المتهم بمذبحة صعيد مصر ليس مجنوناً

نبيل شرف الدين من القاهرة: فتحت الأحداث الطائفية التي شهدتها مدينة الإسكندرية الساحلية شمال مصر ملف المرضى النفسيين، إذ اتهمت السلطات مريضاً نفسياً بارتكاب تلك الاعتداءات التي راح ضحيتها قتيل وعدة مصابين من بين مصلين داخل كنائس الإسكندرية، وفضلاً عن مئات التعليقات التي شهدتها الصحف المحلية حول ظاهرة المرضى النفسيين الذين باتت تعج بهم الشوارع، وتكتظ بهم المشافي والمصحات الحكومية والخاصة، فقد انتقلت القضية إلى البرلمان أخيراً.

وفي هذا السياق فقد أوصت لجنة حقوق الانسان في البرلمان المصري بزيادة اهتمام الدولة برعاية وعلاج المرضى نفسياً، خاصة مع تزايد عددهم في الآونة الاخيرة حيث بلغ نحو ستة ملايين شخص وتزايد خطرهم على المجتمع .
وبينما كشف د. ناصر لوزة أمين عام الصحة النفسية بوزارة الصحة المصرية أن هناك 6 آلاف سرير للمرضى النفسيين في 5 مستشفيات في مصر، وهناك اتجاه باقامة عيادات متخصصة للعلاج النفسي في كافة المستشفيات، فقد أوضحت اللجنة البرلمانية أن حل المشاكل التي يعاني منها الشباب، ولاسيما مشكلة البطالة وتوفير فرص عمل ومساكن ومساعدة الشباب على الزواج سيكون لها أكبر الأثر في تقليل عدد المرضى النفسيين وعلاج الكثير من الحالات المنتشرة.

تضارب الإحصائيات

ومضى المسؤول الصحي قائلاً إن هناك مشكلة حقيقية في خدمات الصحة النفسية خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث أظهرت دراسات أجريت مؤخرا أن نسبة المرضى النفسيين تتراوح بين 15 إلى 17%، لكن عدد المرضى العقليين منهم لا يزيد عن واحد بالمائة، موضحاً أن الخدمات الطبية وحدها لاتكفي لعلاج هذا العدد الكبير من المرضى، وحتى في حالة توفر الخدمات الطبية فان تزايد مخاوف الناس من هؤلاء المرضى يؤخر الاستجابة للعلاج والتماثل للشفاء .

وطالبت اللجنة البرلمانية مؤسسات المجتمع المدني بالقيام بدور في سبيل التصدي لهذه المشكلة، قائلة إنه من غير المقبول حبس كل هذه الأعداد من المرضى داخل المستشفيات فضلا عن تدني الامكانيات المتاحة لتقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم .

وطلب عدد من النواب في البرلمان المصري إجراء مناقشات مفتوحة وموسعة حول ظاهرة تزايد أعداد المرضى النفسيين بمصر خاصة خلال السنوات الأخيرة وبحث الأسباب التي أدت إلى ذلك، وأشار النواب إلى ضرورة حسم التضارب في الاحصاءات عن المرضى النفسيين في مصر في ضوء صدور تقرير من منظمة الصحة العالمية الذي أكد أن عدد المرضى النفسيين في مصر عشرة ملايين مريض على الأقل، بينما تقول وزارة الصحة إن عددهم لا يتجاوز ستة ملايين فقط .

وحمل النواب الحكومة مسؤولية هذه الزيادة الخطيرة في عدد المرضى النفسيين، وأرجعوا الأسباب إلى زيادة هموم المصريين، سواء من أرباب الأسر أو المرأة المعيلة في المجتمع نتيجة الفارق الصارخ بين مداخيل الأسرة وأسعار السلع والخدمات في مصر، التي ترتفع على نحو بات يهدد بكارثة على حد تعبيرهم.

وأكد النواب الذين أثاروا القضية صعوبة علاج غالبية الحالات، لأسباب تتراوح بين رفض عائلات المرضى إلحاقهم بمستشفيات الأمراض العقلية التي لا تتفق وطبيعة حالاتهم والتي تختلف عن مرضى الجنون، أو لرفض هؤلاء المرضى العلاج في هذه المستشفيات لتدني مستواها في الوقت الذي يعجزون فيه مادياً عن استقطاع جزء من دخلهم لتلقي العلاج في المصحات الخاصة.