الدوحة: تكشف دول الخليج التي تعقد قمتها السنوية الاثنين والثلاثاء في الدوحة بشكل متزايد عن قلقها إزاء الطموحات النووية الإيرانية وهي تخشى أن تقود الأزمة الحالية إلى نزاع مسلح جديد في المنطقة. ووسط هذه الاجواء، يقوم الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بزيارة هي الاولى من نوعها الى قمة مجلس التعاون الخليجي التي تنعقد في الدوحة الاثنين والثلاثاء، وقد تكون تهدف الى طمأنة جيرانه الخليجيين الذين يضعون الازمة النووية الايرانية في صلب مباحثات القمة. ويضم المجلس السعودية والامارات والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان.

ولا تنظر هذه الدول بارتياح ازاء احتمالات تحول ايران الى قوة نووية اقليمية الا ان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية قال ان quot;موقفنا هو اننا مع كل الجهود السلمية لطي أزمة الملف النووي الايراني والتصعيد لا يسهم الا في تعقيد الامورquot;. ودعا العطية quot;كافة الاطراف بما في ذلك ايران الى العودة الى لغة الحوار بدل التصعيدquot; وذلك في اشارة الى المواجهة المحتدمة بين الغرب وطهران على خلفية برنامج ايران النووي واستمرارها بتخصيب اليورانيوم على الرغم من قرارين صادرين عن مجلس الامن طلبا تعليق هذه النشاطات الحساسة.

وتشتبه الدول الغربية بان برنامج ايران النووي هو غطاء لبرنامج للتسلح الذري على الرغم من تأكيدات طهران ان برنامجها سلمي واهدافه مدنية. ولطالما تجنب القادة الخليجيون التعبير علنا عن شكوكهم ازاء النوايا الايرانية. الا ان ولي عهد البحرين الشيح سلمان بن حمد ال خليفة اتهم في مقابلة مع الصحافة البريطانية مطلع الشهر الماضي، الجمهورية الاسلامية بانها تسعى الى الحصول على القنبلة النووية، معبرا علنا عما يدور في خاطر قادة دول مجلس التعاون.

وخوفا من اندلاع نزاع كبير آخر في الخليج بعد الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات وحرب الخليج الاولى في 1991 واجتياح العراق في 2003، عرض اعضاء المجلس في اقتراح تسوية، انشاء كونسورسيوم يزود دول الشرق الاوسط الراغبة في ذلك باليورانيوم المخصب، وذلك تحت مراقبة دولية تضمن عدم عسكرة البرنامج. وعن هذا الاقتراح الذي استقبلته ايران بفتور، قال رياض قهوجي مدير مركز الشرق الاوسط والخليج للتحاليل العسكرية ان الكونسورسيوم هو quot;خير ضمانة لتعاون دولي يمنع السباق نحو التسلح النوويquot;. واضاف في حديث quot;طالما ان لدى دولة مثل ايران حرية تخصيب اليورانيوم فان خطر تمكن هذه الدولة من الحصول على القنبلة النووية يبقى قائماquot; مشيرا الى ان الدول العربية التي اعلنت عزمها الحصول على برنامج نووي مدني لا يمكن ان تشكل ثقلا موازيا لايران. وقال في هذا السياق ان quot;ايران تملك برنامجا نوويا كاملا هي تديره وتطوره بينما الدول العربية لا تعتزم الا الحصول على مفاعلات للطاقة النوويةquot; دون الحصول على الخبرات اللازمة لتطوير اسلحة نووية.

والبرنامج النووي المدني الخليجي المشترك الذي كشفت عنه قمة الرياض الخليجية العام الماضي كان موضع دراسة جدوى، وسيبحث القادة في قمة الدوحة هذه الدراسة التي تم اعدادها بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة. وكان مسؤول كبير في وزارة الطاقة الاماراتية قال اخيرا ان البرنامج يقضي بان تتزود دول الخليج بمحطة نووية واحدة مشتركة بين الدول الست يتم انشاؤها quot;في منطقة آمنةquot; ويفترض ان يبدأ العمل فيها العام 2025.

