أسامة مهدي من لندن: اكدت هيئة علماء المسلمين المرجعية الدينية للسنة العراقيين ان المشروع الاميركي في العراق قد فشل وسقط مثلما سقط في الشارع الأميركي واكدت انها لا تطالب فقط بانسحاب قوات الاحتلال وفق جدولة يتفق عليها مع الأمم المتحدة وإنما بدفع كل ما ترتب على هذا الغزو الباطل الذي مزق البلاد وقتل ابناءها ودعت العراقيين الى الالتفات إلى المخاطر التي تعصف ببلدهم والعمل الجادّ لتجاوز أزمته والخلاص من الاحتلال الذي لن يزول إلا من خلال برنامج وطني كامل غير مجزأ للتحرير يقوم على أساس خروج قوات الاحتلال وتوفير الفرصة للعراقيين جميعاً لاختيار حرٍّ لشكل نظامهم السياسي وممثليهم في عملية سياسية مستقلة بعيدة كل البعد عن تأثيرات الاحتلال أو غيره.

وفي بيان لها اليوم لمناسبة الذكرى الثالثة للحرب التي اطاحت بالنظام العراقي السابق قالت الهيئة لن العدوان الاميركي السافر يدخل عامه الرابع في ظلّ أزمة سياسية خانقة وتدهور وانفلات أمني كبير وانهيار كامل لنظام الخدمات وآثار خطيرة لتوترات ومشاكل طارئة على المجتمع العراقي واضافت إن قيام قوات الاحتلال بشنّ عدة حملات عسكرية بمعاونة القوات الحكومية على عدد من المدن العراقية في هذا التوقيت بالذات يدلّ على أن الاحتلال لا يريد الاستفادة من أخطائه السابقة وإمعانه في التجاهل المتعمد لإرادة العراقيين في الانعتاق من سطوته .

واضافت الهيئة انها وهي تتابع بقلق شديد ما تقوم به قوات الاحتلال فإنها تهيب بالعراقيين جميعاً على مختلف أطيافهم ومشاربهم الصمود على خيار المواطنة وتفويت الفرصة على العدو وتوحيد الجهود في مقاومته وعدم السماح له بنقل المعركة إلى معركة داخلية بين أبناء الوطن الواحد الذي لن يكون عراقاً حقيقاً إلا بجميع أبنائه الذين فوتوا على العدو مخططه الخبيث في إحداث فتنة طائفية تتيح له إعادة ترتيب أموره في العراق .. وفيما يلي نص البيان :

بيان رقم (233)
المتعلق بالذكرى الثالثة للغزو الأميركي البريطاني للعراق

الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:

تمرّ في 19/3/2003م الذكرى الثالثة للعدوان الأميركي البريطاني على العراق الذي تمّ بدون أي سند شرعي من المجتمع الدولي الرسمي الذي رفض إضفاء أي غطاء قانوني عليها في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي غير الرسمي الذي نظم حملة جماهيرية عالمية ضخمة جابت تظاهراتها أنحاء العالم المختلفة معبرة عن رفضها المطلق لهذا العدوان السافر الذي يدخل عامه الرابع في ظلّ أزمة سياسية خانقة وتدهور وانفلات أمني كبير وانهيار كامل لنظام الخدمات وآثار خطيرة لتوترات ومشاكل طارئة على المجتمع العراقي الذي يعاني أشدّ المعاناة في ظلّ انصراف شبه تامّ من المجتمع الدولي عن الشأن العراقي وتركه بيد قوات الاحتلال التي تحاول تشكيله على وفق مصالحها الخاصة، وهو المطالب بأن يقوم بواجبه تجاه ما يحصل من انتهاك خطير للحقوق الأساسية للعراقيين.

إن العراقيين اليوم بحاجة ماسة إلى أخذ مصالحهم بالحسبان والالتفات إلى المخاطر التي تعصف ببلدهم والعمل الجادّ من الجميع لتجاوز أزمته والخلاص من الاحتلال الذي لن يزول إلا من خلال برنامج وطني كامل غير مجزأ للتحرير يقوم على أساس خروج قوات الاحتلال وتوفير الفرصة للعراقيين جميعاً لاختيار حرٍّ لشكل نظامهم السياسي وممثليهم في عملية سياسية مستقلة بعيدة كل البعد عن تأثيرات الاحتلال أو غيره.

