بغداد: أرجأ جدل قانوني وآخر سياسي بشأن جهود المصالحة، تنفيذ حكم الإعدام في كلّ من علي حسن المجيد، وسلطان هاشم أحمد، وحسين رشيد، المسؤولين السابقين في نظام صدام حسين، بعد أن أدانتهم محكمة عراقية بارتكاب جرائم حرب أثناء حملة الأنفال الدموية في أواخر عقد الثمانينات من القرن الماضي في إقليم كردستان العراقي.

وكان من المقرر، وفقا لما تنصّ عليه لوائح المحكمة العراقية الخاصة، أن يتمّ شنق الثلاثة في غضون ثلاثين يوما من صدور الحكم، الذي صرّح به القضاة في بداية سبتمبر/أيلول. غير أنّ جميع الأشخاص الثلاثة مازالوا حتى الساعة رهن الاحتجاز الأميركي، بعد أن ثار جدل بشأن ملفاتهم. إذ من المتوقع أن يظلوا كذلك إلى أن يحصل اتفاق في الآراء بين العراقيين بشأن كيفية التعامل معهم.

ويعكس الجدل الغموض بشأن كيفية تعامل القانون العراقي مع تنفيذ أحكام الإعدام، وكذلك الأهمية السياسية التي يوليها المسؤولون الأميركيون لمعركة الفوز بقلوب وعقول السنة العراقيين.

وقالت المتحدثة باسم السفارة الأميركية في بغداد، ميرمبي نانتونغو إنّه quot;مازالت هناك خلافات في وجهات النظر لدى الحكومة العراقية بشأن المتطلبات القانونية والإجرائية اللازمة لتنفيذ حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة العراقية العليا.quot; وأضافت أنّ quot;قوات التحالف ستستمرّ في الاحتفاظ بالاحتجاز الجسدي للمحكومين إلى أن يتمّ حلّ المسألة. ومازالت هناك محادثات بين أعضاء حكومة العراق بشأن المتطلبات القانونية في هذا الملف.quot;

وأوضحت أنّ الولايات المتحدة لا ترفض التخلي عن الاحتجاز، quot;ونحن ننتظر من حكومة العراق أن تتوصّل إلى اتفاق بشأن ما يتطلبه قانونهم قبل الإعداد لعملية تسليمهم(المحكومين الثلاثة).quot;

ويشدد القانون العراقي على ضرورة أن يوقّع أعضاء مجلس الرئاسة العراقية الثلاثة على أمر الإعدام، غير أنّه لا يتناول ما الذي ينبغي فعله في حال رفض أعضاء المجلس المصادقة على الحكم، كما أنه، على ما يبدو، لا يشير إلى هيئة دستورية إضافية تتولى مراجعة الأحكام. وفي هذا الملف، لا يرغب كلّ من جلال طالباني، الكردي الذي يتولى منصب رئاسة العراق، وطارق الهاشمي، العضو السني في مجلس الرئاسة، في التوقيع على حكم الإعدام.

والعضو الثالث في مجلس الرئاسة، هو الشيعي عادل عبد المهدي. وقال مسؤول غربي قريب من ملف القضية إنّ المحاكم العراقية لم تتناول إشكالية ما إذا كان غياب أي توقيع يعني العفو على المحكوم عليه أو المضي في تنفيذ الحكم.

غير أنّ رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، تتطرق للملف الأحد، وقال للصحفيين إنّ المحكمة العراقية العليا اتخذت قرارا نهائيا في القضية، كما أنّ الاستئناف أكّد الحكم، وينبغي تنفيذه، حتى إذا لم يتمّ التوقيع عليه. وشكّل طالباني لجنة للنظر في الملف، واتخاذ توصية ترفع إليه بشأنه.

ومن ضمن أكبر المخاوف التي تثير قلق المسؤولين في الحكومة العراقية، وكذلك في الولايات المتحدة، التأثير السياسي للحكم الذي أدان المحتجزين الثلاثة، بالمسؤولية في حملة الأنفال التي راح ضحيتها 180 ألف قتيل كردي.

والشعور العام هو أنّ علي حسن المجيد مذنب في التخطيط للحملة، غير أنّ العديد من السنة العرب والمسؤولين الأميركيين يرون أنه لا ينبغي إعدام كلّ من سلطان هاشم وحسين رشيد. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أنّ تنفيذ الإعدام في كل من هاشم ورشيد سيثير الغضب لدى السنة، وهو ما سيؤثر سلبيا في جهود إعادتهم إلى المشاركة السياسية. وأضاف المسؤول أنّه quot;وفي النهاية، ما أعتقده هو أنّه يتعين أن نرى تنازلا: حياة حسن علي المجيد ينبغي أن تدفع لإنقاذ حياة الآخرينquot; هاشم ورشيد.