موسكو: مرت 90 عامًا على اليوم الذي استولى فيه البلاشفة على السلطة في روسيا. فقد غيروا بشكل حاد اتجاه مسيرتها. وها قد مرت ثلاث سنوات منذ حذف هذا quot;العيدquot; من التقويم. ولكن هل زال من ذاكرة الشعب ولفه النسيان؟

ماذا يعني quot;عيد 7 نوفمبرquot; بالنسبة إلى مواطني روسيا في يومنا الراهن؟ وما هي المشاعر التي يكنونها quot;لثورة (انقلاب) أكتوبرquot;؟

تدل عملية استطلاع للرأي أجراها صندوق quot;الرأي العامquot; على أنه لا يزال يحتفل بعيد quot;ثورة أكتوبرquot; 11 في المئة من سكان روسيا، وهذه ليست نسبة كبيرة لو أخذنا بالاعتبار أنه يحتفل حتى بعيد quot;القديس فالنتينquot; 18 في المئة وبعيد المرأة العالمي 8 آذار ـ 71 في المئة من مواطني روسيا.

وفي ما يخص الثورة نفسها، فإن التقييم الحديث لها يدل على أن 40 في المئة من مواطني روسيا (مقابل 29 في المئة) يرون أنه كان لها نتائج إيجابية بالنسبة لروسيا أكثر من السلبية.

وأعلن 55 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع أن quot;هذه الثورة فتحت صفحة جديدة في تاريخ شعوب روسياquot; وquot;أكسبت تطورها الاجتماعي والاقتصادي زخمًاquot;.

وأشار 26 في المئة فقط إلى أنها quot;كبحت تطور هذه الشعوبquot; وquot;شكلت كارثة بالنسبة إليهمquot;.

وجاء الموقف من ملهم وقائد الثورة فلاديمير لينين مشابها لتلك الآراء:

أعرب 58 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع عن الثقة من أن لينين أدى دورًا إيجابيًا في تاريخ البلاد. ولم تشكل نسبة المعارضين لهذا الرأي سوى ثلث هذا المؤشر.

وكل هذا وكأنما لم تكن هناك حرب أهلية دموية وquot;تطهيرquot; سياسي ومعسكرات اعتقال، والملايين الذين أعدموا وأبعدوا وشردوا ولقوا مصرعهم نتيجة العمل المنهك!

الشيء الوحيد المفرح هو: لا يتمنى الكثير من المواطنين الروس حاليا عودة ذلك العهد فقد أظهرت دراسة أجراها علماء اجتماع أن 4 في المئة فقط من مواطني روسيا يحنون إلى العهد الستاليني. وهؤلاء بصورة أساسية من المسنين الذين من الممكن الافتراض بأنهم يحنون في الغالب إلى شبابهم.

و25 في المئة من المواطنين يودون عودة سنوات الركود ـ عهد بريجنيف.

و52 في المئة من الذين شملتهم العملية تروق لهم روسيا المعاصرة بالذات. بينما كان مؤيدو وجهة النظر هذه قبل سنتين 39 في المئة فقط.

ولا يزال الحنين إلى الأفكار الاشتراكية في مجتمعنا قويا إلى حد الآن حيث ينظر 46 بالمائة من الذين تم استطلاع آراؤهم إيجابيا إلى افتراض بناء الاشتراكية في روسيا علمًا بأنه لا يصدق بإمكانية تحقيق هذا فعليًا إلا عشرهم. وتعطى الأفضلية مع ذلك لا للنمط السوفيتي ناهيك عن الصيني والكوري وإنما للسويدي الذي يوفق بين اقتصاد السوق الرأسمالي والميدان الاجتماعي الاشتراكي.

ومع ذلك يبدو الحنين واكتساب المجتمع صبغة quot;حمراءquot; جليا للعيان. وهذا لا سيما وان كل شيء يذكرنا بالعهود الماضية ـ ضريح لينين والعمارات الستالينية وتماثيل الفلاحات والعمال السعداء في محطات شبكة المترو والأفلام الشيقة من ذلك العهد التي ملأت برامج التلفزيون حاليا.

ويتكون علاوة على ذلك انطباع بأنه يجري دفعنا بقوة إلى مراجعة جديدة للماضي. وخير مثال على ذلك كتاب التاريخ الجديد الذي يجري التأكيد فيه على أن quot;الاتحاد السوفيتي كان يسعى إلى إقامة مجتمع عادل أفضل للملايين من البشر في كافة أنحاء العالمquot;.

إن روسيا نتيجة لعدم نجاحها في التخلص من مخلفات quot;العالم القديمquot;، توقفت عند منتصف الطريق نحو الديمقراطية والإنسانية والحضارة. وحبذا لو أنها تحركت بعيدًا عن مفترق الطرق هذا!