تتحكم الأجهزة الأمنية السورية داخل كوردستان سوريا بالقضية الكردية منذ سنة 1957 ( تشكيل اول حزب كردي ) ، وحتى دخول عام 2018 في منتصفه ، مازالت الادارة العامة في دمشق توجه افرعها لإدارة هذا الملف دون ان تعي الاحزاب الكردية انه ان كان يدل على شيء فهو دال على ان النظام في دمشق لا يعتبر القضية الكردية قضية سياسية ولا يعترف بها وانما يعتبرها تنظيم صغير لا يتعدى حصولهم على نصف تفاحة من مزرعة كبيرة ، وما تشهده المناطق الكردية من تحركات ومناقشات لا يتجاوز سقفها التفاوض مع قيادي بعثي او احد ضباط الاستخبارات المستلمين للملف الكردي خير دليل على ذلك ، حيث تشهد مدينة قامشلوالكردستانية منذ ما يقارب عامين تحريك لعملاء البعث من بعض الكرد اصحاب الشهادات الذين ينظرون لا نفسهم كطبقة مثقفة والبعض طبقة حزبية وسياسية مستقلة الهدف من سياستهمتدمير العمق القومي الكردي وتلميع صورة البعث بطريقة ثعلبية ، متناسين ان بوجود التطوروالتكنولوجيا ومفاهيم المعرفة بات الشارع الكردي يعلم حقيقتهم والتاريخ دون افعالهم بطريقة متزامنة مع التطورات التي حصلت على الارض وباتت نواياهم واهدافهم مكشوفة الغطاء والفشل سيكون نهاية طريقهم لانهم باعوا ضمائرهم في سبيل المال والبحث عن مناصب لهم داخل اروقة المؤسسات التي يديرها النظام من خلف الستار .
على مر هذه الاعوام تدخل القصر الجمهوري ثلاث مرات في هذا الملف وكان بمثابة اعتراف رسمي بوجود شعب كردي موجود على ارضهِ والفضل في ذلك يعود للشعب الكردي وحده بعيداً عن احزابه الكلاسيكية ، حيث في 21أذار عام1986 استشهد سليمان ادي برصاص قواتالحرس الجمهوري أثناء المسيرة الاحتجاجيةالتي قام بها بعض المناضلين من الشعب الكردي امام القصر الرئاسي نتيجة قرار منع الاحتفال بعيد نوروز القومي ، فتم اجبار حافظ الاسد آنذاك للتدخل بإصدار مرسوم جمهوري لتحديد يوم 21 اذار كعطلة رسمية ، ورغم تحديده كعيد للام واخفاء الطابع الكردي الا انه كان انجازا حقيقيا ان يضطر القصر الرئاسي للرضوخ والتدخل في الملف الكردي .
جاءت انتفاضة 12 اذار عام 2004 التي اشعلها الشعب الكردي ايضا بعيدا عن احزابه الهشة واجبرت الاسد الابن ان يتدخل ايضا ويصرح بوجود شعب كردي في سوريا ، والجدير بالذكر بعد تصريح النظام واعترافه بالشعب الكردي ادرك انه لن يستطيع مجابهة ارادة الشعب، فأعاد افرعه الامنية لإدارة الملف من جديد عبر بعض الاحزاب الكردية التي اخمدت الانتفاضة .
جاءت الثورة السورية نهاية 2011 لتكون بارقة امل ، سرعان ما عاد الشعب الكردي للوقوف مع باقي الشعب السوري من خلال التظاهرات العارمة وايضا اجبر القصر الرئاسي ان يتدخل ويعود للاعتراف بوجود شعب كردي ومحاولة ايجاد حل لقضيته، والجدير للملاحظة في الخطوات الثلاثة ان القيادة في دمشق كانت مجبرة للتدخل في هذا الملف ومن غير المستبعدلو تم الاستمرار بالضغط عليها كان سيؤدي الى اعتراف رسمي بالحقوق القومية للشعب الكردي ، الا ان الاحزاب الكردية كانت تتدخل بالتواصل مع افرع المخابرات للقضاء على الشارع الكردي واعادة الملف ضمن اروقة الاجهزة الامنية لإعطاء دور مناسب لهم، وهو نفس الحال لدى ما يسمى الائتلاف حيث خلال جميع المؤتمرات الدولية والاقليمية التي جرت خلال سبعة اعوام منعت ادراج القضية الكردية داخل ورقة التفاوض مع النظام وتقوم بتأجيله وبموافقة الاحزاب الكردية المشاركة معه .
عادت القضية الكردية من جديد لترتبط مصيرها بقلم الاستخبارات السورية ، حيث تقومالاستخبارات بأرسال موظفيها على هيئة سياسيين ومثقفين لأجراء حوارات مع بعض ممن يدعون تمثيلهم لحقوق الكرد في سوريا ، وبالتنسيق المباشر مع بعض الشخصيات الكردية اصحاب الشهادات الذين يعملون بالخفاء للترويج بان دمشق مستعدة للتفاوض فيما يتعلق بالقضية الكردية ، طبعا يبقى مصطلح دمشق غامضا لدى الكثيرين من خلال سياسة منهجية ، فالحقيقة المطلقة ان دمشق التي يتحدثون عنها هي ليست القصر الرئاسي او القيادة صاحبة القرار، وانما هي الاستخبارات فقط لا غير ، ويبقى مصير الشعب الكردي مرتبط فقط بالشعب الكردي وحده الذي ومن خلال تاريخه الاخلاقي والثقافي والقومي يُثبت ان صرخته ستأتي يوما وستكون هي القلم التي تجبر نظام القمع والديكتاتورية ان يوقع على حقوقه القومية مهما طال الزمن ، لم يحمل هذا الشعب يوما السلاح بل كان مطالبا بالسلام دوماً ، وربما عدم حمله للسلاح وقتال النظام لأنهيعي تماما ان صرخة حناجره كانت وما زالت كافيه لتهز عرش النظام بأكمله .
كاتب وباحث سياسي
التعليقات