السياسيون الموارنة نحو استعادة المبادرة من عون
جبهة جديدة تنبثق من quot;لقاء الأرزquot;

الموارنة وامتحان وحدة الموقف
إيلي الحاج من بيروت: رفع النواب والوزراء وقادة القوى السياسية المسيحيون المشاركون في فريق 14 آذار/ مارس بلقائهم في مقر رئيس الهيئة التنفيذية لحزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع في الأرز أمس، شعاراً هو إعادة التوازن المفقود في السلطة اللبنانية، لكن من يلقِ نظرة على الأدبيات التي أعقبت اللقاء يستنتج بسهولة أنه تعبير عن سعي المجتمعين إلى استعادة المبادرة التي حرمتهم إياها نتائج الانتخابات النيابية عام 2005 لمصلحة زعيم quot;التيار الوطني الحرquot; الجنرال ميشال عون الذي يحول بكتلته مع حلفائها،21 نائباً من 128، دون اكتمال أكثرية الثلثين اللازمة في مجلس النواب لتنحية رئيس الجمهورية إميل لحود، مشترطاً للتجاوب مع رغبة فريق 14 آذار/ مارس أن يكون هو خليفة لحود في القصر الجمهوري.quot;لسنا جمعية خيريةquot;، يقول الجنرال.

ويكاد يظهر بمراجعة أسماء المشاركين في لقاء الأرز والممثلين فيه أن لا أحد بين قادة الرأي والسياسة الموارنة يريد عون رئيساً باستثناء عون نفسه. يشذ عن ذلك الرئيس لحود إذا اضطر إلى التنحي، والوزير السابق سليمان فرنجية الذي لا يخفي يوماً مطابقته موافقه السياسية مع توجهات القيادة السورية في لبنان فيضر بالجنرال في بيئته السياسية الطائفية التي محضته الثقة أكثر مما يفيده، تماماً كما هو مفعول التأييد الذي يمحضه إياه الوزراء السابقون طلال إرسلان ووئام وهاب وعاصم قانصوه، وأخيراً ناصر قنديل.

فأقل وصف تعطيه غالبية الغالبية الشعبية التي انتخبت عون لكلام هؤلاء أنه quot;استفزازيquot; عندما يتعلق الأمر بسورية ولبنان وما بينهما، وهي لا تقبل من كلامهم إلا الشق المتعلق بوصول الجنرال، أو عودته إلى قصر بعبدا، والباقي ترفضه لأنه يتناقض مع تركيبة الأشياء. فالرجل بنى زعامته على كونه متطرفاً في مواجهة الاحتلال السوري للبنان، والشارع غريزي يستهويه التطرف عادة، وفي لحظات تاريخية حاسمة استمال الجنرال بنبرته ومواقفه هوى بيئته وثقتها . ومن تلك اللحظة التاريخية التي يصبح فيها الزعيم زعيماً أمكنه أن يذهب في الاتجاه السياسي الذي يريد من غير أن يخشى ، موقتاً على الأقل، محاسبة أو سؤالاً. والجنرال ليس وحده من اتبع أسلوب التطرف ابتداءً لإعلان الزعامة وتثبيتها، وسياسة المصالح والممكن تأتي لاحقاً. فقد سبقه إليه بشير وأمين الجميّل وسمير جعجع، ولكن في التكتيك لا الاستراتيجية . من هنا يأخذ تصريح صحافي لمشارك في quot;لقاء الأرزquot; بعداً رمزياً، إذ قال أن الاختلاف مع عون quot;استراتيجي quot;، ويتعلق بتعامله الملتبس مع الموضوع السوري وتحالفه الضمني مع quot;حزب اللهquot;، فضلاً عن تناوله الانتقائي لملف الفساد.