الا ان قهوجي قال ان quot;دول الخليج العربية التي كثفت اجتماعاتها العسكرية المشتركة هي على درجة عالية من الخوف حيال انزلاق الازمة الايرانية نحو نزاع مسلحquot; مشيرا الى ان هذه الدول في حال استهدفت اراضيها خلال حرب محتملة quot;ستضطر للدخول في هذه الحربquot;. الا ان ابراهيم خياط الخبير في الشؤون الاستراتيجية والمقيم في دبي، فيبدو اقل تخوفا من امكانية اندلاع حرب اذ يقول ان quot;الولايات المتحدة مشلولة بسبب موقفها الصعب في العراق وفي افغانستانquot;.

وكان قال سعيد جليلي مسؤول الملف النووي الايراني إن بلاده ليست مسؤولة عن الاحباط الذي أعرب عنه المنسق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا عقب محادثات حول الملف النووي الإيراني في العاصمة البريطانية لندن. وأضاف جليلي quot;الحقيقة هي أننا ندافع عن حقوق الشعب الايراني، وإذا شعر أحد بالاحباط لأنه يريد حرمان الشعب الايراني من حقوقه فتلك قضية أخرىquot;.

وتابع قائلا إن طهران قدمت ثلاث أفكار جيدة للأوروبيين وهي quot;التعاون المشترك في نزع السلاحquot; وquot;الاستخدام السلمي للطاقة النووية وquot;الحد من انتشار السلاح النوويquot;. وكان سولانا قد أعرب عن خيبة أمله من المحادثات لأنها لم تحقق انفراجة، مشيرا إلى أنه سيواصل التحدث مع الإيرانيين هاتفيا وانه سيجتمع بهم مرة أخرى إذا سمحت الظروف. وقد جدد المسؤول الإيراني رفض بلاده وقف تخصيب اليورانيوم قائلا إن ذلك أمر غير مقبول، وأضاف جليلي أن إيران عضو في معاهدة حظر الانتشار النووي ومن حقها تخصيب اليورانيوم. وتتحدى طهران التهديدات بالعقوبات قائلة إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية ولا يهدف إلى إنتاج قنابل نووية.

وكان انطلاق المفاوضات بين الجانبين قد تزامن مع إعلان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي ان بلاده ستواصل برنامجها النووي. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن متكي قوله امام تجمع لميليشيات الباسيج إنهquot; ليس هناك ما يثني الجمهورية الإسلامية عن سعيها لامتلاك التكنولوجيا النوويةquot;. واكد أيضا أن إيران غير ملتزمة بالسماح بالتفتيش على منشآتها النووية. وأضاف quot; الأمة الإيرانية لن تتراجع ابدا عن الطريق الذي اختارته ومصممة بحزم على مواصلتهquot;. كما حذر متكي الولايات المتحدة من انها quot;ستدفع ثمنا باهظاquot; إذا أقدمت على عمل عسكري ضد إيران وقال إنquot; أميركا خسرت تحديها النووي مع إيرانquot;.

ويقول مراقبون إن هذا التصريح يعكس عدم رغبة طهران في إبداء أي مرونة بشأن موقفها الرافض للتخلي عن تخصيب اليورانيوم خاصة وأن الخلافات ما زالت مستمرة بين الدول الكبرى بشأن كيفية معالجة الملف وخاصة تشديد العقوبات. يشار الى أن سولانا عقد على مدى الأشهر الماضية جولات عديدة من المفاوضات مع المسؤولين الايرانيين دون ان ينجح الجانبان في كسر الجمود في ما يتعلق بموقف ايران من مطلب مجلس الأمن الدولي . وكان الرئيس أحمدي نجاد تعرض مؤخرا لانتقادات داخلية متزايدة من الإصلاحيين بسبب أسلوب معالجته للملف النووي.