كان عام 2017 كارثياً على داعش من الناحية العسكرية وتوالي الهزائم العسكرية وفقدانها لأغلب المدن والأراضي التي كانت تسيطر عليها وتديرها والتي أقامت فوقها دولة الخلافة المزعومة، إلا أن هذه المنظمة الإرهابية ما تزال تمتلك قدرات عسكرية مهمة وعدد من المقاتلين الموزعين على الكثير من بلدان العالم وبإمكانها العودة وشن هجمات خاطفة ومؤذية سواء في العراق أو في سوريا حيث هناك بقايا لفلول وخلايا نائمة وتجمعات سرية متخفية هنا وهناك لا سيما في المناطق المتاخمة للحدود العراقية السورية.
ففي نوفمبر سنة 2017 خسرت الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش" منطقة نفوذها المركزية في العراق عندما شنت قوات الجيش العراقي والشرطة الإتحادية ومتطوعي الحشد الشعبي، بمؤازرة قوات التحالف الدولي وبتغطية جوية مكثفة، وحررت مناطق غرب الأنبار ـ راوة والقائم ـ وقبل ذلك التاريخ بشهر نجحت في تطهير الحويجة من الإرهابيين الدواعش وتصفية هذا الجيب الإرهابي الخطير وفي شهر آب تحررت منطقة تلعفر ولكن المواجهة الأهم كانت في تموز 2017 إبان معركة الموصل، ولقد لوحظ أن داعش استقتلت للحفاظ على تلك الأراضي بيد أنها كانت تعلم وتستعد لفقدانها والاستعداد للعودة للعمل السري الذي كانت تمارسه قبل ذلك في نيسان 2013، أي قبل ولادة دولة الخلافة في عام 2014. فتجربة الحكم العلني ومحاولة تأسيس دولة بالمعنى الحديث لمفهوم الدولة خلال ثلاث سنوات ونصف قد منحت هذا التنظيم تجربة وخبرة عسكرية لا يستهان بها أضيفت لتجاربها السابقة ، فقد امتلكت خبرة وامتلكت أداة إعلامية ودعائية مؤثرة. وفي نفس الوقت تمرست القوات المناوئة لداعش في الميدان وعلى أرض المعارك على أساليب ومناهج حرب العصابات وحرب المدن وهذا ينطبق على نحو خاص على قوات الحشد الشعبي التي تأسست في حزيران 2014 إثر فتوى للجهاد الكفائي أطلقها المرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني .
شهدت الأشهر الأولى من عام 2018 تصاعداً لتحركات إرهابية جديدة في العراق في المناطق التي حضرت داعش لعودة عصاباتها المسلحة إليها لشن حرب عصابات خاطفة باسلوب ـ الكر والفر ـ ولقد سبق أن أعلنت داعش هذا التكتيك القتالي الجديد وعممته على مسلحيها الناجين من عمليات التحرير، كما جاء في العدد 125 من مجلتها الدعائية الأسبوعية " النبأ" الصادرة في 29 آذار 2018. وغدت الهجمات أكثر كثافة ابتداءاً من شهر آذار من هذا العام. ورغم ذلك لم تفلح داعش في تهديد أو عرقلة، ناهيك عن منع، تنظيم الانتخابات التشريعية العراقية التي جرت في الثاني عشر من شهر آيار 2018 ، وما تزال تناور عسكرياً في عدد من المناطق العراقية خاصة من قبل العناصر العراقية للتنظيم ، وأكثر مناطق التمرد الداعش المسلح تجلت في " ولاية كركوك" كما يسمونها حيث بقيت داعش مسيطرة لغاية شهر أكتوبر 2017خاصة في منطقة " الحويجة" وبعد تحرير الموصل بقي هذا الجيب الداعشي نشطاً خاصة في مجال الدعاية والبروباغندا مقارنة بباقي جيوب المقاومة ، حيث شنت فلول داعش هجمات ليلية مباغتة خلال صيف 2017 ضد مواقع كردية