بيروت: خرجت الصحف التركية اول من امس بتعليقات غاضبة تصف رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بالمخادع على خلفية توقيعه اتفاقية ترسيم الحدود المائية مع قبرص اليونانية في الوقت الذي وعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعدم القيام بذلك. فزيارة أردوغان الى بيروت في الثالث من كانون الثاني الماضي هدفت اإلى تطوير العلاقات الثنائية سياسياً وعسكرياً وثقافياً وتجارياً.لكن المفاجأة، بحسب دبلوماسي في السفارة التركية في بيروت، أن الحكومة اللبنانية أقدمت في الوقت الفاصل بين الحدثين (17 كانون الثاني) على توقيع اتفاقية مع quot;قبرص اليونانيةquot; تتعلق بـترسيم الحدود المائيّة بعد ان كان السنيورة قد تعهد لأكثر من مسؤول تركي بعدم توقيع هذه الاتفاقيّة.

وفي ظل عدم قدرة السلطات اللبنانية التراجع عن الاتفاقية الموقعة فمن المتوقع ان تتخذ تركيا خطوات لم توضح ماهيتها الى الان وكانت الخارجية التركية قد استدعت السفير اللبناني في أنقرة وأبلغته احتجاج أنقرة بسبب quot;إخلال بيروت بحقوق بقية الدول المطلة على البحر المتوسط، وخصوصاً تركياquot;. ولا يستبعد الدبلوماسي احتمال أن تضغط أنقرة على بيروت بأساليب دبلوماسيّة، ملمّحاً إلى احتمال سحب السفير التركي في بيروت.

تؤكد انقرة ان الهجوم التركي على السنيورة واتهامه بالخداع والنكث بالوعود اقتصر على الصحافة التركية، وهو يعبّر عن رأي أصحابه وليس رايا رسميا ، مشيراً إلى أن السفارة التركيّة في بيروت اتصلت بالخارجيّة التركية وطلبت منها التدخل لدى الصحف لتخفيف الحملة الإعلاميّة ضد السنيورة.

من جهته قال وزير الخارجيّة والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ أن القضية ليست من صلاحيّة وزارة الخارجيّة، وهي تتعلق باتفاقيّة حول quot;تحديد المنطقة الاقتصاديّة الخالصةquot;، ودعا الأتراك اللبنانيين إلى عدم توقيعها ليحافظوا على مصلحة قبرص التركيّة، فيما أصرت الحكومة اللبنانيّة على ضمان حفاظ لبنان على مصالحه المائية الاقليمية.

ولفت إلى رفض سوريا توقيع الاتفاقيّة لعدم إزعاج أنقرة. ونفى صلوخ علمه بأية وعود تبادلها السنيورة ونظيره التركي بشأن هذا الملف، مستبعداً أي تصعيد تركي أو وصول الأمر إلى قطيعة بين لبنان وتركيا، وخصوصاً أن quot;أردوغان ووزير خارجيته غول وقفا دائماً إلى جانب لبنان، وتضامنا معه في أشد الظروف قساوة.

أما وزير الأشغال العامّة والنقل اللبناني محمد الصفدي، فشرح أن مذكرة تفاهم وقِّعت بين وزارة التجارة القبرصيّة ووزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانيّة، قبل سنة بهدف تحديد المياه الإقليميّة للطرفين، والهدف اللبناني الرئيسي هو التنقيب عن النفط، وذلك، بحسب الصفدي، بعدما سبقت مصر لبنان إلى هذا الأمر، ووقعت الاتفاقيّة مع قبرص اليونانيّة من دون أن يؤدي ذلك إلى مشاكل بين مصر وتركيا.

قبرص :تركيا تتصرف مثل quot;القرصانquot;

من جهتها اتهمت السلطات القبرصية مساء الجمعة تركيا بالتصرف مثل quot;قرصانquot; في الخلاف بين نيقوسيا وانقرة حول التنقيب عن النفط والغاز قبالة جزيرة قبرص.وقال المتحدث باسم الحكومة القبرصية كريستودولوس باشارديس في تصريح صحافي quot;ليس في قرارنا التنقيب عن مخزونات محتملة من النفط والغاز في مياهنا الاقليمية اي شيء غير شرعي ولا يمكن ان يستغل ذريعة للذين يضايقهم هذا القرارquot;.

واضاف المتحدث ان رفض تركيا الاعتراف بحق قبرص في توقيع اتفاقات ثنائية يؤكد ان quot;تركيا تتصرف وكانها شرطي العالم واحيانا وكانها القرصان المنفلت في شرق المتوسطquot;.وكانت قبرص وقعت مع لبنان في السابع عشر من كانون الثاني/يناير الماضي اتفاقا يرسم الحدود البحرية بين البلدين لتسهيل تنقيب محتمل عن النفط والغاز. كما تم التوقيع العام الماضي على اتفاقات مماثلة مع مصر.وطلبت تركيا من مصر وليبيا تجميد تنفيذ هذه الاتفاقيات معتبرة انها تمس حقوق جمهورية شمال قبرص التركية المعلنة من طرف واحد والتي لا تعترف بها سوى تركيا.

واعلن شبكة تلفزيون تركية الخميس ان انقرة ارسلت سفنا حربية قبالة قبرص الامر الذي نفته قيادة الجيش التركية.ودعت الولايات المتحدة قبرص وتركيا الى ابداء ضبط في النفس والعمل على اعادة توحيد الجزيرة تحت اشراف الامم المتحدة. وفي بروكسل دعت المفوضية الاوروبية الجمعة قبرص وتركيا الى ضبط النفس مع التشديد على حق قبرص بquot;التوقيع على اتفاقاتquot;.وقالت متحدثة بام المفوضية quot;ان قبرص لها الحق السيادي الكامل بالتوقيع على اتفاقات دولية ولا يمكن اعادة النظر في هذا الامرquot;.وانقسمت قبرص عام 1974 اثر اجتياح الجيش التركي لقسمها الشمالي.وتفيد التقديرات ان الاحتياطات من النفط والغاز قبالة جزيرة قبرص قد تصل الى 400 مليار دولار اي ما يوازي عشرين مرة اجمالي الناتج القومي.