سلطان القحطاني من الرياض : اعتبر وزير العمل السعودي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي أن تقرير منظمة هيومان رايتس واتش الذي كتب عن معاملة العمالة الأجنبية في المملكة العربية السعودية، والذي تناقلته وسائل الإعلام تضمن أموراً عديدة، تم التركيز فيه على الجوانب التي ترى المنظمة أنها سلبية، وفيها استغلال للعمالة الأجنبية وانتهاك لحقوقها .
وأضاف أن هذا التركيز قد لا يكون مستغربا،ً فالمنظمة بحكم اختصاصها دأبت على إصدار تقارير سنوية عن جميع دول العالم، وهي تهتم عادة بما يبدو لها أنه سلبي أو غير طبيعي في هذا المجال إلا أن تقرير المنظمة عن المملكة أبرز قضايا العمالة الأجنبية بشكل غير متوازن وكأنما إساءة معاملة تلك العمالة هي الأساس وليست حالات وأوضاع فردية محدودة يمكن أن تحدث في المملكة أو في غيرها من دول العالم الأخرى .
وقال الوزير القصيبي أنه رغم أنه لا يمكن استبعاد حدوث بعض التجاوزات التي تهتم المملكة بمعالجتها من خلال اللجان العمالية والأجهزة القضائية الأخرى فإن الاستنتاجات التي توصل إليها تقرير منظمة هيومان رايتس واتش قد بنيت على حالات محدودة من بعض الذين كانوا يعملون في المملكة من ثلاث جنسيات منتقاة ولا تعكس تلك الاستنتاجات الصورة الحقيقية لأوضاع العمالة الوافدة في المملكة .
وأفاد أن المملكة تستضيف حوالي سبعة ملايين من العمالة الوافدة التي تستفيد من فرص العمل المتاحة في الاقتصاد السعودي وتقوم بتحويل مبالغ كبيرة إلى بلادها تبلغ حوالي 60 مليار ريال سنوياً وبالتالي فإن المملكة من خلال استقدام هذه العمالة تسهم بصورة مباشرة في إنعاش اقتصاديات الدول التي أتت منها لدرجة أن الكثير من تلك الدول تتنافس في إرسال عمالتها إلى المملكة وهناك ملايين العمال الذين يكررون الحضور إلى المملكة بغرض العمل مرات عديدة وهو أمر ما كان ليحدث لو كانوا يتعرضون لسوء معاملة على النحو الذي بالغت المنظمة في وصفه
وأشار وزير العمل السعودي إلى أن أي بيئة عمل لا تخلو من مشكلات وسلبيات وتوجد هذه المشكلات في بلدان العالم بما في ذلك الدول المتقدمة صناعياً مثل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية ولهذا السبب أوجدت دول العالم تشريعات وقوانين لتنظيم العلاقة بين العاملين وأصحاب الأعمال وتحديد حقوق والتزامات كل طرف ومعالجة المشكلات التي تنشأ بينهما، ونظراً لوجود هذه الملايين العديدة من العمالة الوافدة في المملكة فإن نسبة معينة من المشكلات لا بد أن تظهر نتيجة للخلافات المعهودة التي تقع في أي بيئة عمل وقد احتوى نظام العمل السعودي وبشهادة تقرير منظمة هيومان رايتس واتش نفسه على الكثير من المواد التي تضمن العدالة في التعامل مع العمالة وتحفظ الحقوق المالية والإنسانية للعامل وتعاقب على الممارسات غير الإنسانية ولا يفرق النظام في ذلك بين السعودي وغير السعودي.
وقال إنه بالإضافة إلى ما تضمنه نظام العمل والعمال من مواد تحمي حقوق العمالة هناك قرارات عديد صدرت وأعطت العامل الوافد حقوقاً كثيرة ومنها قرار مجلس الوزراء رقم 166 وتاريخ 12 / 7 / 1421ه- وهذا القرارات تستهدف تنظيم العلاقة بين العامل الوافد وصاحب العمل وتضع الضوابط التي تحقق العدالة والإنصاف لطرفي العلاقة .
وأوضح أنه توجد لجان عمالية متخصصة تتولى تطبيق نظام العمل والعمال في المملكة وتهتم بكل ما يصلها من شكاوي وقضايا وقد بحثت هذه اللجان وبتت في أكثر من 7000 قضية تلقتها في عام 1424ه- معظمها قضايا مرفوعة من عمالة وافدة ووصل عدد القضايا التي تم بحثها حتى الآن خلال العالم الجاري 1425ه- أكثر من 3500 قضية وهذه القضايا تؤخذ باهتمام وجدية إلا أن البت في القضايا العمالية يتطلب أحياناً بعض الوقت للاستماع إلى الأطراف المتعددة المعنية بها وهذا شأن القضاء في أي بلد
وأكد وزير العمل أن المشكلة الحقيقية والأساسية في معظم الأحيان تتمثل في عدم معرفة العامل الوافد لحقوقه التي كفلتها له الأنظمة القائمة وتسعى الأجهزة المعنية في المملكة إلى القضاء على هذه المشكلة عن طريق التوعية وقال إنه رغم الجهود المبذولة في هذا المجال فإنه يصعب توصيل المعلومة لكل عامل مستقدم وذلك بسبب تعدد اللغات واختلاف البيئات وتنوع مستويات العمالة ولذلك نحن نناشد السفارات والدول المختلفة بأن تتعاون معنا في هذا المجال وأن تقوم بتوعية وتثقيف رعاياها المستقدمين إلى المملكة بحقوقهم خاصة وأن كثيراً مما ورد في تقرير المنظمة بشأن استغلال العمالة الأجنبية منشؤه بلدان العمالة نفسها من خلال ممارسات مكاتب التوظيف القائمة هناك والتي تعطي العمالة وعوداً كاذبة بشأن الأجور وشروط العمل بغرض الحصول منها على رسوم عالية .
