أسامة مهدي من لندن : خاطبالرئيس العراقي جلال طالباني الشعب الاميركي اليوم قائلاquot; استطيع أن أؤكد لكم أن الانسحاب الفوري لقوات التحالف من العراق سيؤدي إلى تفاقم التوتر بين المكونات المختلفة للمجتمع وأن ما نعرفه سابقا عن الحروب الأهلية سيكون وصفا ناقصا وباهتا بالمقارنة مع الدماء التي سوف تراق في حال فقد العراق الدعم الدوليquot; واكد انه لا يستطيع أن يتعهد بموعد وكيفية انتهاء الوجود الأميركي في العراق، فيما قالت هيئة النزاهة العراقية ان اطلاق سراح مدير الدائرة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية عادل اللامي بعد اعتقال استمر شهرا بتهمة ارتكابه مخالفات مالية بالملايين لايعني تبرئته من التهم المسندة له .

وجاء هذا التحذير الشديد للرئيس طالباني في رسالة وجهها الى الاميركيين اليوم لمناسبة زيارته الحالية الى الولايات المتحدة وارسل نسخة منها الى quot;ايلافquot; مكتبه الاعلامي مضيفا quot;لا شك في أنكم تدركون بأننا نقاتل في حرب صعبة و شاقة و إننا نفعل ما بوسعنا لحماية شعبنا من فاشية سافرة تدفع الشعب إلى أتون حرب أهليةquot;. واضاف quot; أود أن أكون صريحا معكم نحن ما زلنا بحاجة لمساعدتكم من أجل إنقاذ العراق من خطر العنف الدائم .. إن القوات العراقية تتقدم تدريجيا و على مهل في تعزيز قدرتها على القتال و مواجهة الإرهاب و في الآونة الأخيرة سلّمت القوات المتعددة الجنسيات السيطرة الكلية لصالح الحكومة العراقية .. إن المخاطر في العراق كثيرة وكذلك التحولات العالمية ولهذا السبب ينبغي ان تكون بلادنا نقطة اهتمام لكل بلد ديمقراطي في العالمquot;.

وقال طالباني للاميركيين quot;ورغم أنني لا استطيع أن أتعهد بموعد وكيفية انتهاء الوجود الأميركي في العراق إلا ان بوسعي التأكيد على ان الجنود الأميركيين لا يقاتلون عبثا.
إننا في العراق ندرك ضخامة الموارد التي قدمتها من الولايات المتحدة كما ونفهم أيضا أن الكثير من الأميركيين قد أصيب بالاحباط جراء الحرب و إننا نفهم أن الهواجس تتناسب بصورة طردية مع المشقة. إنني أدرك أن الكثيرين من الأميركيين كانوا متحفظين على قرار الذهاب إلى الحرب و لكنني اطلب منهم أن ينسوا ذلك في سبيل دعم عراق ديمقراطي حر، و من أجل مستقبل للعراقيين خال من العنف و التطرف. وأرجو ان تضعوا في حسبانكم ما يمكن أن يعنيه الفشل في العراق و ما سيعنيه للعراق و الولايات المتحدة و المجتمع الدولي و لعلي أقول إن مصلحة العراق و الولايات المتحدة الأميركية متطابقة في هذه القضية.
إن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية كبيرة في مساعدتنا وأن مستوى علاقاتنا يرقى إلى مستوى الشراكة العميقة بين البلدينquot;.
ونقل للاميركيين امتنان جميع العراقيين quot;الذين يقاتلون من أجل حكم ديمقراطي و مجتمع مدني، و أن كفاحنا ضد حكم الاستبداد لم يكن ليحقق التقدم الذي حققناه وتعجز الكلمات عن الإفصاح عن العرفان لأولئك الذين فقدوا أحباء لهم في العراق. إننا نشعر بألمكم ونحن نبجل تضحياتكم وسوف لا ننساكم .. أقول لكل من لديه اليوم أقارب أو أصدقاء في العراق إن أبناءكم و بناتكم يقومون بمساعدتنا خلال هذا التحول التاريخي والمهم و سوف نتذكر دائما التضحيات التي تقدمها أميركا من اجل العراقquot;.

