نصر المجالي من لندن: يستعد رئيس الحكومة البريطانية توني بلير أو أي خليفة له في غضون عامين إلى إخلاء اشهر مقر حكومة في العالم وهو مبنى 10 داونينيغ ستريت الذي ظل منذ عام 1735 مكتبا لرؤساء بريطانيا، وطوال تلك السنين اتخذت في هذا المبنى الذي يحتل موقعا استراتيجيا على الضفة الشرقية لنهر التيمز، أهم القرارات العالمية حين كانت بريطانيا الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس. وحسب الوثائق التاريخية فإن المقر بني عام 1684 ، وكان آخر ساكن فيه من الناس العاديين شخص يدعى "السيد تشيكن" ، ولا يعرف له أي اسم آخر، كما لا توجد أي وثائق تشير إليه في أي سجل وطني بريطاني.
وتقول مصادر إن هذا المقر التاريخي المعروف في العالم ببوابته الخشبية الشهيرة ذات اللون الأسود، التي عادة ما تتم عندها استقبالات رئيس الوزراء البريطاني لضيوفه العالميين الكبار، حيث عرفت البوابة عالميا أيضا لأن الصور البروتوكولية تتم عند تلك البوابة، إن عملية يمكن أن تبدأ في العام 2007 حيث هناك خطة لإقامة مبنى جديد مكان المبنى الذي سيرى النور آخر مرة في التاريخ.
وأضافت أن الحكومة في خطتها السرية التي تم تسريبها لبعض الصحف البريطانية، لهدم المبنى، تكشف أن المبنى المقترح الجديد سيستغرق بناؤه عامين، الأمر الذي سيضطر رئيس الحكومة وعائلته إلى التفتيش عن مقر موقت جديد طوال تلك الفترة. ولم تحدد الخطة السرية اين سيكون هذا المقر، إلا أنه لن يكون بعيدا عن قصر وايتهول وهو مجمع الدوائر الحكومية العليا أو محتمل قصر وستمينستر حيث مقر مجلسي اللوردات والعموم.
وستكلف عملية الهدم والبناء التي أطلق عليها اسم (خطة جورج) حوالي 30 مليون جنيه إسترليني، وتقول المصادر البريطانية إن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش كان اشتكى من المبنى الحالي لأسباب أمنية، كما أن زائريه وسكانه يعانون روائح كريهة تنطلق بسبب المياه العادمة ومياه المجاري ويبدو أنه ليس من السهل السيطرة عليها.
وتضيف المصادر أيضا، أن أحد مبررات الهدم، هو أن 10 دوانينغ ستريت لم يعد آمنا أمام أي هجوم إرهابي، وكان المبنى تعرض في العام 1991 إلى هجوم صاروخي شنه رجال الجيش الجمهوري الإيرلندي الأحمر الذي كان يقاتل حكومة لندن لانتزاع استقلال إيرلندا الشمالية وإلغاء الحكم الملكي وإعادة سيادتها إلى دبلن.
وتشير المصادر إلى أن الخطة تقترح بناء مقر رئيس الحكومة على نمط البيت البيض حيث مقر الرئيس الأميركي، وكانت آخر زيارة للرئيس بوش للمقر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 ، حيث شهدت زيارته جدالا من وراء ستار تخللته انتقادات من بوش لمضيفه رئيس الوزراء بلير، حول ضعف الامكانيات الأمنية المتوفرة لحماية المبنى من أي هجوم إرهابي.
ومن بعد تلك الانتقادات، بدأت على الفور دراسات مكثفة لواقع الحال الذي يعيشه المبنى، والمباني المجاورة التي تحمل الرقمين 11 في 10 داونينغ ستريت وكذلك المبنى الرقم 70 الملاصق في شارع الوايتهول وهو المقر الذي يجتمع فيه مجلس الوزراء.
وإذ ذاك، كانت صحيفة (صنداي تلغراف) التي تسربت إليها خطة الهدم من مصادر قالت إن وثيقة في مكتب رئيس الوزراء، أشارت أمس إلى أن حكومة بلير لا زالت تدرس التفاصيل الدقيقة للخطة. وإذا تم إقرارها، فإن هذا يعني أن رئيس الحكومة لن يعود إلى مكتبه إلا قبل عدة أيام من الانتخابات البرلمانية العامة التي ستجري في العام 2009 ، يذكر أن الخامس من أيار (مايو) الحالي شهد الانتخابات التي أعادت حزب العمال بزعامة بلير لولاية ثالثة إلى مقر 10 داونينغ ستريت.
التعليقات