لندن من عادل درويش
خيب جامعيون بريطانيون، طلابا واساتذة، امال رئيس الوزراء توني بلير في تاسيس معهد لدراسة سبل الحكم وفنون السياسة، عند تقاعده، بعدما واجهت مقترحاته جدارا صعبا من معارضة اتحادات الطلاب والأكاديميين المتخصصين في الموضوع.

وكان مساعدو ومستشارو الزعيم البريطاني انشغلوا في الأسابيع الماضية بألاتصال بهدوء وبدون الأعلان عن جهودهم، بعدد من ألاكاديميين واساتذة العلوم السياسية في كلية لندن للدراسات الأقتصادية المعروفة بي London School of Economics والتي يشار اليها في ألوساط السياسية والأكاديمية والصحفية بالأحرف الأولى من الكلمات الثلاث LSE لمعرفة رأيهم في تأسيسي معهدة كامتداد او ملحق اكاديمي للمدرسة، او يشرف اساتذة منها عليه.

و LSE تتمتع بسمعة محترمة في الأوساط السياسية وتخرج منها عدد كبير من الزعماء السياسيين، في بريطانيا وحول العالم، وغالبا ما تصدر عنها دراسات يهتدي بها المخططين السياسيين والوزراء في رسم الأستراتيجية حول قضايا مهمة.

والمعهد الذي يقترحه بلير، يسمى في اوساط حزب العمال والساسة ب quot; معهد توني بلير لشؤون الحكومةquot;، وبدأ الصحيفيون يسمونها مزحا في جلساتهم الخاصة quot; بمدرسة بلير quot;، و quot; الفصل المفتوح quot; يريد الزعيم البريطاني صياغته على نمط معهد جون ف كينيدي في جامعة هارفارد الراقية في بوسطون بالولايات المتحدة، ويتم فيها دراسة قضايا السياستين الداخلية والخارجية.

وبمجرد ان علم زعماء اتحاد الطلاب في لندن في LSE بالأمر صباح اليوم، حتى حذروا بالتظاهر والأحتجاجات quot;على مستوي لم يسبقه مثيل quot;، اذا قرر داوننج ستريت المضي في سياسة تأسيس معهد بلير يلحق بكليتهم.

وبلير يعتبر quot; شخصية شريريةquot; حسب قول مصادر اتحاد الطلبة اليوم، في الأوساط الجامعية بسبب سياسته في الدفع بخطة زيادة المصاريف الجامعية لتقليل دعم الخزانة لها، وايضا بسبب سياسته في العراق ومايراه الطلاب quot; تبعية للسياسة ألامريكيةquot;، وألاتحادات الطلابية تعتبر العمود الفقري لحركة مناهضة الحرب في العراق، والتقارب مع واشنطن، وهي قاعدة تحريك مظاهرات ألاحتجاج ضد بلير.

ويتوقع آليد فيشر، سكرتير شؤون البئية والسلوك في اتحاد طلاب الكلية، معارضة كبيرة وعلى مستوي لم يسبق له مثيل لفكرة معهد بلير، مضيفا انه واتحاده سيؤيدن ألاحتجاج مائة في المائة.

وطلاب الكلية، التي يقع مبناها الرئيسي في منطقة اولدويتش، امام مبنى بوش هاوس الشهير، دار الخدمة العالمية والعربية في البي بي سي، لهم تاريخ طويل من الأحتجاجات والأعتصامات لأجيال طويلة، مثل الحركة ضد التسليح النووي، وضد حرب فيتنام، وضد تورط بريطانيا في حرب بيافرا، وضد حرب السويس. الجديد هذه المرة ان عددا كبيرا من الأساتذة واعضاء هيئة التدريس يشاركون الطلاب الرأي تجاه معهد بلير المقترح.
فبلير، كما يقول جيمس كاسبيل، ممثل شؤون الطلاب في مجلس ادارة الكلية، محاولة لتحقيق الكسب التجاري على حساب الكلية، مضيفا انها ليست المرة الأولى.

ويرى كاسبيل ان بلير هو اقل رئيس وزراء عمالي شعبية في سنوات طويلة، ولأسباب وجيهة. quot; فلااحد اضر بمستوى التعليم الجامعي وبفرص الطلاب لدخول الجامعة مثل بلير بالغاء المنح الدراسية - [ منح كانت الحكومات المحلية تمنحها للطلاب وتشمل مصاريف الدراسة ومصاريف المعيشة] ndash; وازيادته لمستوى مصاريف الدراساة بشكل كبير.quot;
كما اتهم كاسبيل ساسية بلير بانها quot; سياسة تجار الحروب تسببت في مصرع الاف المدنيين والجنود في اماكن متعددة من انحاء العالم.quot; واضاف بانه يعبر عن رأي غالبية الطلاب بان اي معهد او مدرسة تعتمد على مشاركة الطلاب والدارسين، لن تقبل ابدا بمثل معهد بلير.

وهذه ليست المرة ألاولى التي يستهدف فيها الطلاب رئيس وزراء بسبب سياسته تجاه التعليم او السياسة الخارجية، ففي عام 1998 نجح اتحاد طلاب جامعة اوكسفورد العريقة في منع ادارة الجامعة من منح رئيسة الوزراء السابقة مارجريت ثاتشر درجة دكتوراة فخرية، فقد عرفت باسم quot; سارقة اللبنquot; لأنها منعت توزيع اللبن المجاني على اطفال المدارس عندما كانت وزيرة للمعارف في عام 1969، كما بدأ في عهدها تقليل ألانفاق على التعليم.

ومن المتوقع ان يبدأ فناون منولوجيست الكوميديا والمعلقون السخرية من فكرة مدرسة بلير للحكومة.
الطريف ان علي سالم، المؤلف المسرحي المصري الشهير، له مسرحية سياسية ساخرة كتبها عام 1970 اسمها quot; بكالوريوس في حكم الشعوبquot; وفيها تؤسس ألامم المتحدة مدرسة طلابها من زعماء بلدان ألانقلابات العسكرية، ولاتعترف الأمم المتحدة بالحكومة الجديدة الا بعد ان يتم الزعيم الجديد، الذي جاء بانقلاب عسكري، دراسة للديموقراطية وسبل الحكم، ويجتاز امتحان حكم الشعب بنجاح؛ المشكلة، حسب حبكة المسرحية، انه كلما يوشك تلميذ زعيم على التخرج، يقع انقلاب عسكري في بلاده قبل عودته اليها، ويرسلون تلميذا جديدا الى مالا نهاية.

لكن يبدوا ان طلااب بريطانيا يريدون القيام بالأنقلاب ضد معهد بلير حتى قبل تأسيسه.
انتهى


عادل درويش من لندن