ورثت حكومة الدكتور هاني الملقي في الاردن قانونا للانتخاب مبهم و مبني علي القوائم الانتخابية،و حسابات تماثل الانابيب المستطرقة، بصفتها حكومة تسيير اعمال، مطلوب منها الاشراف علي الانتخابات ثم الرحيل مع انتخاب مجلس النواب الجديد يوم ٢٠ سبتمبر ٢٠١٦ لتنهي مائه و عشرين يوما هي كل ما حدد لها للبقاء في كرسي الدوار الرابع، المعروف بمبني رئاسة الوزراء.
&و الملك عبد الله الثاني وحده صاحب قرار اعادة تكليفها او عدم تكليفها، و الشعب والصحافة الحرة وحدهما قادرين علي اسقاطها بتشكيلتها الضعيفة الحالية و ارتباكتها في مواجهة ما يحدث في الساحة، ومن ثم حرمانها من التواجد هناك، بالاضافة بالطبع الي مجلس حر غير مسيطر عليه، و ايضا القرار و التوصية الامنية بدعمها او اسقاطها كما حدث مع عديد من الوزارات في تاريخ الاردن القريب البعيد.&
&
الامن اوصل الرئيس و الامن خلع الرئيس
الواضح ان التحالف الشعبي لمقاطعة الانتخابات قد قطع شوطا جيدا في الوقوف ضد المشاركة و الاقبال علي الانتخاب مما حدا بمرشحيين و نواب من العشائر للعدول عن الترشح بعد اعلانهم ذلك في الصحف و مواقع التواصل الاجتماعي،باستنثاء مرشحي السلطة. و لاحظ المتابعين للانتخابات انه وبعد مشاركتهم قوائم انتخابية و نشر صورهم و ارسالها عبر الواتس اب وطلبات الدعم و المؤازره تم التراجع عن المشاركة في الانتخابات، و منهم علي سبيل الذكر لا الحصر النائب البرلماني و نقيب الاطباء الاسبق الدكتور ممدوح العبادي، الذي تقلد منصب امين عمان و منصب وزير الصحة و امين عام لجنة دعم الانتفاضة الفلسطينية، و منهم النائب مصطفي الرواشده الذي تقلد منصب رئيس لجنة النزاهة النيابية و غيرهما.
&
بداية ضعيفة للانتخابات النيابية&
و الواضح ان الحكومة و الامن لاحظا بداية ضعيفة للانتخابات وبوادر اقبال ضعيف من الناخبين و عدم اهتمام في مقابل قوة شديدة معارضة لها تدعو للمقاطعة، وبالعرف السائد فآن الاطراف الحكومية و الامنية في المعادلة الانتخابية لا يريدان ان يظهر قوة التحالف المقاطع للانتخابات المسمي “ الهيئة الوطنية لمقاطعة الانتخابات “ و المساندة الشعبية الذي يحظي بها في الشارع داخليا و خارجيا، و لها مدلولاتها، و لا يريد ان يمنح نواب سابقون منهم زعيم المعارضة الاردنية المهندس ليث شبيلات اي نقاط تميز قوة تآثيرهم في الساحة، خصوصا بعد رسالته القوية الاولي ردا علي وصف رئيس هيئة الانتخابات لكل مقاطع بآن الاردني مجرم في حق الوطن اذا قاطع الانتخابات.&
و لقد جائت الرسالة الاولي بقلم النائب الاسبق ليث شبيلات بعنوان: من هو المجرم؟ اهو المقاطع؟ ام الذي سرق المجلس النيابي و من يوافقه؟ بتاريخ ٢٩ يوليو (تموز) ٢٠١٦.
تلك الرسالة التي حجم فيها رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، الذي عرفه بآنه انتقل من معسكر اليسار المعارض الشيوعي الذي كان يري الخيانة اساس الحكم ( و هو ما لا نتفق مع رئيس الهيئة فيه وقت ان كان شيوعيا و لا بعده )، و انتقل الي اقصي اليمين القابع في بوتقة الامن يري المقاطع للانتخاب خائن و مجرم. و لم يكتف النائب الاسبق ليث شبيلات برساله واحدة بل الحقها في رسالة ثانية نشرتها الصحف المحلية الالكترونية بعنوان “ في الجرائم الدستورية! من هو الغيور علي الاردن و علي نظام حكمه؟”.&
تلك الرسالة التي قارن فيها بين رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات و معتبرا اياه قد استقال من اردنيته بوزير تخطيط من اصول فلسطينية و عضو مجلس اعيان رفض الموافقة علي منح المزيد من الصلاحيات و التنازل عن حقوق رئيس الوزراء الي الملك، رافضا التعديلات الدستوريه علي الماده اربعين من الدستور، مثبتا اردنيته و مصداقيته.