وبديهي القول أن أكثر من يعرف نفسية الجمهور quot;العونيquot; هو جعجع نفسه الذي اجتمع قادة السياسة الموارنة في مقره في الأرز، والذي يرى سياسيون كثر أنه أُبقي في سجنه خصيصاً بعد عودة عون تسهيلاً لاكتساح الجنرال المقاعد النيابية في الانتخابات. فالرجلان تنازعا طويلاً حتى من السجن والمنفى، ولا يزالان، على الجمهو نفسه الذي حمل على أكتافه في زمن قريب أحزاب الكتائب والوطنيين الأحرار والكتلة الوطنية وزعمائها وغيرهم. جمهور عاطفي كان يكفي إعلان جعجع أن اسم عون في مقدم قائمة المرشحين الذين يدعمهم للرئاسة، وبعده بطرس حرب ونسيب لحود ونائلة معوض، كي ينال استحسانه ورضاه، رغم أن ترشح أي كان ضد الجنرال يعني فوزه عليه وقطع طريقه إلى الرئاسة في موازين القوى الحالية في البرلمان . وحتى بعد سنة ونصف موعد انتهاء ولاية لحود الممددة يحتاج عون إلى انسحاب جميع المرشحين كي يفوز.

ويرفع المشاركون في quot;لقاء الأرزquot; شعار إعادة التوازن إلى السلطة ليصلوا إلى القول أن التصحيح يبدأ باستعادة المسيحيين رئاسة الجمهورية المعطلة حالياً بوجود لحود المعزول دولياً والمحاط بعلامات الاستفهام والجفاء داخلياً، مما يقتضي تنحيته وإجراء انتخابات رئاسية لأن الوضع لم يعد يتحمل. ويلفت في تحركهم أنه جاء بعد يوم واحد من دعوة بطريرك الموارنة نصرالله صفير أبناء رعيته إلى توحيد صفوفهم، وهو توحيد افتقدوه منذ تفرق quot;لقاء قرنة شهوانquot; الذي رعاه البطريرك وتخلى عنه لاحقاً لمصلحة عون قبيل الانتخابات، تعبيراً عن استيائه مما سمّي في حينه quot;التحالف الرباعيquot; بين تيار quot;المستقبلquot; والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة quot;أملquot; وquot;حزب اللهquot; على قاعدة خوض الانتخابات وفق قانون العام 2000 الذي رآه المسيحيون جائراً في حقهم فاقترعوا ضد حلفاء quot;التحالفquot; الموقت الذي سار به وفرضه على الآخرين.

والمتوقع في مرحلة لاحقة أن تنبثق أمانة عامة من quot;لقاء الأرزquot; على غرار ما كان الأمر مع quot;لقاء قرنة شهوانquot;، ولكن اللقاء لن يكون كسابقه لجهة تغطية بكركي ورعايتها له ، بل سيكون بالأحرى أقرب إلى quot;الجبهة اللبنانيةquot; ألتي أسسها الراحلان الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميّل وآخرون. أما الأهداف فهي quot;التمسك بثوابت 14 آذار/ مارسquot; ، مما يعني أن هذا التحالف أصبح مكوّناً من ثلاث قوى رئيسية هي quot;تيار المستقبلquot; بقيادة النائب سعد الحريري، quot;اللقاء الديمقراطيquot; بقيادة النائب وليد جنبلاط ، quot;لقاء الأرزquot; الذي لم يتخذ له اسماً بعد ولا أُعلنت له آلية لاتخاذ القرار الذي سيكون جماعياً.

يذكر أن الذين اجتمعوا في الأرز هم إلى جعجع : الوزيرة نايلة معوض والوزير جو سركيس ونواب كتلة quot;القواتquot; جورج عدوان وستريدا جعجع وايلي كيروز وانطوان زهرا وفريد حبيب، والنواب بطرس حرب، صولانج الجميل، جواد بولس، والنائبان السابقان نسيب لحود وفارس سعيد ورئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون. ومثل حزب الكتلة الوطنية ( عميده كارلوس إده) المحامي مروان صقر. وغاب عن الاجتماع الرئيس امين الجميل والوزير بيار الجميل لمشاركتهما في التعازي بوفاة والد زوجة الرئيس الجميل السيدة جويس. كما غاب النائب سمير فرنجية الذي ذكر قريبون منه إنه quot;لا يحبذ اللقاءات ذات الطابع الطائفي، حتى لو كان يؤيد أهدافهاquot;. ولم يُدعَ إلى الاجتماع النواب والوزراء المسيحيون المنتمون إلى كتلتي quot;المستقبلquot; وquot;اللقاء الديمقراطيquot; ولا quot;التيار الوطني الحرquot; الذي يترأسه الجنرال عون ، لأنه بحسب الجتمعين، quot;أبعد نفسه عن قوى 14 آذار منذ الانتخابات الماضيةquot;.