يبحث بنيويورك الحريات الدينية لأقليات الشرق الأوسط
أقباط المهجر: مصر سعت لإفشال مؤتمر بالأمم المتحدة

نبيل شرف الدين من القاهرة : قال بيان مشترك لاثنتين من منظمات الأقباط في المهجر وناشط قبطي يتخذ من مدينة شيكاغو الأميركية مقراً له إن الحكومة المصرية تدخلت بقوة لدى الإدارة الأميركية لإثنائها عن دعم مؤتمر كان من المزمع عقده بإحدى قاعات مقر هيئة الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، غير أن البيان ـ الذي تلقت (إيلاف) نسخة منه ـ أكد أن المؤتمر سوف يعقد في نفس موعده وبنفس ضيوفه وأجندته، مع تغيير المكان إلى أحد الفنادق.
وأوضح البيان أن هذا المؤتمر يأتي في إطار جهود أقباط المهجر لتسليط الأضواء على أحوال الأقباط في مصر، كما تحدث البيان عن أن الإحباط أصاب ملايين الأقباط نتيجة هذا التطور السلبي، وقال quot;لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن كافة الأقليات في المنطقة أصابتها خيبة أمل نتيجة هذا الموقف المتخاذل من قبل الإدارة الأميركية، واستجابتها للضغوط التي مارسها النظام الحاكم في مصر عليها، في وقت لا تكف فيه الإدارة الأميركية عن التبشير بأنها لن تتوقف عن دعم الإصلاح والديمقراطية في المنطقة، التي تتصدرها المسألة القبطية، وحقوق الأقليات باعتبارها تقف على رأس أجندة احترام حقوق الإنسانquot;، وفق ما ورد في البيان الذي تلقته (إيلاف) من المنظمات القبطية .

ضغوط مصرية

وروى البيان خلفيات ما حدث قائلاً إن منظمة quot;الأقباط متحدونquot; التي يرأسها الناشط المصري عدلي أبادير يوسف، المقيم في سويسرا، سعت إلى تنظيم مؤتمر جديد ليعقد هذه المرة تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة، وداخل مقرها في مدينة نيويورك الأميركية، وبالفعل تمكنت المنظمة بالتعاون مع quot;الاتحاد المسيحي العالميquot; والناشط كميل حليم، من حجز إحدى قاعات الأمم المتحدة لاستضافة المؤتمر الذي كان يفترض أن يعقد يوم التاسع عشر من حزيران (يونيو) الجاري في قاعة quot;همرشيلدquot; بمقر الأمم المتحدة، تحت عنوان : (الحريات الدينية للأقليات في الشرق الأوسط)، ومضينا بالفعل في الإعلان عن المؤتمر وأجندته والمحاور التي سيناقشها المدعوون إليه، فضلاً عن توجيه الدعوات إلى المشاركين والمتحدثين في هذا المؤتمر الدولي المرتقب .
ومضى البيان قائلاً إن تطوراً حدث فجأة وقلب كل هذه الترتيبات رأساً على عقب، إذ سحبت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة دعمها لهذا المؤتمر، تحت ضغوط هائلة من قبل الحكومة المصرية، كما اتضح لنا ذلك لاحقاً من خلال ما بلغنا من المسؤولين الأميركيين لدى هيئة الأمم المتحدة .
وتابع البيان قائلاً إنه إذا كان من المفهوم بل والمتوقع أن يسعى النظام الحاكم في مصر إلى محاولة إجهاض انعقاد هذا المؤتمر بكل وسيلة ممكنة، سواء كانت أخلاقية أم غير أخلاقية، وكانت قانونية أو غير قانونية، لأن مؤتمراً كهذا كان من شأنه أن يفضح ممارساتها الاستبدادية حيال حقوق الإنسان وحقوق الأقليات، فإنه من غير المفهوم بل وغير المتوقع أن ترضخ الإدارة الأميركية لهذه الضغوط من قبل النظام الدكتاتوري الحاكم في مصر، وأن تستجيب لتلك الضغوط وتسحب دعمها لانعقاد المؤتمر، مع أهمية الإشارة في هذا المضمار إلى أن الدعم الأميركي ـ بصفتها دولة دائمة العضوية بمجلس الأمن ـ كان شرطاً ضرورياً لعقده، كما تقضي بذلك الأنظمة المتبعة والمعمول بها في الأمم المتحدة .

