الحكومة المتوقع أن يعينها الملك عبد الله الثاني في الأردن خلال الاسابيع القادمة مطلوب أن تكون حكومة" أمه ووطن”، لا حكومة عائلة او حكومة شلل انفراديه متفردة، حكومة ذات سيادة وطنية وسلطة شرعية وصاحبة ولاية عامة، لا حكومة مترهلة ضعيفة مناوئة لمتطلبات الشعب. المفترض انها حكومة المملكة الأردنية الهاشمية لا حكومة من الكون المجاور الاخر.
ويعتقد البعض ان إطلاق لقب "حكومة الملك" على الحكومة باعتبار انه من يعينها ويقيلها يضعفها ويقيدها ويعود علي الملك بالمحاسبة والمسؤولية عن الأخطاء التي ترتكبها والتي اعفاه منها الدستور، حيث يجب ان يتغير المسمى ليصبح حكومة الامة والوطن. أن لفظ "حكومة الملك " يذكرني بمحل احذية "القبطي" في جبل عمان في الستينات حيث وضع يافطة بجانب الاحذية كتب عليها " صانع احذية الملك”، وبعدها انتقلت الي " ساعاتي الملك" وغيرها من المحلات، فهل مطلوب من الحكومة اقتفاء نظرية صانع الأحذية؟
هنالك فرق لان السياسات تصنع للوطن لا للملك.
وتغيير المسمى يتوافق مع مرحلة الإصلاح السياسي المنشودة خصوصا ان بعض من رؤساء الحكومات يختبئون بعباءة الملك ويضربون بسيفه خاصرة الشعب تحت معطف القصر، والمشاركين في الحكومة يشعرون بفرحة لا تقدر بثمن ليس لها تفسير سوي انهم وزراء الملك، هكذا يعتقد جزء منهم، وبعض من النواب يخشون ازعاج الملك بأسقاط الحكومة باعتبارها تحمل لقب "حكومة الملك “، وهذا مفهوم خاطئ لان الملك لا ينزعج بتاتا إذا حكومة فاشلة تم اسقاطها، وهو بداية ونهاية يبحث عن الوطن والشعب والاستقرار وتحسين مستوي المعيشة.
ولعل هذا يفسر عدم جدية اهتمام الحكومة بالشعب ولا بقرارت مجلس النواب الذي يرهق نفسه أحيانا في الفحص والتمحيص لما تقوم به الحكومة من اعمال وما تأتي به من أفعال فتصبح الاستجوابات والمناقشات مسرحية يسدل ستارها يوميا في كوميديا سياسية سوداء، ويتبجح بعض من رؤساء الحكومات ان "الملك " راض عن الأداء وبالتالي ضمنيا يفهم من تصريحهم " لا أهمية لمجلس النواب".
أن وصف الحكومة وتغليفها بصفة "حكومة الملك” مجرد تسمية اسيء استغلالها لتامين حماية مصطنعة لحكومات بليدة وتم نفخها بأبواق اعلام حكومي تابع خلال سنوات، ومن ثم ضخمها بعض من المتزلفين والمنافقين، وقللت من شأن وكيان ودور مجلس النواب.
الحكومة المتوقع تعيينها بحاجة الي فكر جديد بدء من نوعية الوزراء وطرق اختيارهم، إعادة كتابة الوصف الوظيفي لكل وزارة، وتحديد مهام الوزير، الي فك الاشتباك بين الوزارات ذات الصلاحيات المتداخلة، الي المسؤولية التشاركية في قرار مجلس الوزراء لا انفراد الرئيس بالقرار واجراء تعديل كلما تمت معارضه أفكاره في مجلس الوزراء يخرج فيه من قال "لا" ويأتي من ليس له رأي.
واقصد على سبيل المثال، لا الحصر، وزارة التخطيط التي يجب ان تنفك عن مجرد التوقيع علي مستندات الي وزارة تعد وتضع استراتيجيات للأردن وبالتعاون مع القطاع العام والخاص، وان تصبح وزارة التخطيط الاستراتيجي والتعاون الدولي والاستثمارات.