عراقية أو تجمعات مسلحة تابعة للحشد المطوقة للجيب الداعشي المذكور. انسحبت عناصر داعش للمناطق الريفية والجبلية المحيطة ولم تشتبك في مواجهات مباشرة في الأزقة والشوارع للحفاظ على حياة أكبر عدد ممكن مما تبقى من مقاتليها وإعدادهم للعودة للتمرد العسكري السري . حيث يختفون بعد هجماتهم في المغارات والأنفاق التي حفروها خاصة في جبل حمرين . وقد راقبوا المعارك المحدودة التي اندلعت بين القوات النظامية العراقية وقوات البيشمركة الكوردية عند استرجاع الحكومة العراقية لكركوك من سيطرة الكورد عليها، واستغلوا هذا الظرف لإعادة ترتيب أوضاعهم . ولقد ظهرت في هذه الأثناء منظمة سرية مسلحة مجهولة سمت نفسها " الرايات البيضاء" وهي غامضة وبعيدة عن أساليب الدعاية إلا فيما بين أعضائها ومنتسبيها. ويعتقد أن من بين أعضائها عدد من مقاتلي داعش وبعض الكورد المستائين من عودة الجيش العراقي النظامي للمنطقة بالقوة. ولقد نصبوا كميناً لبعض قوات الحشد الشعبي في منطقة الرياض الواقعة جنوب شرق الحويجة وذلك في أكتوبر 2017 في قرية السعدونية تحديداً جنوب غرب الرياض، استشهد فيها 27 مقاتلاً من قوات الحشد الشعبي . وهذا مؤشر على قدرة داعش على ترميم صفوفها بالقرب من الحويجة والرياض على الطريق الدولي بين كركوك وبغداد.وفي آذار أقامت داعش سيطرة وهمية وتمكنت من أسر وإعدام العديد من مقاتلي الحشد الشعبي أو من الشرطة الإتحادية أثناء عودتهم في إجازتهم، وقاموا بحرق منازل منتسبي الحشد أو المتعاونين مع القوات العراقية النظامية، وقاموا بتفجير سيارة مفخخة في كركوك نفسها، كما أقدم تنظيم داعش الإرهابي على الهجوم على منزل عائلة في مجمع حمرين، وقام بقتل أفراد العائلة وسرقة جميع المصوغات والأشياء الثمينة الموجودة في المنزل"، حيث أن "المجموعة الإرهابية قتلت جميع أفراد العائلة وهم أم و3 بنات، إحداهن تعمل في مكتب مفوضية الانتخابات في محافظة ديالى"، كما نشر تنظيم "داعش" مقطع فيديو لستة أشخاص اختطفهم التنظيم الإرهابي على طريق كركوك بغداد، بينهم أشخاص من كربلاء واحدهم من محافظة الأنبار، حيث هددوا بقطع رؤوسهم ما لم يتم الإفراج عن نساء التنظيم المتواجدات بالسجون العراقية.إثر ذلك اجتمع القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي مع قادة الأجهزة الأمنية والإستخبارية، فقد اتخذت خلاله عدة إجراءات وأوامر لتشكيل عمليات خاصة لحماية المواطنين وتأمين الطرق من عصابات الإرهاب والجريمة"، كما جاء في بيان حكومي، وقد تم على الفور تنفيذ حملة لملاحقة العناصر الإرهابية"، حيث تصدت للإرهابيين "قوة أمنية تمكنت من إلقاء القبض على عدد من عناصر عصابات الإرهاب والجريمة التي لها صلة بحادثة الاختطاف التي حصلت على طريق محافظة كركوك مؤخرا، وبالأخص اختطاف عدد من المدنيين والمنتسبين. يمكننا القول أن جل النشاطات الإرهابية الأخيرة لفلول داعش تركزت جغرافياً حول الحويجة وما يحيطها، والرياض وما يحيطها، بالقرب من الطريق الدولي بين كركوك وبغداد، وأحياناً تتمدد إلى منطقة الزاب غرب محافظة كركوك والراشد جنوب محافظة كركوك