واشار طالباني الى ان تحرير العراق قد عاد بالخير على جميع مكونات الشعب العراقي وقالquot; خلال حكم صدام كانت غالبية أبناء العرب السنة في العراق مهمشة من قبل صدام و أفراد عصابته الذين كانوا يحكمون باسم هذا المكوّن و لكن في الواقع لم يكن لأبناء السنة العرب أبداً أن يختاروا ممثليهم بصورة ديمقراطية كما ان تقرير مستقبلهم لم يكن رهنا بهمquot;. واضاف أما اليوم، فان لدى العرب السنة 58 نائبا في البرلمان ومن هذه الطائفة أيضا نائب رئيس الجمهورية و نائب رئيس الوزراء و رئيس البرلمان، وهم جميعا منتخبون من قبل الشعب العراقي. أما الغالبية الشيعية فقد كانت مضطهدة و تعاني من التمييز لعقود طويلة كما لم يكن لأبناء هذه الطائفة الحق في أن يمارسوا حتى شعائرهم الدينية بينما هم الآن مواطنون متساوون مع غيرهم و لهم مواقع رئيسة في الحكومة والبرلمان وذلك من خلال ممثليهم الذين تم انتخابهم بصورة ديمقراطية. وكان الأكراد مواطنين من الدرجة الثانية وعانوا من الإبادة الجماعية والقصف الكيمياوي واليوم هم مواطنون متساوون في المجتمع العراقي وهم مشاركون فاعلون في إدارة بلدهم العراق وكذلك الحال بالنسبة للتركمان والآشوريين و المكونات الأخرى للمجتمع العراقي.

واوضح ان الحالة الاقتصادية لمعظم العراقيين قد تحسنت وإن الاقتصاد قد تحرر من سيطرة الدولة كما ان قانون الاستثمار الجديد مطروح على البرلمان الآن و من شأنه أن يقوي قطاعنا الخاص و ينظم إجراءات البدء بأعمال جديدة و يفتح البلاد أمام الاستثمارات والمشاركات الأجنبية بصورة أوسع. وقال إن رواتب موظفي الدولة قد ازدادت بمعدل 100 مرة أو أكثر، حيث كان رجل الشرطة في عهد صدام يتقاضى من 2-3 دولارات أميركية كل شهر، أما الآن فإن رجل الشرطة يتقاضى ما لا يقل عن 200 دولار في الشهر. واشار الى أن الازدهار المالي والاقتصادي يمكن ملاحظته في المناطق الأكثر أمنا في العراق حيث يوجد في مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراقي أكثر من 2000 مليونير مقارنة مع 12 قبل التحرير.

وعلى الصعيد السياسي قال طالباني quot; لقد عشنا عاماً حافلاً بالأحداث ولأول مرة في تاريخ العراق، صادقنا على الدستور الذي يتضمن الكثير من القيم التي ترسخ دعائم الديمقراطية و حقوق الإنسان والمساواة و حكم القانون و الإدارة الجيدة. و بعد ثلاث عمليات اقتراع تاريخية والتي كانت علامة مميزة في تاريخ الشرق الأوسط، غدت لدينا الآن حكومة من الشعب و ليس ضد الشعب .. وخلافا للانتخابات السابقة فقد صوّت في انتخابات كانون الأول (ديسمبر) الماضي أكثر من 10.5 ملايين ناخب ونشأ لدينا برلمان يمثل الجميع و بصورة أوسع من السابق و انبثقت منه حكومة وحدة وطنية حاضرة الآن.

واضاف أن المشاركة في الانتخابات الوطنية والاستفتاء على الدستور كانتا من الخطوات الأولى في سياق الجهود quot;التي نبذلها من اجل المصالحة الوطنية و لقد اخترنا صندوق الاقتراع سبيلا لحل خلافاتنا وليس الرصاص .. وقد عززنا ذلك بخطة المصالحة الوطنية التي أطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي هذه الخطة التي تهدف إلى سحب جميع عناصر الطيف السياسي العراقي إلى العملية السياسية التي تشجب الإرهاب و العنف. وخلال الفترة بين إجراء الانتخابات وإكمال تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، قامت الكتل السياسية التي تألفت منها الحكومة فيما بعد، بالاتفاق على البرنامج السياسي للحكومة وعلى تشكيل المجلس السياسي للأمن الوطنيquot;.

وحول محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين و مساعديه قال ان محاكمتهم عن جرائم اقترفت ضد الشعب العراقي هي حدث مهم و علامة مميزة للعراق الجديد خلال العام الماضي. فقد توفرت له العدالة التي كان يرفض منحها للعراقيين لعقود من الزمن. و إن سير المحكمة و إفادات الشهود و المتهمين هي شواهد دامغة و أدلة بينة تميز بين ما كان عليه العراق في الماضي و ما يشارف عليه الآنquot;.

