حشود من العراقيين يحيون مراسم أربعينية استشهاد الإمام الحسين
بحماية 10 الاف عسكري عراقي وغطاء جوي أميركي

أسامة مهدي من لندن : أنهى اكثر من ثلاثة ملايين عراقي في مدينة كربلاء اليوم مراسم أربعينية استشهاد الامام الحسين من دون حوادث بعد اسبوعين من حركة مسير حشود بشرية على الاقدام قدمت من انحاء البلاد وسط إجراءات أمنية مشددة شارك فيها 10 الاف عسكري عراقي بغطاء جوي اميركي حيث تم ضرب طوق امني محكم حول المدينة قامت به تعزيزات عسكرية من العاصمة .
وانهت الحشود التي تمركز وجودها في الساحة الفاصلة بين مرقدي الامام الحسين واخيه العباس مراسمها بعد الاستماع من رجل دين الى القصة الكاملة لمقتل الحسين قبل الف و300 عام حين استشهد ورهط من آل بيته بينهم نساء واطفال في واقعة الطف المأسوية. وستبدأ في وقت لاحق اليوم عمليات عودة الزائرين الى محافظاتهم بوساطة الف حافلة حكومية واهلية ستنقلهم الى هناك .

ولم تقتصر الاجراءات الامنية على كربلاء وانما امتدت الى النجف التي تبعد عنها 50 كيلومترا حيث تم تشديد الاجراءات الامنية في المدينتين والمناطق المحيطة بهما . وقد تم تقسيم كربلاء الى 12 قاطعا خضع خلالها جميع الزائرين إلى التفتيش الدقيق ومنها تفتيش الخيام ومعدات المواكب والهيئات الحسينية قبل دخولها كربلاء . كما نشرت دوريات آلية وراجلة وكمائن ومفارز من شعبة الاستخبارات تولت تأمين حماية المناطق الصحراوية والبساتين والمزارع المحيطة بالمدينة خشية تعرضها لهجمات الصواريخ وقذائف الهاون .

وقال المتحدث الاعلامي باسم شرطة كربلاء رحمان مشاوي اليوم إن طائرات عسكرية أميركية شاركت في تطبيق خطة امن الزوار .
وأضاف أن المروحيات الاميركية ظلت تحلق فوق وسط المدينة وأطرافها فيما حلقت المقاتلات فوق المناطق الصحراوية لمراقبة حركة الإرهابيين. واوضح أن هناك تنسيقا بين الجانبين الاميركي والعراقي وان العمل جرى بكل همة للحفاظ على امن الزوار.

وقد زحفت حشود الزائرين الى المدينة من مناطق العراق المختلفة سيرا على الاقدام منذ حوالى الاسبوعين في طقوس يحييها الشيعة كل عام لاستشهاد الامام الحسين رغم مقتل حوالى 150 شخصا في تفجيرات انتحارية وإطلاق نار تعرضت له خلال الايام الثلاثة الماضية .

يذكر ان الامام الحسين قد ولد في المدينة المنورة في شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة وعاشطفولته وبداية شبابه فيها وتربى في بيت النبي محمد (ص) ثم في بيت والده الامام علي بن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين .وبعد ان توفي معاوية بن ابي سفيان عام 60هـ بعد ان اسس الدولة الاموية تولى ابنه يزيد بن معاوية الخلافة فبعث إلى واليه على المدينة الوليد بن عتبة ليأخذ البيعة من أهلها فرفض الحسين وخرج إلى مكة وأقام فيها ثم أتته كتب أهل الكوفة في العراق تبايعه على الخلافة وتدعوه إلى الخروج إليهم فشد الرحال حتى حل في منطقة الطف قرب كربلاء ومعه 45 فارساً وحوالى 100 رجل إضافة إلى أهل بيته من النساء والأطفال .. لكن أهل الكوفة تخلوا عنه فالتقى بمن معه بجيش عبيد الله بن زياد بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص وكان معه أربعة آلاف فارس، وجرت بينهما مفاوضات لم تسفر عن اتفاق فهاجم جيش ابن زياد الحسين ورجاله فقاتل الحسين ومن معه حتى استشهد ومعظم رجاله وذلك في عام 61 هـ (680 ميلادية) .