وفي الداقوق جنوب شرق المحافظة حيث نشطت بقايا داعش في وضح النهار في بداية شهر آيار وكذلك في منطقة الدبس شمال محافظة كركوك. ومما لاشك فيه أن هناك خلايا خفية وسرية ما تزال تعمل داخل كركوك نفسها. تبدو النشاطات الإرهابية كلاسيكية وعشوائية غير مبرمجة استراتيجياً، وتتلخص أحياناً بزرع عبوات ناسفة وألغام ضد السيارات على الطريق الدولي وفي الشوارع ونصب كمائن وسيطرات وهمية ضد العجلات والمسافرين و وقصف ومهاجمة بيوت لمسؤولين وتجمعات للجيش والشرطة والحشد الشعبي. أثارت مثل هذه النشاطات الإرهابية قلق السلطات العراقية خاصة في جنوب غرب محافظة كركوك فلقد هاجمت عناصر داعش الإرهابية خطوط نقل الطاقة الكهربائية مما حرم الحويجة وتكريت من الكهرباء. استخدمت قوات التحالف الدولي الطائرات وقصفت أماكن تواجد الإرهابيين داعمة القوات الأمنية العراقية المحلية وشاركت الطائرات العراقية بعمليات القصف كذلك. وقد نجحت القوات الأمنية في إلقاء القبض على بعض الإرهابيين ومن ساعدهم وقدم لهم الدعم اللوجستيكي من أبناء المنطقة. أما غرب كركوك فقد اقتصرت العمليات الإرهابية على مهاجمة سيارات قياديين في الحشد الشعبي بعبوات ناسفة أو بزرع ألغام في طريقها. ولقد حوصر ثمانية مقاتلين في داعش في قرية الغريب الواقعة جنوب الزاب مما اضطر بعضهم إلى تفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة أو قتلوا في المواجهات المسلحة. من بينهم الأشخاص الثلاثة الذين تنكروا بزي الحشد الشعبي في 23 آيار الماضي وأعدموا مسؤول قرية ذوربان جنوب غرب الحويجة، محجوب مختار، ولقد انتشرت الفرقة الذهبية لمكافحة الإرهاب في محافظة كركوك لمواجهة هذا الخطر الإرهابي الجديد الذي نشط بعد اندحار داعش رسمياً.
يختلف الوضع قليلاً في ما سمته داعش بــ " ولاية ديالى" فلقد تحولت داعش إلى وضع التمرد السري في المنطقة منذ ثلاث سنوات بعد أن كانت محافظة ديالى مرتعاً للإرهابيين منذ فترة انتشار تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق وكانت تستخدم كمنطقة انسحاب للعناصر الإرهابية بعد أداء مهماتها الإرهابية للاستراحة والإحتماء وكانت بمثابة منطقة نفوذ وانطلاق جغرافية للقاعدة وفيما بعد لداعش. ففي حزيران 2014، بعد سقوط الموصل بيد داعش الإرهابية، وتوسع وانتشار داعش في مناطق شمال وغرب العراق، حاولت المنظمة الإرهابية التوسع انطلاقاً من الشمال الشرقي للمحافظة والتسلل نحو الجنوب والاقتراب من بغداد كأحد المحاور لتطويق العاصمة العراقية. ولقد اصطدمت بجماعات مسلحة سنية أخرى متمردة على السلطة المركزية في المحافظة. كانت الحكومة العراقية آنذاك مضطربة وضعيفة وغير قادرة على مواجهة الخطر المحدق ببغداد فقبلت بتكليف منظمة بدر بقيادة هادي العامري للدفاع عن المحافظة ومنع تقدم عناصر داعش الإرهابية نحو بغداد وذلك في 13 حزيران 2014 ولقد أصبح هادي العامري هو المسؤول الأمني عن محافظة ديالى كما أخبرنا بنفسه في لقاء خاص معه.