أسامة العيسة من القدس: حتى قبل سنوات قليلة، كان الشيخ إبراهيم صرصور، رئيس الحركة الإسلامية في إسرائيل (الجناح الجنوبي) مجرد شخص مشبوه أمنيا ويمثل خطرا على دولة إسرائيل، بالنسبة لافي ديختر الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) ولكن الاثنين اصبحا الان زميلين في الكنيست، بعد أن فاز صرصور، بصفته رئيسا للقائمة العربية الموحدة، بمقعد برلماني في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، وديختر الذي اصبح أحد أقطاب حزب كاديما.

والتقى الاثنان اليوم في الكنيست، خلال مشاركتهما، في يوم إرشادي نظم في البرلمان الإسرائيلي للنواب الجدد وعددهم أربعون نائبا، حول طبيعة العمل البرلماني وظروف عملهم تمهيدا لبدء الكنيست السابع عشر عمله. وعقد صرصور وديختر اجتماعا ثنائيا، قال صرصور بعده إنه ليس الأول الذي يجمعه مع قائد الشاباك السابق. وأضاف صرصور للإذاعة الإسرائيلية، أنه بسبب النظر الأمني إلى الحركة الإسلامية التي يمثلها، فانه كان هنالك لقاءات عديدة مع ديختر للبحث عما اسماها quot;تسوياتquot;.

وقال صرصور quot;كان يجب أن نتوصل إلى صيغ للتعايش، بين كوني ملتزم عقائديا، وبين مواطنتي في دولة إسرائيل، بحيث أمارس قناعاتي وفي الوقت ذاته لا اخرق قوانين الدولةquot;.

ويكشف حديث صرصور عن التطور الذي قطعه الجناح الذي يمثله داخل الحركة الإسلامية في إسرائيل التي تتبنى فكر الإخوان المسلمين، منذ انشقاق الحركة عام 1996، لجناح شمالي راديكالي يمثله الشيخ رائد صلاح، واخر شمالي مثله مؤسس الحركة الشيخ عبد الله نمر درويش ابن قرية كفر قاسم التي ينتمي إليها صرصور الذي اصبح منذ سنوات رئيسا لجناح الحركة المعتدل الذي خاض انتخابات الكنيست عدة مرات، وفي هذه المرة ترشح صرصور نفسه على رأس تحالف ضم الحركة الإسلامية، والعربية للتغيير بقيادة الدكتور احمد الطيبي.

ولم تعرف تفاصيل اللقاء بين صرصور وديختر، وهل كان استكمالا للقاءات السابقة التي أدت إلى ما وصفها صرصور quot;تسوياتquot; جعلت الحركة الإسلامية جسما شرعيا في إسرائيل، وهل توصل الاثنان إلى صفقات جديدة؟ وليس من المتوقع أن يجيب أي جانب عن هذه الأسئلة وغيرها، ولكن الطريق الذي قطعه صرصور وديختر للكنيست الجديد، تشير إلى أن كل طرف ما زال محكوما بالصورة التي وضعها لنفسه.

وما زالت أصداء المعركة التي خاضها صرصور ساخنة، ولم تبرد بعد، ضد قوى اليمين التي طالبت بمنعه من خوض الانتخابات للكنيست. واستندت هذه القوى إلى تصريحات للشيخ صرصور، حول إيمانه بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية، أطلقها في حومة المعركة الانتخابية، لتشير، هذه القوى، إلى أن صرصور يريد تطبيق الشريعة الإسلامية في إسرائيل. وقدمت هذه القوى طلبا للجنة الانتخابات المركزية الإسرائيلية، لشطب القائمة العربية الموحدة، ومنع الشيخ صرصور من خوض الانتخابات.

ورد صرصور بأنه لم يقل بأنه يريد تطبيق الشريعة الإسلامية في إسرائيل، ولكنه أعرب عن أمنيته في ان يتم ذلك في الدول العربية والإسلامية، وان برنامج القائمة التي يرأسها يدعو إلى الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية والدينية، للعرب في إسرائيل، بما لا يتعارض مع قوانين دولة إسرائيل. وبعد حملات من التحريض على صرصور ورد من قبله، أسقطت لجنة الانتخابات المركزية طلب منعه من التنافس في انتخابات الكنيست.

وعلى الجانب الآخر فان افي ديختر، رجل الصمت والأسرار، الذي لم يكن يتطلب عمله في الشاباك الحديث الكثير، توج مرحلته السياسية الجديدة، بمؤتمر صحافي أعلن فيه انضمامه إلى حزب كاديما.

وتصرف خلال المعركة الانتخابية وكأنه رجل الأمن الأول في إسرائيل، متجاوزا وزير الدفاع، فاطلق تهديدات ضد إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية، قائلا ان منصب هنية لا يمنحه حصانة من الاغتيال، وكشف عن محاولات إسرائيلية لاغتيال هنية.

واطلق ديختر تصريحات بشأن احمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في أثناء اعتقاله بسجن أريحا قائلا إنه لا مكان لسعدات الا للسجن أو القبر، وهو ما حدث باقتحام سجن أريحا واعتقال سعدات، في عملية عسكرية شاهدها العالم عبر الفضائيات. وبعد وصول ديختر وصرصور، إلى الكنيست اتضح أن هناك ما يمكن أن يجمع الاثنين، واطلق صرصور تصريحات، تعليقا على خطة حزب كاديما بترسيم حدود لدولة إسرائيل، أشار فيها إلى أن حركته لا تعارض أي انسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية، وفي وقت لاحق التقى اولمرت الذي اخبر صرصور، بأنه سيسعى إلى التوصل إلى تسوية مع السلطة الفلسطينية، عبر التفاوض مبينا أن إسرائيل ستلجأ إلى خطوات أحادية الجانب إذا تأكد عدم وجود شريك فلسطيني.

أما ديختر، فبعد وصوله إلى الكنيست، صمت عن الكلام العلني المباح، ويبدو انه سيعود للعمل السري الذي عشقه، وعقد الصفقات خلف الكواليس، وهو ما يتوقع أن يكون نتج من اجتماعه اليوم بممثل الأخوان المسلمين في الكنيست الإسرائيلي.