نبيل شرف الدين من القاهرة : قامت سلطات الأمن المصرية اليوم بترحيل السجناء البريطانيين الثلاثة المتهمين في قضية إحياء حزب التحرير الإسلامي المحظور في مصر، والذين سبق أن صدر ضدهم حكم بالسجن لمدة خمسة أعوام في العام 2002 ، كما أدين في القضية نفسها 23 مصريا آخرين، وذلك بعد أن قضوا ثلاثة أرباع المدة، وهو ما يسمح به القانون المصري وفق السلطة التقديرية لمصلحة السجون كما أفاد بذلك مصدر أمني. ورافق مسؤول من السفارة البريطانية المفرج عنهم الثلاثة، وهم كل من : إيان نسبيت (30 عاماً) وهو من آبتون بارك في شرق لندن، ورضا بنكهيرست (29 عاما) من لندن أيضا ويعملان كاستشاريين في مجال الكمبيوتر، وماجد نواز (27 عاما) وهو من مقاطعة اسيكس والذي لا يزال يدرس اللغة العربية والشريعة الإسلامية في مصر، وقد جرى ترحيلهم على متن طائرة متجهة من مطار القاهرة إلى العاصمة البريطانية لندن.
وتحدثت مصادر أصولية في مصر عن صفقة جرى إبرامها خلال زيارة تشارلز كلارك وزير الداخلية البريطاني مؤخراً إلى مصر، حيث التقى وزيري الداخلية والعدل، وقالت المصادر الأصولية ذاتها التي تحدثت معها (إيلاف)، إنه بموجب هذه الصفقة ستتسلم مصر عدداً من الإسلاميين المصريين المقيمين في بريطانيا، والصادر ضد بعضهم أحكاما من محاكم عسكرية بالإعدام، خاصة وأن القضاء البريطاني سبق أن رفض تسليمهم لأن القضاء الأوروبي لا يقر الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية والاستثنائية عموماً .
صفقة أمنية
وجاءت المحادثات الأمنية المصرية ـ البريطانية المشار إليها وسط أنباء كشف عنها مصدر دبلوماسي غربي، قائلاً إن المفاوضات جرت في سرية بشأن تسليم ثلاثة أصوليين مصريين يقيمون في لندن ومطلوبين لمصر، مقابل إطلاق البريطانيين الثلاثة المحكومين في قضية quot;حزب التحريرquot;، بموجب قضاء ثلاثة أرباع المدة وفق القوانين المصرية.
وأوضح المصدر أن القاهرة تحفظت على بعض البنود التي تضمنتها مذكرة التسليم، التي تتضمن بنداً تدعو فيه بريطانيا مصر إلى ضمان عدم حدوث انتهاكات ضد حقوق الإنسان بحق العناصر الثلاثة المزمع تسليمهم، وبندا ثانيا يمنح بريطانيا حق متابعة أحوال الثلاثة في مصر، وتلتزم مصر بتقديم تقرير كل ثلاثة اشهر عن أحوالهم للحكومة البريطانية، وثالثا تتعهد فيه مصر عدم تطبيق عقوبة الإعدام على المتهمين.
وقالت مصادر مصرية إن هذه البنود وصفت رسمياً من قبل المسؤولين المصريين بأنها تشكك في احترام السلطات للقوانين وحقوق الإنسان، كما تتدخل في شؤون السلطات القضائية، خاصة وأن بعض المطلوبين مدانون في قضايا شهيرة مثل quot;العائدون من أفغانستانquot;، ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي وعدد من الوزراء والمسؤولين المصريين، وصدرت بحق بعضهم أحكام غيابية بالإعدام أو السجن المشدد.
وسبق أن صرح أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري في أيار (مايو) الماضي بأن الولايات المتحدة قد نقلت ما يصل إلى 70 من المتشددين المشتبه بهم إلى مصر.
حزب التحرير
وأثارت قضية حزب التحرير اهتمام دوائر إعلامية ودبلوماسية بريطانية، كونها تضم ثلاثة متهمين يحملون الجنسية البريطانية، وقالت السلطات إنها ضبطت بحوزتهم كتباً ومنشورات وبيانات تحوي أفكار الحزب، وتبين أن غالبية الكتب طبعت خارج مصر، وإن البريطانيين تمكنوا من تجنيد عدد من طلبة الجامعات المصرية من خلال متهمين مصريين سبق اعتقالهم اكثر من مرة خلال السنوات الماضية، رغم أن النشاط الفعلي للحزب توقف عقب فشل محاولة لأعضاء فيه العام 1974 لاقتحام مقر الكلية الفنية العسكرية في الحادثة الشهيرة.
وضبط جهاز مباحث أمن الدولة المصري مطبوعات الحزب التقليدية التي نسب بعضها إلى مؤسسه تقي الدين النبهاني، وبعضها لزعيم حركة (المهاجرون) عمر بكري، بالإضافة إلى الكتب المتضمنة لأدبيات الحزب، وغير ذلك من وسائل الترويج لأفكار الحزب كما أشارت قائمة المضبوطات التي قدمتها مباحث أمن الدولة إلى المحكمة.
وكان من بين الاتهامات التي وجهت إليهم الترويج لمنظمة محظورة تدعو إلى قلب نظام الحكم، وقضت المحكمة في القضية بسجن ثمانية مصريين وفلسطيني لمدة خمس سنوات، وبالسجن لسبعة مصريين لمدة ثلاث سنوات وبالسجن لسبعة مصريين آخرين لمدة عام.
جدير بالذكر أن حزب التحرير الإسلامي هو أحد أقدم التنظيمات الأصولية المتطرفة، وتأسس في الأردن عام 1952، بمبادرة من تقي الدين النبهاني، وظل تأثير هذا الحزب محدوداً في أوساط نخبوية، وقرر مؤسسو الحزب نقل نشاطهم لمصر منذ نهاية الستينات حين بدأ صالح سرية ـ وهو أردني من أصل فلسطيني ـ تأسيس خلية للحزب في مصر وان تحولت في ما بعد إلى نواة لتنظيم الجهاد.
التعليقات