الإصلاحيون والأقليات

وربط البيان بين هذه التطورات وملاحقات الإصلاحيين داخل مصر، بدءاً بحبس المعارض الليبرالي أيمن نور، وتأييد الحكم بحبسه خمسة أعوام، ورفض السلطات نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، وتركه فريسة لسلسلة من الأمراض، فضلاً عن الاعتداءات الوحشية على أعضاء حركة (كفاية) المعارضة، والزج بهم في غياهب السجون، وتلفيق القضايا لهم، ناهيك عن تعرضهم للتعذيب وهتك العرض وغيرها من الممارسات، مشيراً في هذا الصدد إلى صمت الإدارة الأميركية حيال الممارسات الحكومية، وتغض الطرف عن مرتكبيها، بل وتستقبل نجل الرئيس المصري جمال مبارك، من خلال لقاءات مع الرئيس الأميركي ونائبه وكبار معاونيه، وهو الأمر الذي ليس له ثمة تفسير لدى الشارع السياسي والشعبي المصري سوى أن الإدارة الأميركية باتت تبارك ما يشاع عن اعتزام الرئيس المصري توريث نجله السلطة، وهو الأمر الذي ترفضه كافة القوى المعارضة والحركات الإصلاحية والمنظمات الحقوقية على اختلاف مشاربها، لأن توريث السلطة من الآباء إلى الأنجال يتعارض مع أبسط قواعد تكافؤ الفرص والإصلاح الديمقراطي الذي يزعم النظام الحاكم في مصر أنه يسعى إليه ويتمسك به، بينما يمارس أساليب قمعية بلشفية، تذكر بما كان يحدث في الاتحاد السوفيتي قبيل انهياره وتفككه .

وحمل البيان على موقف الإدارة الأميركية قائلاً إنه على الرغم مما أسماه هذا التواطؤ والتخاذل من قبل الإدارة الأميركية، فإن منظمة quot;الأقباط متحدونquot;، وquot;الاتحاد المسيحي العالميquot;، وغيرهما من المنظمات القبطية بل والمصرية الحرة عموماً تؤكد أنها لن ترضخ لممارسات الحكومة المصرية، وإذا كانت قد نجحت هذه المرة في إقناع الإدارة الأميركية فإن الشعوب الحرة في مصر والعالم، فلن تقبل أن ترضخ أبداً للطغيان والدكتاتورية ومحاولات تغييب الحقائق، ومن جانبنا نعد إخواننا وأهلنا في مصر، بل وفي كافة أنحاء المنطقة بأننا سنواصل جهودنا لإسماع صوتهم للعالم، وتسليط الضوء على معاناتهم تحت حكم مبارك وأمثاله من الطغاة والمستبدينquot;، حسب ما ورد بالبيان .

واختتم البيان قائلاً quot;إن مؤتمر quot;الحريات الدينية للأقليات في الشرق الأوسطquot; سوف يعقد رغم تخاذل الإدارة الأميركية، وموقف الأمم المتحدة المخزي، ومؤامرات النظام الفاسد المستبد في القاهرة، وإن كانوا قد نجحوا بالفعل في منع عقد المؤتمر تحت مظلة الأمم الأمم المتحدة، فإن ذلك لن يقف حائلاً دون عقده في مكان آخر وهو فندق quot;هوليداي إنquot; في نيوجرسي بالولايات المتحدة، وبنفس أجندته ونفس ضيوفه، ولن نرضخ للطغاة والمستبدين والمتخاذلين، بل سنواصل تحدينا بهدف إيصال صوت المظلومين والمضطهدين في بلادنا إلى كل مكان، ولكل قلب وضمير يؤمن بأن دولة الطغيان لابد أن تدول، وأن الاضطهاد والظلم لن يستمرا إلى الأبدquot;، وفق ما ورد في البيان المذكور .