قدمت إيران الدعم لقوات بدر في شمال شرق ديالى من خلال ضربات جوية نفذتها طائرات أف 4 ي فانتوم وطائرات سو 25 فورج فوت ولقد نجحت منظمة بدر والقوة النظامية المساندة لها في وقف الزحف الداعشي على بغداد انطلاقاً من ديالى ودفعها إلى خارج المحافظة في نهاية عام 2014، حسب رواية هادي العامري في المقابلة التي أجريناها معه. فتحول تكتيك المنظمة الإرهابية داعش في تلك المنطقة إلى حرب عصابات ونشاط سري ولم تنجح القوات العراقية النظامية متمثلة بالفرقة الخامسة المتمركزة في المحافظة، ولا منظمة بدر المسلحة، في احتواء العمل الإرهابي السري لداعش وسيطرتها على المناطق الريفية المحيطة بالمحافظة. وكانت ولاية ديالى الداعشية تنشر أشرطة فيديو داعشية باستمرار عن العمليات الإرهابية التي تقوم بها ولكن ليس على طريقة البث المباشر، وأصدرت 21 بيان في الخمسة عشر يوماً الأولى من شهر آيار 2018 وهي المنطقة الأكثر حيوية وديناميكية لمنظمة داعش الإرهابية بعد اندحارها العسكري الشامل ويعتقد أن خلايا داعش السرية تتمركز جغرافياً في شمال شرق بعقوبة وحول مدينة المقدادية وفي منطقة مندلي على الحدود العراقية الإيرانية وحول قرية تابا ومدينتي جلولاء وخانقين في شمال شرق المحافظة. وتتبع داعش أسلوب التمرد المسلح السري وحرب العصابات في المدن والأرياف في هذه المنطقة على غرار نشاطاتها الإرهابية في كركوك. فهي تزرع عبوات ناسفة وألغام في الطرقات والشوارع وتنصب كمائن وسيطرات وهمية وتشن هجمات صاروخية الخ.. كما تمارس عمليات قتل واغتيال عن بعد بواسطة قناصين متخفين في البنايات وهناك صلات واتصالات وتنسيق بين خلايا داعش في ديالى وخلاياها السرية في محافظة صلاح الدين وتحاول قوات الحشد الشعبي والقوات النظامية العراقية قطع تلك الاتصالات والتنسيق بغية منع الإرهابيين من التنقل بين المحافظات بسهولة ولقد داهمت قوات عراقية مشتركة منطقة المطيبية الواقعة على الحدود الرابطة بين ديالى وصلاح الدين وتمشيط المنطقة بحثاً عن القناصين فيما تمكن الإرهابيون من ضرب بغداد وتنفيذ عمليات إرهابية في العاصمة العراقية بعد قدومهم من بعقوبة . ففي منطقة جلولاء وحدها هناك حوالي ألف مقاتل من داعش حسب تقارير لجهة استخباراتية كوردية، يقومون بشن هجمات سريعة مباغتة من قبل مجموعات تضم حوالي 50 إرهابياً في كل مجموعة. فقوات الحشد الشعبي تسيطر على المنطقة في النهار لكن داعش هي التي تسيطر في الليل ولكن السلطات العراقية كذبت هذا التشخيص الإستخباري، والحال أن داعش تشن هجمات ليلية في هذا القطاع كما حصل في 3 آيار ضد مركز للشرطة ولقد أعلنت وزارة الداخلية العراقية اعتقالها للمسؤول المالي لداعش في المنطقة في 15 آيار وسبق أن أعتقلت المسؤول العسكري والتسليحي لداعش في الأول من آيار وبحوزته ما لا يقل عن 41 مدفع رشاش رشاشة من طراز أ ك47 . صلاح الدين تشكل المنطقة الثالثة للنشاطات الإرهابية السرية لداعش منذ سقوطها وهي نشاطات حديثة العهد ظهرت قبل بضعة أشهر فقط حيث ظلت تقاوم القوات العراقية المهاجم لغاية أكتوبر 2017، ومن ثم انسحبت من منطقة الشرقاط شمال محافظة صلاح الدين كآخر معقل لها هناك. حيث تحولت إلى العمل السري والكفاح المسلح السري كما