إن قيام قوات الاحتلال بشنّ عدة حملات عسكرية بمعاونة القوات الحكومية على عدد من المدن العراقية في هذا التوقيت بالذات يدلّ على أن الاحتلال لا يريد الاستفادة من أخطائه السابقة وإمعانه في التجاهل المتعمد لإرادة العراقيين في الانعتاق من سطوته التي كلما ازدادت ضعفاً كلما ازدادت حقداً وإمعاناً في إيذاء العراقيين قتلاً وتدميراً وانتهاكاً لقيمهم وحقوقهم.

إن هيئة علماء المسلمين وهي تتابع بقلق شديد ما تقوم به قوات الاحتلال فإنها تهيب بالعراقيين جميعاً على مختلف أطيافهم ومشاربهم الصمود على خيار المواطنة وتفويت الفرصة على العدو وتوحيد الجهود في مقاومته وعدم السماح له بنقل المعركة إلى معركة داخلية بين أبناء الوطن الواحد الذي لن يكون عراقاً حقيقاً إلا بجميع أبنائه الذين فوتوا على العدو مخططه الخبيث في إحداث فتنة طائفية تتيح له إعادة ترتيب أموره في العراق.

وتوجه الهيئة نداءها إلى أبناء القوات العراقية وتطالبهم فيه بالحذر من ارتكاب خطأ جسيم آخر في مواصلة اجتياح المدن العراقية مع قوات لا تحترم ديناً ولا مبادئ إنسانية، وحذارِ من أن يخدعكم أحد بالقول إنكم تقاتلون إرهابيين وفدوا من خارج البلاد، فوالله إنكم تقتلون أهالي البلاد وتستهدفون شبابها وشيبها ونساءها وأطفالها، وسيسجل التأريخ كل قطرة دم تريقونها من أبناء وطنكم، وتذكروا أن الاحتلال مهما طال أمده فهو زائل وأن الشعب هو صاحب الأرض وسينتهي إليه أمركم عاجلاً أم آجلاً.

واعلموا أن المشكلة في العراق ليست مشكلة أديان وقوميات أو اختلاف مذاهب من شيعة وسنة إنما هي في حقيقة الموقف من الاحتلال، فمن ألبسه لبوس التحرير يعدّ كلّ من يقف ضده إرهابياً سواء أكان مسلماً أو مسيحياً عربياً أو كردياً أو تركمانياً سنياً أو شيعياً، بل ولم يوجه للاحتلال يوماً أي نقد مع كل ما فعله من مجازر وانتهاك للأعراض وتدمير لقرى العراق وتخريب للمساجد والمقدسات، ولذلك نرى اليوم التأزم في الموقف يسير طرداً على قدر المشكلة التي يقع فيها الاحتلال ويتعرض لها المصطفّون معه والمنتفعون به لا سيما بعد مؤتمر القاهرة الذي ظهر فيه للعيان من يريد العراق وطناً للجميع ومن يريد العراق غنيمة حرب يتقاسمها المتخاصمون.

إن ما حدث في الأيام الماضية أريد به دفع البلاد إلى حرب أهلية يبدو أن القوى الطامعة والمتورطة في العراق تسعى إليها وهدفها الأول إضعاف فصائل المقاومة بإشغال شبابها في الدفاع عن عوائلهم ومساجدهم إلا أن فضل الله خيب مسعاهم وردّ كيدهم إلى نحورهم. ولا بدّ من إسداء تحية لأولئك الذين وأدوا المؤامرة بصبرهم وتفانيهم ولا زالوا يتحملون، وقد تعاملوا مع المؤامرة الكبيرة بفقه الصائل الذي يدافع ولا يغدر ينتظر ولا يثأر.

تحية للشباب الذين وقفوا دون مساجدهم أن تغزوها الغربان السود والذئاب المتوحشة ليشكلوا مثلاً يحتذى به في الصبر عند المكاره والعفو عند المقدرة من أجل هدف كبير وكبير جداً وهو أن تستمرّ المقاومة ويبقى العراق لكلّ العراقيين. وعلى الجميع أن يتذكروا أن الأسابيع الأولى للغزو لم تشهد أية حوادث وأن أول أربعينية لسيدنا الحسين رضي الله عنه بعد الاحتلال تمت دون أية منغصات.

وأخيراً على الجميع أن يعلموا جيداً أن المشروع الأمريكي في العراق قد فشل وسقط في العراق مثلما سقط في الشارع الأميركي . وإننا اليوم نطالب ليس فقط بانسحاب قوات الاحتلال وفق جدولة يتفق عليها مع الأمم المتحدة وإنما بدفع كل ما ترتب على هذا الغزو الباطل الذي مزق بلدنا وقتل أبناءنا في عملية إفساد للحرث والنسل.
والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.

الأمانة العامة
20 صفر 1427 هـ
20/3/2006 م