ابن المغرب يواجه نهاية مبكرة لحياته السياسية
بيرتس من داعية سلام إلى قائد حرب

خلف خلف من رام الله: عندما نفذت إسرائيل عام 1982 هجومها على لبنان كان ارييل شارون وزيراً للدفاع، بينما كان عمير بيرتس) وزير الدفاع الحالي( يتوسط نشطاء السلام الذين خرجوا للتظاهر في شوارع تل أبيب والمدن الإسرائيلية، هاتفين بعبارات مناوئة للحرب واصفين شارون بالقاتل ومطالبين بوقف الحرب خاصة بعد مقتل العديد من المدنيين اللبنانيين.

الصورة في العام 2006 أي بعد ما يقارب 24 عاماً تبدو مغايرة تماماً. بيرتس الذي هتف ضد الحرب قبل ما يقارب عقدين، هو من يقودها الآن ،وهو الذي يهتف المتظاهرون بالمدن الإسرائيلية باسمه ويصفونه بالمجرم القاتل. وقبل ما يقارب الأسبوع ونصف رفع مواطنون بلجيكيون من أصل لبناني دعوى قضائية ضد بيرتس ورئيس الحكومة ايهود أولمرت بتهمة ارتكاب جرائم حرب خلال الحرب الحالية ضد لبنان. وهذا ما حدث لشارون أيضاً الذي رفعت ضده دعوات عدة بتهمة ارتكاب جرائم حرب خاصة بعد وقوع مجازر صبرا وشاتيلا الذي اتهم شارون بالمسؤولية عنها بصفته وزيراً للدفاع آنذاك.

لكن رغم تشابه الصورة بين بيرتس وشارون إلا أن الفرق يبدو شاسعاً. فشارون عرف بخبرته العسكرية الطويلة التي مكنته من احداث انقلاب بإسرائيل خلال العام الجاري حين أعلن انسلاخه من حزب الليكود وتأسيس حزب كاديما الذي يقود دفة الحكومة الإسرائيلية حالياً. وظل شارون جنرالاً لا يقوى أحد على مواجهته في الدولة العبرية حتى وقع طريح الفراش بسبب غيبوبة ما زالت مستمرة منذ ما يقارب ثلاثة أشهر. لكن بيرتس لا يتمتع بهذه الشعبية ولا يعتبره الكثيرون قائداً ناجحاً كونه يتهم بأنه سلخ جلده وتحول لوزير دفاع بحثاً عن المصلحة والشهرة فقط. كما أنه أصبح مؤخراً مثارا للسخرية من قبل وسائل الأعلام التي تتحدث عن قلة خبرته وحيلته العسكرية مع اندلاع المواجهة بين إسرائيل وحزب الله.

وتتندر الصحف الإسرائيلية والعربية بتوزيع النكات حول بيرتس. فكتب أحدهم مؤخراً يقول أن بيرتس غاضب من مقاتلي حزب الله كونهم يضربون جنود إسرائيل بمضادات الدروع. ونقل عن بيرتس قوله انه يتوجب أن يكون السلاح موحد لكلا الطرفين. كما سخر محلل سياسي إسرائيلي مؤخراً من بيرتس، حين قال أن أحرج نفسه حين سأل قادة الجيش الإسرائيلي الذين زارهم في جبهة الشمال: كيف لا تصيب قذائف دباباتنا التي نطلقها على لبنان طائرتنا التي تحلق في السماء.

الا ان المراقبين يروون أن تحول بيرتس لم يكن وليد اللحظة التي اندلعت فيها الحرب بين حزب الله وإسرائيل قبل ما يقارب الشهر. بل أن تحوله جاء بعد هزيمته لشمعون بيرس بتاريخ 10/11/2005 حين انتخب رئيساً لحزب العمل، مما مهد له أن يشارك في الحكومة الإسرائيلية الحالية وزيراً للدفاع رغم تطلعه لاستلام المالية. ولكن أولمرت رفض ذلك خشية تنفيذ بيرتس لسياسته الاجتماعية.

وفي الموقع الخاص بعمير بيرتس على شبكة quot;الانترنتquot; جاء عنه حرفيًا انه quot; على مدى سنوات كان عمير بيرتس من السباقين والبارزين في معسكر السلام الإسرائيليquot;. الا ان الرأي الاخر المعاكس يقول الآن أن بيرتس قد يخسر حياته السياسية في حال خسرت إسرائيل معركتها الحالية مع حزب الله.

يشار أن عمير بيرتس ولد في مدينة بوجار في المغرب سنة 1952، وتطوع في الجيش ودخل دورة ضباط. بتاريخ 22 نيسان/ أبريل 1974 وأصيب بجراح بالغة في مواجهة عسكرية في سيناء، وعندما خرج من المستشفى أصبح مزارعا. وفي سن الثلاثين قرر بيرتس أن يخوض الانتخابات في سديروت كممثل حزب quot;العملquot;. وفاز في الانتخابات، كما انتخب سنة 1988 عضوا في الكنيست الـ 12 عن حزب quot;العملquot; ومنذ ذلك الوقت وهو يشغل منصب عضو في الكنيست بصورة مستمرة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات للكنيست في سنة 1999 أسس عمير بيرتس حزب quot;عام إيحادquot; (شعب واحد) الذي اتبع خطًا اجتماعيًا وفاز بمقعدين في الكنيست الـ 15 وعند إقامة حكومة الوحدة في 2001 انضمت الكتلة إلى الحكومة، وفي انتخابات الكنيست الـ 16 في 2003 فاز الحزب بـ 3 مقاعد، وبعد مرور سنة على الانتخابات بدأت الاتصالات بين حزب quot;العملquot; وحزب quot;عام إيحادquot; حول توحيد الحزبين، وتحقق ذلك في أواسط سنة 2004 ،وعاد عمير بيرتس إلى حزب quot;العملquot; الذي كانت بداية طريقه من داخله. وقد كانت لزعيمه شمعون بيريس جهود كبيرة في إقناع بيرتس بالعودة إلى أحضان quot;العملquot;. وبعد عودة عمير بيرتس إلى quot;العملquot; أسس حركة quot;آدمquot; (إنسان)، ويؤكد المقربون منه أن بيرتس قرر المنافسة على زعامة حزب quot;العملquot; بهدف إعادة الحزب إلى quot;خطه الاشتراكي الديمقراطي الذي ميزه في السنوات السابقة والذي أدى إلى نجاحاته الكبيرة كحزب يشارك في بناء المجتمع والدولةquot; لكن بيرتس وجد نفسه عام 2006 وزيراً للدفاع المنصب الذي يحتاج لخبرة عسكرية يفتقدها وهو ما يجعل مهمته صعبة بخاصة مع تفجر الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية مجدداً.