أظهر ذلك شريط فيديو دعائي بثته داعش مؤخراً. فما تزال هناك فلول وخلايا سرية لداعش في غرب وشرق بيجي، شرق تكريت، وداخل وحول محيط سامراء حيث تقوم بعمليات اغتيال لأهداف محددة في قلب المدينة، وتنسق مع خلايا في ولاية شمال بغداد لضمان تنقل الإرهابيين بشكل سري حيث انسحبت بعض الخلايا إلى جبال حمرين ومنطقة المطيبية على حدود ديالى ولقد هاجمت مركزاً للشرطة ليلاً في 25 آيار 2018 بالقرب من تكريت واعترفت الشرطة الاتحادية باستشهاد إثنين من منتسبيها أحدهما الجنرال محمد الحماش والثاني العقيد سامر صالح اللذين كانا ضحيتي كمين نصبته عناصر داعش الإرهابية لهما شرق تكريت. وتمارس داعش نفس التكتيك الإرهابي المتمثل بعمليات القنص وزرع العبوات الناسفة والألغام والكمائن والسيطرات الوهمية وكلها تحدث في الليل ولقد هاجمت فلول داعش الإرهابية قرية ذولوية شرق سامراء في الثاني من حزيران وقتلت إثني عشر شخصاً .
ما تزال داعش تنشط فيما تسميه " ولاية شمال بغداد" وهي المنطقة الرابعة للتمرد السري المسلح لداعش في مناطق الطارمية والأبايج والتاجي والعشاقي بالتنسيق مع خلايا ديالى وصلاح الدين. وهاجمت بعض القرى لنشر الرعب وتخويف السكان وتفجير سيارات مفخخة في التاجي ومحاولة السيطرة على الممر المؤدي إلى بغداد ليلاً. وفي ولاية نينوى تحولت داعش للعمل الإرهابي السري أيضاً على يد العناصر العراقية للتنظيم من سكان المنطقة. ولقد نشطت في الآونة الأخيرة ابتداءاً من منتصف شباط وآذار 2018 وهي تحتل المنطقة الخامسة للتمرد المسلح الإرهابي الذي تخوضه داعش ضد القوات النظامية العراقية وقوات الحشد الشعبي. فما تزال هناك خلايا سرية لداعش في شرق وغرب الموصل وفي جنوب المدينة حول منطقة حمام العليل وفي الشمال الغربي في بادوش وقامت بعمليات هجومية بالقرب من سد الموصل وفي تلكيف وكلها بواسطة العبوات الناسفة والألغام وحاولت داعش اختبار مدى مقاومة الاستعدادات العراقية النظامية عند مهاجمة قرية شيخ يونس جنوب الموصل وقد قتل في العملية سبعة عناصر إرهابية من داعش وتدمرت ثلاث عجلات واستشهد جندي عراقي وجرح ثلاثة آخرون ، وسرقت داعش براميل نفط وحاولت معرفة قدرة الدفاعات العراقية ونوعية الرد المسلح . وفي نفس اليوم اكتشفت القوات العراقية متمثلة بالفرقة العشرين نفق الحسينية في قلب الموصل والذي كانت تختفي فيه خلية داعشية من عشرة أشخاص وتم تدمير النفق وردمه. وقد أعلنت وزارة الداخلية العراقية اعتقال زعيم الخلايا الإرهابية الداعشية في الموصل في حي النور شرق الموصل ، وتم تعزيز الأمن في المنطقة بقوات من الحشد الشعبي في 27 آيار خاصة في الموصل القديمة وقد صدت قوات الحشد الشعبي ثلاث هجمات إرهابية على قرية جنوب الموصل خلال 24 ساعة. وفي 28 آيار تم اعتقال 22 عنصراً إرهابياً من داعش في بادوش وهو دليل على امتلاك داعش لخلايا نشطة ولو على نحو سري في المنطقة وفي 31 آيار تم اعتقال إمرأة داعشية في حي المأمون غرب الموصل وكانت قد اغتالت أرملتين لضابطين في الشرطة الاتحادية استشهدا في معارك تحرير الموصل ، وذلك قبل اعتقالها بقليل.