و في نفس الوقت و الرسالة وصف نائب رئيس الوزراء في الحكومة الحالية الدكتور جواد العناني بانه:“ المحللاتي الذي يجيب دوما بكلام بينه و بين الدستورية ما بين اللغة الصينية و العربية “.
و اقصد ان الساحة ساخنة و المواجهات بين المعارضة و الحكومة ستزداد في الايام القادمة.
&
الغذاء الامني و العشاء السياسي
مما سبق، يعتقد البعض ان اتجهت الحكومة الاردنية لمثل متداول: “ اتغذي به قبل ان يتعشي بك”، للاعلان ان هنالك ثمانمئة الف مواطن خارج الاردن لن يتمكنوا من الانتخاب عبر مدير الاحوال المدنية للتغطية علي فشل اكيد متوقع في اعداد من سيدلي بصوته يوم الانتخاب و انسحاب المترشحين مقاطعين العملية الانتخابية، علما ان تلك الفئة من المواطنين كانت و لا تزال دوما في الخارج، و سبق اجراء انتخابات نيابية لسنوات عديدة تحت نفس الظرف، و لم تنطق اي حكومة او تهتم بهم، باستثناء وقت ترشح احد الوزراء عن الدائره الثالثة في التسعينات من القرن الماضي، حيث تم نقل العديد منهم بطائرات خاصة من الخليج للتصويت للوزير المحظوظ الذي نجح بدعم النظام و باستخدام المال السياسي الساخن!!.
&و كان ان صرح مدير الاحوال المدنية، الذي يحظي باحترام كبير في الساحة الاردنية، يوم ١٣ يوليو (تموز) لوكالة الانباء الاردنية:” ان عدد من يحق لهم الانتخاب والمسجلين في كشوفات الناخبين بلغ اربعة ملايين و134 الفا و903 ناخبين الا ان ما يزيد على 800 الف مواطن يعملون خارج المملكة اضافة لعشرات الالاف ممن يغادرون المملكة لأسباب عدة منها الدراسة في الجامعات وهذه الفئة تقع ضمن دائرة ممن هم مسجلون في سجلات الناخبين ويحق لهم الاقتراع الا ان قانون الانتخاب لا يوفر الاليات في تمكينهم من قيامهم بواجبهم الوطني في حال وجودهم خارج المملكة وبالتالي فان ما يقارب المليون ناخب لن يتسنى لهم المشاركة في الانتخابات.”. انتهي الاقتباس.
&
عدم الثقة بنزاهة الانتخابات النيابية
و اعود الي الدعوة الي مقاطعة الانتخابات التي نشرت في مواقع و جرائد عده منها العربي الجديد، عمون، الراي اليوم، القدس العربي، و غيرهم، و ارسلت عبر البريد الالكتروني، و عبر الواتس اب، و الرسائل الهاتفية النصية في الداخل و الخارج حيث استندت الي:”"القناعة السائدة في مختلف أوساط شعبنا بعدم الثقة بنزاهة العملية الانتخابية، ودور المال السياسي، والتدخلات الأمنية القمعية، والقوانين المقيدة للحريات العامة، وسيطرة صندوق النقد والبنك الدولي على القرارين الاقتصادي والسياسي الأردنيين”. انتهي الاقتباس.
و من طرف اخر، يري البعض من كتاب الحكومة، و احد المستشاريين السابقين لرئيس وزراء سابق:” ان تآجيل الانتخابات تتسرب التحليلات حول ان الانتخابات النيابية قد تؤجل لاعتبارات كثيرة، كلها تتحدث عن عدم تفهم طبيعة القانون الجديد من الناخبين والمخاوف من انخفاض نسبة الاقبال على الانتخابات، مضيفا: “ان الظرف الاقليمي واحتمال توسع الصراع السوري الى مساحات اخرى، فيما السبب الثاني في بعض التقييمات، احتمال حصول الاخوان المسلمين على عدد كبير من المقاعد، توظيفا لغيابهم” انتهي الاقتباس.