وبين الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي أن ما ورد بالتقرير من انتقادات بغض النظر عن حقيقتها هي في مجملها أمور يعاقب عليها نظام العمل والعمال إلا بالنسبة لبعض الانتقادات ذات الطابع الديني التي ترتبط بالعقيدة الإسلامية أو ترتبط ببعض القوانين الأخرى التي تقتضيها الضرورة مثل أحكام الإعدام التي تعترض عليها المنظمة من حيث المبدأ رغم أنها مطبقة في دول كثيرة ومنها أمريكا التي تطبق في كثير من ولاياتها حكم الإعدام عند الإدانة بجرائم معينة مؤكداً أن المملكة ستظل متمسكة بدينها الذي يمثل مرجعيتها الأساسية في أنظمتها وقوانينها .
وأضاف : نحن في المملكة حريصون كل الحرص على أن يجد كل من يقيم ويعمل لدينا المعاملة الكريمة النابعة من قيمنا ومثلنا الإسلامية والعربية السليمة وأن ينال كل ذي حق حقه وقد أصدرت مؤخراً قرارات تؤكد على تحقيق هذه الغاية وتمنع كل ما من شانه الإساءة إلى العمالة الوافدة وتضمن العدالة والإنصاف في المعاملة للعامل وصاحب العمل معاً .
وشدد على أن وزارة العمل سوف تتابع كل ما يرد إليها من مظالم وسوف يتم تطبيق الإجراءات اللازمة في حق كل من يخالف النظام بالإضافة إلى ما تقوم به إدارات التفتيش بالوزارة من مراقبة ومتابعة لما يحدث في مجال علاقات العمل.
وكانت منظمة حقوق الانسان المعروفة باسم هيومان رايتس واتش قد نشرت تقريرا يقول ان حقوق العمال الاجانب في السعودية منتهكة ليس فقط من جانب ارباب العمل ولكن من جانب النظام القضائي ايضا.
و
نددت منظمة هيومان رايتس واتش بما سمته فشل نظام العدل السعودي.
وقالت سارة لي منسقة الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس واتش في حوار أجرته مع بي بي سي العربية إن العمال الأجانب في السعودية يعيشون حياة العبيد أو السجناء حيث يعملون لأكثر من عشرة ساعات متواصلة في اليوم و لا يسمح لهم في بعض الأحيان بمغادرة محل العمل. وأضافت: "الشرطة السعودية تقوم بتعذيب العمال الأجانب في السجون ولا تسمح لهم بالاتصال بسفارتهم. لذا فأن الحكومة السعودية تتحمل المسؤولية المباشرة عن هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان."
وعن كيفية الحصول على المعلومات الواردة في التقرير قالت سارة لي: "بالرغم من الحكومة السعودية تمنعنا من إجراء دراسات ميدانية في السعودية إلا أننا استطعنا الحصول على هذه المعلومات الواردة في هذا التقرير عبر عقد مقابلات مع عدد من هؤلاء العمال بعد عودتهم إلى بلادهم."
ويقول التقرير ان العمال الاجانب يواجهون حالات تعذيب ويجبرون على تقديم تنازلات ويقدمون لمحاكمات ، ويقول تقرير هيومان رايتس واتش ان العمال الاسيويين الذين يشكلون ثلث العمال الاجانب في السعودية يواجهون اوضاعا صعبة. ويصف التقرير اوضاع 300 من النساء من الهند وسريلانكا والفلبين ممن يعملن في تنظيف المشافي في مدينة جدة ثاني المدن السعودية. يقول التقرير ان هؤلاء النسوة يعملن 12 ساعة في اليوم، ستة ايام في الاسبوع، وتقيم كل 14 منهن في غرفة صغيرة. وتقول منظمة هيومان راتس واتش انها وجدت ان النساء والرجال يعيشون في ظروف تشبه ظروف العبيد.
وكانت وزارة العمل السعودية في قالت في الاونة الاخيرة ان ما بين 8 و9 ملايين عامل اجنبي يعملون في البلاد، وهو رقم اعلى بكثير من التقديرات السابقة.
ومعظم هؤلاء العمال قادمون من شبه القارة الهندية وجنوب شرق اسيا.
التعليقات