ما تزل هناك بقايا لفلول داعش تنشط في العاصمة بغداد وضواحيها لا سيما بالقرب من أبو غريب أو قيام انتحاريين عزل بهجمات انتحارية ضد أهداف مختارة في غرب بغداد ، أما في الأنبار فالنشطات الإرهابية لداعش باتت نادرة في غرب وشمال غرب الرمادي وبالقرب من الرطبة من خلال إطلاق قذائف صاروخية ، ويبدو أن المنطقة فقدت قدرتها القتالية الداعشية في أعقاب الضربات التي سددتها القوات الأمنية العراقية وقوات الحشد الشعبي وتعرضها لضربات في الجانب السوري أيضاً . ولقد عادت للظهور ما سمي بــ " ولاية دجلة" بعد تحرير الموصل وهي تضم جنوب المدينة وشمال صلاح الدين وغرب مدينة كركوك حيث انكفأت عناصر التنظيم الإرهابي في منطقة الحويجة وهي تحاول أن تنشط في جنوب الموصل شمال القيارة في منطقة الشرقاط وفي غرب محافظة كركوك حول الزاب ، لقد تمكنت العناصر الإرهابية من قتل أربعة جنود عراقيين بعبوات ناسفة قرب قرية حنكة في منطقة الشرقاط ما يعني أن هذا يشكل إعلان دعائي عن تواجد هذا النظيم الإرهابي في المنطقة. وهناك " ولاية الجزيرة" التي استبدلت منذ سبتمبر أيلول 2017 بــ " ولاية البادية" التي ظهرت على لائحة التمرد الإرهابي المسلح السري الذي تقوم به داعش بعد اندحارها عسكرياً، وقامت بزرع عبوات ناسفة وألغام شرق تلعفر على الطريق باتجاه الموصل وقد قامت استخبارات الفرقة الخامسة العراقية باعتقال 5 عناصر من داعش في تلعفر في الخامس من آيار. وأخيراً تبنت داعش عملية حرق نساء في " ولاية الفلوجة" وقصفت في " ولاية الجنوب" بيتاً لأحد المرشحين للانتخابات في جرف الصخر التي كانت أحد مناطق النفوذ لتنظيم القاعدة الإرهابي بقيادة أبو مصعب الزرقاوي ومن ثم سيطرت عليها داعش قبل عمليات التحرير.
ومن خلال تحليل الوسائط الدعائية لداعش وفحص الأشرطة والبيانات يتضح أن المنظمة الإرهابية تعاود نشاطها من خلال التمرد المسلح السري وخوض حرب العصابات في المناطق الخمسة المشار إليها أعلاه وتشكيل قوس يغطي منطقة تمتد من شمال شرق بغداد إلى شمال وشمال شرق الموصل وتحتضن نواة الكفاح المسلح السري لداعش ولقد لوحظ تصاعد ملموس في النشاط الإرهابي السري لداعش في الأشهر الثلاثة الأولى لعام 2018 ، وانخفاض ملحوظ في شهر نيسان وانتعاش مفاجيء في شهر آيار بمناسبة الانتخابات التشريعية خاصة الأسبوع الثالث من شهر آيار الذي تميز بهجمات انتحارية الأمر الذي لم يكن موجوداً منذ أيلول 2017 ما يعني أن داعش تمكنت من إعادة تنظيم صفوفها وخلاياها السرية والتحول نحو النشاط الإرهابي السري في العراق بعد هزيمتها في المواجهات العسكرية العلنية .
يتبع
التعليقات