و اقصد من المسؤول هنا عن موضوع النزاهة؟ هل اجهزة الدولة التي فشلت في اقناع المواطن، ام الممارسات السابقة؟ ام التوقعات المخيبة للامال؟
للاسف، في كل دورة تنتهي مدتها او مجلس يتم حله، هنالك قانون جديد للانتخاب يتم تفصيله من قبل ترزية القوانين، و الذي يقال انهم يستعينوا بمحلل لبناني الاصل، الذي يوصف بقدراته الهائله علي تحليل نتائج و اتجاهات الفائزين بناءآ علي القانون المقترح، و في كل مرحلة هنالك اتفاقات علي اعداد المرشحيين مع الاخوان المسلميين، و هنالك ورقة حسن سيرة و سلوك تمنح لمن تري الاجهزة انه لا ضرر من ترشحيهم او تواجدهم في المجلس النيابي.
&
انتفاء الجواب لانتفاء الشرط: مبدء قانوني و عرف سياسي&
القانون الجديد للانتخابات و التعديلات الدستورية فرضت استقالة الحكومة التي يتم حل المجلس في عهدها و لا يسمح لها بالعودة للاشراف علي الانتخابات، و بالتالي رحلت حكومة الدكتور عبد الله النسور و اتت مصادفة حكومة الدكتور هاني الملقي الموقتة الي حين.
و نفس القانون و انظمة الدستور، تتحدث عن عودة مجلس النواب في حال لم يتم انتخاب مجلس خلال اربعة اشهر، و بالتالي فان عدم اتمام العملية الانتخابية سيدفع بهذا الاتجاه، و خبراء القانون ايضا، اكدوا ان عودة المجلس ينفي صفة رحيل حكومة الدكتور عبد الله النسور، و بالتالي تعود من جديد لتولي مهامها لانها لم تستقل و انما طبقت احد بنود القانون.
لذا عودتها يقع ضمن “مبدآ انتفاء الجواب لانتفاء الشرط.”
و هو ما يدفع مجددا برحيل الحكومة المـؤقته التي اجتهد رئيسها الدكتور هاني الملقي المعروف بذكائه و حنكته و قدراته في ادارة الاجتماعات و تنفيذ كل ما يطلب اليه و منه، و لكنها حكومة يري البعض انه فشلت باختياراته نفسه وبعض من فريقه الضعيف، كما يري اخرون انها حكومة ارتبكت في التعامل مع و معالجة قضايا عدة منها قوة الانتخابات النيابية، و المجرم الذي قتل ضباط المخابرات الذي سيعدم دون ان يعرف التفاصيل احد، احداث ذيبان و معان، الاعتراض علي و تكفير المسلم الذي يقوم بالتعزية في وفاة مسيحي، ضرب رئيس مجلس ادارة مؤسسة الاذاعة و التلفزيون، طرد مذيعه لانها تحدثت عن المفتي مدافعه عن الوحدة الوطنية، وكلاء السيارات، الجمارك، ارتفاع اسعار الملابس، اعتصام اصحاب المدارس الخاصة في السلط، التوقيع عل شروط البنك الدولي، الوساطة في التعيينات، نقل سكرتيرة الي رئاسة الوزراء، و غيرها من القضايا.
و لا يري البعض نجاح لتلك الوزارة المؤقتة، او في زياراتها الميدانية المصورة، الا في اصلاح مصعد في مستشفي البشير الحكومي بعد زيارتين لرئيس الوزراء وزيارة ثالثة لوزير الصحة لنفس الموقع!
&المعارضة في الانظمة الديمقراطية دورها مساعدة الحكومة في اتخاذ القرارات السليمة بالاعتراض علي كل ما يآتي بالضرر علي الوطن و الشعب، و من هذا المنطلق يجب ان تتعامل الحكومة و الامن للاستفادة من المعارضة الوطنية التي هي اساس الحكم العدل، ان فعلا الديمقراطية هي المنشودة.
&
التعليقات