بروكسل من علي اوحيدة

يسعى المسؤولون الأوروبيون والفلسطينيون الى احتواء تداعيات أزمة الثقة الصامتة ولكنها الفعلية المتنامية بينهم ,وذلك منذ اكتساح حركة حماس للاقتراع الفلسطيني الأخير وتأهلها لتشكيل أول حكومة فلسطينية وبأغلبية إسلامية مطلقة.

وبعد أن لوح الاتحاد الأوروبي, و أعاد للأذهان مرارا انه سيقاطع السلطة الوطنية الفلسطينية مباشرة عند تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة وفي حالة عدم استجابة قادة حماس للشروط الموضوعة أمامهم, فان الطرفين الأوروبي والفلسطيني
يسعيان الى إيجاد مخرج للمأزق غير المتوقع بينهم.

ويقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطوة توفيقية واضحة من جانب الاتحاد الاوروبي بزيارة الأسبوع القادم الى مؤسسات الاتحاد الاوروبي, ستقوده الى بروكسل وفيينا وستراستبورغ حيث أعدت له حفاوة خاصة وعلى اكثر من مستوى.

ويلتقي عباس في فيينا مع المستشار النمساوي فولغاتغ شيسال الذي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي والذي تبنت بلاه حتى الآن موقف اكثر من إيجابي تجاه الفلسطينيين .

ورفضت وزيرة الخارجية النمساوية اورسولا بلاسنيك التي استقبلت الأسبوع الماضي وزيرة الخارجية الإسرائيلية ممارسة أي ضغط أوروبي على الفلسطينيين في هذه المرحلة|,كما ان النمسا دفعت بوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال آخر لقاء لهم في السابع والعشرين من الشهر الماضي نحو الامتناع عن الركون الى أي تهديد ضد السلطة الوطنية الفلسطينية.

ويلتقي محمود عباس في بروكسل مع منسق السياسة الخارجية الاوربية ومسئولي المفوضية الأوروبية ويتحول الأربعاء القادم الى ستراسبورغ مقر البرلمان الأوروبي حيث قرر النواب الأوروبيون تكريس جلسة عامة رسمية هذه المرة للاستماع إليه.

ويقول الديبلوماسيون الأوروبيون أن موقف الرئيس عباس قد تراجع بشكل كبير بسبب المتاعب التي يواجهها فصيله السياسي المباشر اية حركة فتح اولا ,وبسبب الغموض والتساؤلات المخيمة على الانتخابات الإسرائيلية المقررة لنهار الثامن والعشرين من الشهر الجاري ثانيا, وبسبب انعدام وضوح الرؤيا حول نهج حركة حماس ثالثا.

ويضيف نفس الدبلوماسيين ,ان الخيار الذي يواجه بروكسل المانح الأول للفلسطينيين يبدو اكثر من صعب ويتمثل اما في قطع المساعدات عن حماس والتعجيل في الية انهيار مرافق السلطة الفلسطينية, او مساعدة الفلسطينيين والتعرض للانتقادات إسرائيل والولايات لمتحدة بان أموال دافعي الضرائب الأوروبيين تصرف لتغذية الإرهاب !.

ويرى الديبلوماسيون ان زيارة عباس هي محاولة جريئة من قبل الرئاسة الدورية الأوروبية التي تتولاها النمسا ذات الديبلوماسية النشطة في الشرق الأوسط لدعمه مقابل حماس, وأمام الري العام الفلسطيني والعربي, ولتخفيف حدة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية عليه, وتجاوز الأخطاء الجسيمة الي ارتكبها منسق السياسية الخارجية خافير سولانا بتهديده للفلسطينيين قبل الانتخابات الأخيرة نفسها(...).

و تتجنب الدوائر الدولية وبما في الولايات المتحدة في الواقع ان تبدو حاليا انها السبب المباشر وراء انهيار مبرمج للسلطة الفلسطينية.

وتعرضت الديبلوماسية الأوروبية لهزة عنيفة بعد أن أقدمت روسيا بكسر رسمي وعلني للحصار الديبلوماسي الذي كان يجري التخطيط له ضد حماس.

ولم يقدم مسئولو حماس أي تنازلات في موسكو مما زاد الضغط على الاتحاد الأوروبي الذي قد يفقد مجمل الاستثمار السياسي والدبلوماسي الذي قام به في المنطقة في حالة تخليه عن القيادة الفلسطينية الحالية.

كا ان توجهات جمهورية جنوب إفريقيا الأكيدة بإقامة علاقات وثيقة مع حماس تثير عم ارتياح موازي في بروكسل(...).

ويقول احد الديبلوماسيين الأوروبيين المتابعين للملف الفلسطيني ان المعادلة التي تواجه أوروبا حاليا تتمثل في انه توجد العديد من الخيارات للتعامل مع تطورات الموقف في الشرق الاوسط... ولكن كافة الخيارات تبدو صعبة وشبه مستحلية!

ويوجد إجماع واحد حاليا بين جميع الدول الأوروبية وهو الاستمرار في تقديم المساعدات للفلسطينيين. ويبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين يجتمعون في مدينة زالسبورغ بالنمسا يوم الجمعة سبل مواصلة تقديم المساعدات .

و ستقدم المفوضية الأوروبية الي ترعا المعونات المقدمة للسلطة تقريرا يستعرض الأشكال المختلفة للمساعدة التي يمكن أن يقدمها الاتحاد الى الفلسطينيين في الوقت الذي يتواصل فيه الضغط على حماس المدرجة في قائمة الاتحاد أل أوروبي للمنظمات الإرهابية و جرها نحو لتخفيف موقفها إزاء إسرائيل.

ومن بين الخيارات التي من المرجح ان يبحثها الوزراء تغيير مسارات بعض المساعدات من خلال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو احتمال تشكيل هيئة مكلفة بصرف الآمال بشكل مستقل عن السلطة الفلسطينية أو الاستعانة بالمنظمات غير الحكومية.

و قد يبحث الوزراء أيضا مواصلة دفع مبالغ محدودة للسلطة الفلسطينية لفترة اختبار على الاقل لتقديم الحافز لحماس كي تغير موقفها وهي في السلطة.

وتقول المصادر الأوروبية ان أي قرار حول شكل التعامل الفعلي مع السلطة الفلسطينية لن يتخذ سوى خلال الاجتماع الرسمي لوزراء الخارجية الأوروبي المقرر في بروكسل لنهار عشرين من الشهر الجاري وبعد ان تقوم الرئاسة الحورية النمساوية باطلاع الدول الأعضاء على نتائج محادثات ابو مازن
المقبلة

ولكن الصيغة النهائية والحاسمة لتعامل أوروبا مع السلطة الفلسطينية سيتحدد دون شك بعد الاقتراع الإسرائيلي المقرر ليوم 28 اذار(مارس) حيث يتجنب المسؤولون الأوروبيون أي تحرك قد ينظر اليه بأنه تدخل في هذا اقتراع

وفي غضون ذلك ستكتفي المواقف الأوروبية بتذكير الأطراف المانحة بواجباتها تجاه الفلسطينيين وبتذكير الفلسطينيين بالشرطين الرئيسين المتمثلين في ضرورة الاعتراف بإسرائيل ولتخلي عن المقاومة المسلحة.