الذكرى ألـ 15 للغزو يوم أسود للعرب كافة
فهد رد الجميل وحرر الكويت ولجم صدام
وحين تداعت الأمم كلها كافة للجم صدام حسين بقرارات وبيانات تشجب وتندد أو تؤيد أخرى نقيضة تشيد وتؤيد العدوان على الطرف الآخر، كان للرياض مواعيدها التي لا تعد ولا تحد، وكانت للملكة القائدة الرائدة موقفها الحسم والفيصل، ويومها التقى الراحل الكبير مع وزير الدفاع الأميركي (نائب الرئيس الحالي) ديك تشيني، ومن هناك عزفت سيمفونية تحرير الكويت واصطف العالم حاشدا قواته لطرد قوات العدوان من شقيق على ارض شقيق.
وليس هذا وحسب، بل أن الملك فهد بن عبد العزيز رد الجميل ليس لأشقائه الكويتيين، بل للعرب كافة، حين استضاف حكومتها الشرعية التي لم تجد في الدنيا مكانا آمنا من البطش والقهر والشطب من الوجود سوى مدينة الطائف، وهذه المدينة التاريخية التي كانت رمز وعنوان توحيد أرض الجزيرة العربية استضافت حكومة الكويت الشرعية الممثلة بآل الصباح وهم الفرع الثاني الكبير مع آل سعود من قبيلة عنزة ذات الباع الطويل في أرض العرب.
ولم يدخر الملك الراحل جهدا في توفير أقصى المهمات على أرض المملكة التي تعتز بهيبتها وتمسكها بشرع الله الحنيف ، للقوات الحليفة لتنفيذ مهماتها المطلوبة في أسرع وقت وكان أن أمر بتولي قيادة هذا الحشد العسكري العالمي لواحد من كبار ضباط الجيش السعودي النجباء وهو الأمير خالد بن سلطان، نجل ولي العهد الجديد الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي كان مع العاهل الجديد الملك عبد الله بن عبد العزيز والأسرة الملكية كافة يصطفون بثقة وعزم وثبات مع قرار الفهد في ضرورة تحرير الكويت مهما كانت التكاليف معنويا ، ومهما كانت النتائج.
وكان الموقف المشهود في اجتماع القمة العربية الطارئ الذي دعت إليه مصر لتدارس الوضع، حيث رفض الملك فهد بقدرة وعناد أي حل عربي تسويفي، إدراكا منه أن الحلول العارضة و"تطييب الخواطر" لا يجدي سبيلا ولا يحل عارضا ولا يحسم أمرا. وحسم الراحل الكبير في كلام أمام النظراء العرب بأن الحرب وحدها تحت غطاء من الشرعية الدولية والعربية والإسلامية هي الفيصل الوحيد لتأديب كل الغزاة ابتداء من البيت العربي.
وإذ تحررت الكويت بمشاركة فاعلة من قوات عربية قادتها المملكة العربية السعودية من على أرضها وبمشاركة من قوات تحالف عالمية، في ما سمي وقته عملية (درع الصحراء) في مطلع العام 1991 ، فإن الكويت عادت لحريتها دولة عربية مستقلة تشارك كعادتها في كل عمل عربي ودولي ، كما عادت إليها شرعيتها الدولية وهي منذ ذلك الحين تمارس دورها التاريخي المعهود على أكثر من صعيد، وهي ساهمت بكل ما عندها من قوة بالحرب الأخيرة التي حررت العراق الجار الشمالي من نفوذ حزب البعث وديكتاتورية صدام حسين وأسرته.
