بحماية الحكومة الاردنية تكرس ثقافة الاستقواء الاسرائيلي و تؤسس لقانون الغاب بما يؤثر سلبا على نتائج اتفاقية وادي عربة بين الاردن و اسرائيل، وتقدم المزيد من المبررات لثقافة التطرف والعنف.

الشعب بانتظار قرار قريب و قريب جدا يسمح للعدالة أن تأخذ مجراها في دولة من المفترض تحترم القانون و مواطنيها حيث لا يوجد اي سبب مبرر لما اقترفته الحكومة الاردنية وهي بكامل ارادتها الموجهة لتسهيل مغادرة القاتل دون تحقيق أو محاكمة و هي عالمة بأن تلك جريمة تعاقب عليها حسب كل قوانين العالم و خصوصا القانون الفرنسي في المادة 60 حيث نص علي أن كل من يساعد الفاعل علي الهروب من الملاحقة و يقدم له العون يعاقب باعتباره شريكا في الجرم.

[email protected]