وقال quot;يحاول أعداؤنا أن يحطموا و يعطلوا قدر طاقتهم العملية السياسية ليس لأنهم غير موافقين على الأفكار التي تضمنها الدستور العراقي بل لأنهم لا يريدون دستوراً. إن القوة الأساسية لأعدائنا تتمثل في فريق من الإرهابيين الدوليين و أنصار النظام القديم من الموالين لصدام حسين و المستفيدين من نظامه وهم يحاولون أن يوقعوا بين العراقيين وأن يعودوا بالعراق إلى الماضي الوحشي و الدموي. وإن تكتيكهم في تدبير التفجيرات الانتحارية و قطع الرؤوس يظهر للعيان أنهم يريدون أن يحكموا عن طريق الإرهاب و الخوف تماماً مثلما كان يفعل صدام. . وثمة مناطق في العراق آمنة و مؤمَّنة ولكن هناك مناطق أخرى ما زالت تتعرض لهجمات من قبل العدو الشرير و المتعطش للدماءquot;.

واشار الرئيس العراقي الى أن المعركة في العراق هي ليست بين مكونات اجتماعية مختلفة إذ ان الممثلين المنتخبين لهذه المكونات اتفقوا على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وعلى المصالحة الوطنية .. كما أنها ليست معركة بين الحضارات كما يراها البعض بل إنها حرب quot;من أجل الحضارةquot; على حد التعبير الموفق لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير فالصراع هو بين من يؤمنون بالحضارة ومن يرفضون أيما حضارة على الإطلاقquot;.

النزاهة العراقية : إطلاق مدير الانتخابية لا يعني تبرئته

الى ذلك اكدت هيئة النزاهة العراقية ان اطلاق سراح مدير الدائرة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية عادل اللامي بعد اعتقال استمر شهرا بتهمة ارتكابه مخالفات مالية بالملايين لا يعني تبرئته من التهم المسندة إليه .

وقال علي الشبوط الناطق الرسمي باسم رئيس هيئة النزاهة العامة في بيان صحافي اليوم ان ما ادعاه quot;عادل اللاميquot; في تصريح له بان الدعوى المرفوعة ضده كيدية وعارية عن الصحة بعيد عن الواقع وغير صحيح . واضاف ان هيئة تحقيق النزاهة فتحت التحقيق في قضية اللامي بعد تلقي شكوى من مجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات لوجود فساد مالي في العقود التي تم ابرامها بين مفوضية الانتخابات واحدى الشركات الاعلانية اثناء فترة الانتخابات والدليل المقدم من قبل مجلس المفوضين والذي توصلت اليه هيئة تحقيق النزاهة انه على الرغم من امتناع عدد من اعضاء مجلس المفوضية عن التوقيع على العقد فقد قام اللامي بتوقيعه . وقالت المفوضية ان اللامي وقع عقدا مع شركة وهمية اسمها quot;رامنquot; بقيمة خمسة ملايين دولار لتزويد المفوضية بمستلزمات انتخابية ومطبوعات اعلامية لكن الشركة لم تنفذ العقد لكن اللامي سلم مديرها المبلغ ما دعاه الى الهرب من العراق بعد افتضاح عدم التزامه بالعقد.

واكد الشبوط ان هيئة تحقيق النزاهة فاتحت مجلس المفوضين باعتباره مرجع المتهم على قرار الاحالة الى القضاء ولكن مجلس المفوضين رفض الموافقة على قرار الاحالة مستندا الى المادة (136) الفقرة ب من قانون اصول المحاكمات الجزائية والتي تعطي الحق لمرجع المتهم الى عدم الموافقة على قرار الاحالة الى المحاكم . واشار الى ان اطلاق سراح السيد اللامي جاء على خلفية عدم موافقة المرجع على قرار الاحالة وليس لتبرئته من التهم المسندة اليه .
وكانت السلطات العراقية اعتقلت اللامي لاكثر من شهر واطلقت سراحه الاسبوع الماضي اثر شكوى قدمتها ضده مفوضية الانتخابات متهمة اياه بتلاعبات مالية ضخمة .

وعلى صعيد اخر تنظم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات صباح غد الخميس ورشة عمل خاصة لمناقشة مشروع الاحزاب العراقية وذلك في مركز العد والتدوين التابع لها .
وقال مصدر في المفوضية ان الهدف من الورشة إغناء مشروع قانون الاحزاب السياسية الذي اعدته بناءً على تكليف من رئاسة مجلس الوزراء . واشار الى ان ممثلين عن رئاسة مجلس الوزراء ومجلس شورى الدولة ووزارة الداخلية واللجنة القانونية لمجلس النواب فضلاً عن ممثلين عن الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وجامعة بغداد وشخصيات برلمانية وسياسية سيشاركون في الورشة التي تستمر يوما واحدا .