حمود الزيادي العتيبي من الرياض: بعد مضي نحو ثلاثة أشهر من وقوع الاعتداء الإرهابي الذي أستهدف مبنى الإدارة العامة للمرور في حي الوشم وسط العاصمة السعودية الرياض ما نتج عنه مقتل ستة أشخاص وجرح 148 آخرين، عرض اليوم موقع إلكتروني تابع لما يسمى بـ"كتائب الحرمين"، وهي الجهة التي تبنت العملية، فيلماً مصوراً يتحدث فيه منفذي الهجوم عن دوافع عملهما عبر مكانين مختلفين وهم يتأبطون أسلحة رشاشة ويحيط بهما فتيان ملثمون وسط أكوام من الأسلحة المختلفة.
وكشف الفيلم لأول مرة عن مشاركة فهد بن عبدالله بن محمد الفراج الملقب "أبو أُسيد الزلفاوي" في الهجوم المفخخ إلى جانب المنفذ الرئيسي عبدالعزيز بن علي بن عبدالعزيز المديهش الذي أعلنت السلطات الأمنية السعودية في الثلاثين من نيسان (أبريل) الماضي أنه كان على متن السيارة المستخدمة في التفجير وهي من نوع (جي أم سي) بيضاء اللون والتي كانت محملة بما يزيد على 1200 كيلو جرام من خلائط الأمونال المتفجرة.
ومن الواضح أن الفراج أو "أبو أُسيد الزلفاوي" هو الشخص المجهول الذي وجدت أشلاءه في الموقع بعيد الانفجار الذي حدث ظهر يوم الأربعاء الواحد والعشرين من نيسان (أبريل) الماضي، حيث صدر بيان لاحق لوزارة الداخلية السعودية عقب الحادث بأيام يشير إلى "أن الإجراءات قائمة للتثبت من أشلاء لمجهول رفعت من مكان الحادث".
وأشتمل الشريط المصور على أحاديث متقطعة للفراج والمديهش اللذين كفرا الحكومة السعودية وانتقدا تطبيقها نظام التحكيم التجاري عبر مجالس الغرف التجارية حيث جرى تصوير مقر الغرفة التجارية الصناعية في الرياض أثناء التعليق الصوتي كما طال النقد الأعمال البنكية التي قالا أنها ترتهن للمعاملات "الربوية" فيما أخذوا على الحكومة تعاطيها مع النظام العالمي عبر هيئة الأمم المتحدة والقوانين التي أسموها "كفرية".
وشن الفراج، الذي أستحوذ على الحيز الأكبر من مدة الشريط التلفزيوني، هجوماً على المفكر السعودي تركي الحمد، الذي قال عنه أنه "يسب الله أمام الناس"، منتقداً الحكومة توفير الحماية له، حسب تعبيره. كما عرض الفيلم، مشهداً للدكتور عبدالله الغذامي وهو يلقي كلمة أمام ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، عقب اللقاء الوطني الثاني للحوار الفكري، وصاحب المشهد تعليق صوتي ينال من الحكومة السعودية لتقريبها "العلمانيون والحداثيون".
وأدعى بيان مصاحب للشريط التلفزيوني أن 35 عنصراً من قوات الطوارئ السعودية قتلوا في هجوم "الوشم" من بينهم مسؤول برتبة لواء قالوا أنهم سيكشفوا عن أسمه لاحقاً. وكانت المتابعات الإعلامية الميدانية للحادث الإرهابي والتقارير الرسمية أظهرت مقتل ستة أشخاص من بينهم العقيد عبدالرحمن عبدالله الصالح المسؤول في الإدارة العامة للمرور إضافة إلى طفلة سعودية في العاشرة من عمرها أسمها وجدان الكنديري قضت حين سقط على جسدها الغض سور منزل أسرتها بفعل قوة الانفجار المهول الذي سمعت أصداءه في مواقع مختلفة من العاصمة الرياض كما قتل ضابطين برتبة نقيب ومدني وجندي حراسة.
وظهر جلياً على منفذي الهجوم الارتباك، وهما يتحدثان أمام الكاميرا في الشريط التلفزيوني، وأكثرا من التردد والتذكر والعودة إلى مواد ونصوص تبدو مكتوبة على أوراق أمامهما، ما يعكس ضعف الحصيلة الشرعية في تبرير العمل الذي أقدما عليه.
وترحم فهد الفراج على من وصفه بـ"العم حمود الفراج" الذي قُتل على أيدي مسلحين من بينهم عبدالعزيز المقرن وفيصل الدخيل في التاسع والعشرين من كانون الثاني (يناير) الماضي إلى جانب ستة من رجال المباحث العامة كانوا يقومون بتفتيش منزل أبنه خالد الفراج الذي قبض عليه لعلاقته بمطلوبين أمنيين.
وصاحب العرض التلفزيوني لأنقاض مبنى الإدارة العامة للمرور أناشيد حماسية تبجل من الأعمال الإرهابية فيما تكرر الاستدلال بالعديد من الآيات القرآنية التي تحض على "الجهاد".
ويعد هذا الشريط المصور باكورة إنتاج تنظيم ما يسمى بـ"كتائب الحرمين" الذين عرف عنهم من قبل إصدار نحو ستة بيانات مكتوبة أعلنت مسؤوليتها عن عدة محاولات اغتيال استهدفت عدداً من ضباط المباحث من أبرزهم اللواء عبدالعزيز الهويريني والمقدم إبراهيم الضالع وفشلت تلك العمليات في تحقيق أهدافها.