وزارة قادرة على التفكير والصياغة وتقييم المنظومة الأردنية وتضع مسار لمستقبل الأردن.
ليس مطلوبا شرائح ملونه وبعض رسمات تعرض علي الملك تحت اعين الكاميرات وتنشرها الفضائيات ويتغنى بها اعلام الحكومة، بل مطلوب استراتيجية حقيقية بمشاركة شرائح المجتمع بكل اطيافه في الداخل والخارج ويتم الالتزام بتطبيقها ومتابعة تطويرها والتحقق من مؤشرات الاداء.
واقصد أيضا جمع كل الوزارات الهندسية معا في وزارة واحدة، ومنها الطاقة والكهرباء والنقل والاشغال العامة والإسكان، لتصبح وزارة واحدة وزارة المواصلات والمرافق العامة. ليس هناك حاجة لأكثر من وزير واحد، أن أي مهندس عمل خارج الأردن لديه خبرات في إدارة مشاريع اقل واحد فيها ثلاثة اضعاف ميزانية الأردن.
الملك عبد الله الثاني، بمكانته وخلفيته العسكرية ملكا جريئا ومانحا للفرص باحثا عن المهارات والكفاءة التي تعينه وتقف معه في ادارته للواقع المعاش والازمات المتلاحقة والخانقة للأردن، وهو حريص على وطن متماسك اقتصاديا وسياسيا، وسبق ان كلف مواطنين من داخل الأردن بدون ان يكونوا وزراء سابقين من قبل برئاسة الحكومة، منهم سمير الرفاعي (٢٠٠٩)، اللواء الدكتور معروف البخيت (٢٠١١)، مما يعني انه لا مانع او عائق لتكليف أي من الخبراء في الخارج بالرئاسة، أن راي فيه الملك التأهيل والكفاءة المناسبة.
وأيضا من حق كل مواطن أردني ومواطنة مؤهل ان يقدم نفسه للملك بالطريقة التي يراها مناسبه للخروج من الازمة التي يمر بها الأردن وتنعكس على الجميع بلا استثناء، لا غضاضة في ذلك، اليس هناك مرشحون في دول ديمقراطية يعلنون عن أنفسهم ورغباتهم في تولي منصب رئيس الحكومة، في دول ملكية مثل بريطانيا وكندا حيث الشعب هو صاحب القرار.
لكن لم يأت الذكر يوما خلال عشرين عاما من حكم الملك عبد الله الثاني، للاستفادة من مليون مواطن أردني في الخارج بين مغترب وعامل وموظف ومستثمر ومهاجر، بينهم علماء، مهندسين ورجال اقتصاد وسيدات اعمال، خبراء قانون ومفكرون وأطباء وعلماء اجتماع و فلسفة وغيرهم ممن ساهموا في نجاحات منقطعة النظير للدول التي عملوا بها والهيئات الدولية والمنظمات العالمية وبالإمكان الاستفادة من خبراتهم وكقائتهم التي تعمد اهمالها بعض من مسؤولي " النفعية" في الداخل.
غير مستبعد بتاتا ان يكلف الملك شخصية من خارج "جراب الحاوي ومصنع تدوير النفايات المحلي وبورصات الامن " في الداخل، وان ينهي نظرية وزراء أبناء الوزراء الموتى والتوابيت المتوارثة، وان ينطلق يد بيد في سماء تميز أبناء الوطن فنري رئيسا للوزراء ووزراء من أبناء الأردن ممن هم في الخارج، مع زملاء لهم من الداخل في نسيج تناغمي لمصلحة "الأردن أولا”، فيسطع نجم حكومة جديدة، حكومة " الأمة والوطن" لا حكومة "الملك" والديناصورات اللذين تحدث عنهم سابقا.
التعليقات