واليوم، في الذكرى الخامسة عشرة للغزو المشؤم، خرجت الصحف الكويتية كافة مستذكرة "فزعة" خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبد العزيز لتحرير الكويت، وقالت صحيفة (الرأي العام) التي يرأس تحريرها جاسم بودي "نذكر فزعتك أيها الكبير لتحرير الكويت، في وقت راهن كثيرون على قيود قد تحد من قرارك فلم تتردد ولم تتأخر,,, ها هي المملكة تفتح اراضيها واجواءها ومياهها لكل القوى الصديقة والشقيقة معبرا لاستعادة الكويت، وها هي المملكة تفتح قلبها قبل كل شيء للكويتيين قيادة ومواطنين وتشعرهم انهم في وطنهم الاول لا الثاني، وها هي الكويت تلتف موحدة منتصرة في جدة حول قيادتها الشرعية لارساء مبادئ مسيرة ما بعد العودة الى الوطن، العودة التي كان يراها كل من التقى خادم الحرمين الشريفين في بريق عيونه ونبرته الواثقة وابتسامة الثقة الهادئة على ثغره. وأضاف بودي في مقاله "وكم هي المفارقة مؤلمة أن نكتب عن رحيلك عشية الذكرى الخامسة عشرة للغزو العراقي للكويت".
ومن جهته، قال أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح في بيان نعي من مشفاه في الخارج "مصابي في أخي الملك فهد عظيم أليم لا يجبره إلا الله"، وأضاف الشيخ جابر "الكويت حزينة في يوم الاثنين الحزين، فقد غاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، ذلك الرجل الذي قال يوما في عز محنة الغزو العراقي للكويت أشهر عباراته «إما تبقى الكويت والسعودية أو تنتهي الكويت والسعودية فعلاقة المصير للأبد».
وتابع القول "فهد بن عبدالعزيز آل سعود، الملك الذي سكن قلب الكويت في حياته، سيبقى شاغلا لهذا القلب بعد رحيله، والكويت حزينة لغياب الملك فهد، ومصابي بأخي الملك فهد عظيم الألم، والكويت لا تنسى وقفته البطولية الخالدة لإعادتها حرة".
وأبرق أمير الكويت، لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد بن عبد العزيز معزيا، حيث قالت البرقية "إن الكلمات في هذه اللحظات المليئة بالحزن والأسى لتعجز عن التعبير لما أصابنا بفقدان أخ عزيز وإنسان نبيل وملك رحيم وسياسي حكيم وهب حياته لبلاده وشعبه ولأمته الاسلامية يصونهم بتقواه ويحوطهم بيقظته، ويحنو عليهم ببره، وجعل القرآن الكريم أمامه ورسالته، فنشر نوره في العالمين، واتخذ من خدمة الحرمين الشريفين شرف الألقاب، وأعلى بناء المملكة العربية السعودية على أساس من العلم الحديث المستنير بهداية القرآن والسنة النبوية، كما بوأها منزل الرفعة والتقدم وجعلها احدى الركائز الفعالة في السياسة العربية والاسلامية والدولية".
صلوات تقام على روح الفهد في مسجد في الرياض اليوم . أ ف ب |
وأضاف الأمير الكويتي الذي ندب شقيقه رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد للمشاركة اليوم في وداع الراحل الكبير قوله "اما نحن في دولة الكويت فنشعر بالحزن في أعماقنا إذ نذكر للراحل العظيم وقفته البطولية الخالدة مع الكويت بكل طاقات المملكة العربية السعودية ومقدراتها حتى أعاد الينا وطننا عزيزا محررا، اما أنا شخصيا فمصابي في أخي عظيم أليم لا يجبره إلا الله العلي العظيم وسبحان الله المنفرد بالبقاء".
وأخيرا، يشار إلى أن الشيخ صباح الاحمد قال في بيان ألقاه في جلسة مجلس الوزراء أمس "إن الكويت تعرب عن مصابها الجلل بفقدان زعيم بارز وقائد فذ تجسدت بقيادته الحكمة والحنكة والتجربة العميقة والبصيرة النافذة والمآثر الفاضلة والأخلاق الرفيعة"، وأضاف "الكويت حزينة لفقدان الرجل الكبير، فقد قطع مجلس الوزراء اجتماعه بعد إعلان وفاة الملك فهد، ليعلن وبناء على أمر من سمو أمير البلاد الحداد الرسمي ثلاثة أيام وتنكيس الأعلام داخل الكويت وعلى سفاراتها في الخارج".
التعليقات