دمشق: تحاول سوريا جاهدة إجراء تعديلات على نظام دعم البضائع على الرغم من تحذيرات الخبراء الاقتصاديين من أن يؤدي التأخير في تطبيق هذه التعديلات إلى وقوع صدمات اقتصادية عنيفة واضطرابات اجتماعية.

ويبقى السؤال المحير هو كيفية تطبيق هذه التعديلات دون التسبب في ارتفاع حاد في الأسعار في بلد لا يتعدى أجر الفرد فيه 120 دولارًا بالشهر.

وقال نبيل سكر، مدير المكتب الاستشاري السوري إن quot;الحل الطويل الأمد للعجز الذي تعاني منه ميزانية الدولة يكمن في تخفيض المصروفات عن طريق وقف الدعم، ورفع عائدات الضرائب المفروضة على القطاع الخاصquot;.

وأضاف سكر الذي يعتقد بأنه من غير الممكن تفادي ارتفاع الأسعار: quot;من المؤكد أن وقف الدعم سيؤدي إلى زيادة في أسعار كل البضائع، ولكن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى ارتفاع الدين العام وسيتسبب التضخم الناتج عنه في رفع الأسعارquot;.

دعم لا يمكن الإبقاء عليه

من جهته، أوضح سمير سيفان، مدير المركز العربي للتنمية، أن النظام الحالي لدعم البضائع نظام quot;غير قابل للاستمرار غير أن وقف الدعم سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار وحصول اضطرابات اجتماعية. ولذلك يجب الإبقاء على بعض أشكال الدعمquot;.

وقد بدأت سياسة الدعم التي انتهجتها سوريا على مدى أربعين عامًا والتي دعمت من خلالها كل البضائع، بدءًا من الكهرباء والوقود حتى المواد الغذائية، تصل إلى نقطة النهاية. فارتفاع أسعار النفط وتهريب الوقود إلى الدول المجاورة وانخفاض مداخيل الدولة جعلت الحكومة تنازع للتمكن من تسديد فواتيرها.

ففي العام المقبل وحده، سيكلف نظام دعم البضائع الحكومة السورية حوالي 7 مليار دولار، وفقًا لنائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد، عبد الله الدردري، الذي وصف الوضع بأنه quot;فاق ما يمكن تحملهquot;.

غير أن الحكومة السورية لم تتخذ قراراً حتى الآن حول كيفية تطبيق التعديلات في نظام الدعم الذي تتبعه. وقال نبيل مرزوق، وهو اقتصادي والمصمم الرئيس للخطة الخمسية العاشرة لسوريا: quot;من الصعب وقف الدعم في ظل الوضع السياسي والاجتماعي الراهن، إذ قد تحدث مظاهرات عفوية من الصعب التحكم بهاquot;.

حل وسط

واقترح وزير الاتصالات، عمر سالم، حلاً وسطًا يتمثل في إصدار بطاقات ذكية تتحكم في نظام حصص الوقود التي سيتم تحديدها لكل أسرة. وفي حال تم تجاوز هذه الحصص المسبقة التحديد، ستضطر الأسر إلى شراء ما تحتاجه من الوقود بسعر السوق.

ويعتقد سيفان بأن quot;هذا النظام سيمكن من خفض فاتورة الدعم التي تتحملها الدولة مع ضمان استقرار أسعار البضائع بالنسبة للفئات الفقيرة في المجتمع والحيلولة دون حصول أزمة اجتماعيةquot;.

أما مرزوق فيرى أن quot;نظام البطاقات الذكية قد يكون كافيًا للحيلولة دون وقوع اضطرابات اجتماعية، ولكنه ليس إلا واحدًا فقط من الإجراءات التي يجب اتخاذها لتصحيح المشاكل الاقتصاديةquot;.

من جهته، عبر مطانيوس حبيب، أستاذ علم الاقتصاد بجامعة دمشق، عن اعتقاده بضرورة توفير المزيد من المال لتخفيف الآثار على الفئات الأكثر فقرًا في المجتمع. وجاء في قوله: quot;لدينا أجور جد متدنية في سوريا. يجب أن يتضمن تعديل نظام الدعم خلق صندوق لمساعدة العمال لأنهم لا يستطيعون العيش من دون دعم. هناك خطر من حدوث اضطرابات اجتماعية... كما أن نظام البطاقة الذكية لن يوقف التهريب والفساد اللذان يعتبران جزءًا من تاريخنا في سورياquot;.

الاقتصاد في أرقام

الوقود

bull; يبلغ سعر الديزل المدعوم في سوريا 7 ليرات سورية (0.14 دولار) للتر الواحد.

bull; بلغ معدل سعر الديزل المستورد عام 2006، 25 ليرة سورية (0.56 دولار) للتر الواحد، وكانت الحكومة تتحمل الفرق بالسعر.

bull; وصل معدل الإنفاق الإجمالي على دعم الديزل خلال الخمسة أعوام الماضية بين مليار إلى مليار ونصف دولار في السنة.

bull; صعدت نسبة استهلاك الديزل من 5.5 مليون طن في 2002 إلى ما يتوقع أن يكون 7.8 مليون طن عام 2007، بسبب الزيادة السكانية.

التهريب

bull; يشجع سعر النفط المدعوم بشكل كبير المهربين الذين يستطيعون بيع اللتر الواحد من الديزل في لبنان على سبيل المثال بحوالي 0.63 دولار، بينا يدفع السائقون في تركيا مبلغ قد يصل إلى 1.50 دولار للحصول عليه.

bull; وقدر رئيس الوزراء ناجي العطري مؤخراً، أن 25 % من إجمالي الديزل المدعوم المنتج محلياً والذي يصل إلى 4.5 مليون طن سنوياً يتم تهريبه خارج الدولة.

bull; وقال العطري:quot;هذا يعني بأننا نتبرع لإخواننا في لبنان بما قيمته 300 مليون دولار من الديزل quot;.

التضخم

bull; ارتفعت أسعار الفواكه والخضار بشكل كبير خلال الثلاث سنوات الماضية. فعلى سبيل المثال كان كيلو الكوسا يبلغ 10 ليرات سورية (0.20 دولار) وكيلو البطاطا 25 ليرة سورية (0.50 دولار) عام 2004.

bull; أما اليوم فد ارتفع سعر كيلو الكوسا ليصل إلى 30 ليرة سورية (0.60 دولار) بينما ارتفع كيلو البطاطا ليصل إلى 40 ليرة سورية (0.80 دولار).

bull; كما ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 300 في المئة خلال الثلاث سنوات الماضية مما رفع بدوره تكاليف المعيشة في البلاد.

المصدر: شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)