واحيت الحشود التي كانت ترفع الاعلام العراقية والاخرى الملونة المراسم من خلال 6 الاف موكب عزاء قدمت من انحاء العراق بفرادها من الرجال والنساء والاطفال وهم يرتدون الملابس السوداء ويضربون صدورهم بايديهم وظهورهم بسلاسل الحديد تعبيرا عن الحزن لمقتل الامام الشهيد .

وقد تم استنفار الاجهزة الخدمية والصحية لمساندة الخطة الامنية حيث أعلن مدير هيئة النقل في كربلاء ان الهيئة وبمساندة المحافظات المجاورة لكربلاء هيأت أكثر من 1200 سيارة لنقل الزائرين إلى مناطقهم .
ونفذت دائرة صحة كربلاء خطة طوارئ مستنفرة جميع كوادرها الطبية والصحية والخدمية في حالة تهيؤ قصوى قدمت أفضل الخدمات الصحية إلى الزائرين .

وقال الدكتور سعيد حميد لفتة معاون المدير العام لصحة المحافظة إن قدوم الزائرين إلى كربلاء سيراً على الأقدام وبأعداد كبيرة من ثلاثة محاور رئيسة إضافة إلى الوافدين الذين يسلكون الطرق الزراعية تطلب نشر المفارز الطبية على امتداد هذه المحاور وبمسافة لا تقل عن العشرين كيلو مترًا عن مركز المدينة إضافة إلى نشر المفارز الطبية في مركز المدينة لتقديم الخدمات الطبية والصحية إلى الزائرين . واشار الى ان دائرة صحة المحافظة أعدت هذه الخطة مستنفرة الطاقات المتاحة عند منتسبيها إضافة إلى تهيئة وإعداد مستشفيات المدينة والمراكز الصحية والمفارز الطبية إعداداً خاصاً يتناسب وحجم هذه المناسبة الكبيرة .

واوضح ان قسم الصيدلة وبالتنسيق مع الشركة العامة للأدوية والمستلزمات الطبية استطاع توفير الأدوية وتوزيعها على مستشفيات المحافظة ومراكز الإسعاف والإخلاء الطبي واستخدام92 سيارة منها 56 سيارة إسعاف و36 سيارة خدمية تابعة إلى دائرة الصحة اضافة الى تهيئة 31 مفرزة طبية و 20 مركزا صحيا و7 مستشفيات تقدم خدماتها الطبية للزوار .

كما اتخذت مدينة النجف (165 كم جنوب بغداد) وفيها مرقد الامام علي بن ابي طالب من خلال خطة امنية على خلفية توارد معلومات تنبئ بوجود تهديدات ارهابية .وارتكزت الخطة الامنية على تنسيق امني متكامل من خلال ربط حدود محافظة النجف بالمحافظات الاخرى المجاورة وتأمين طريق مسير المشاة من الزوار وعجلات المواكب الحسينية ثم تقسيم واجبات الشرطة والجيش والقوى الامنية حيث ساهمت في هذه الخطة قوات من الشرطة و الجيش ودوريات المرور ومفارز الدفاع المدني اضافة الى المفارز الصحية.

وكانت كربلاء شهدت بعد سقوط النظام السابق عام 2003 أكثر من ثماني عمليات انتحارية راح ضحيتها أكثر من 200 قتيل وضعفهم من الجرحى .. كما تعرضت المدينة لعمليات انتحارية خلال زيارة أربعينية الإمام الحسين من عام 2004 وتعرضت لإطلاق قذيفتي هاون في زيارة عاشوراء من عام 2005 لم تسفر عن وقوع ضحايا.

وقدم المؤتمر الوطني العراقي بزعامة نائب رئيس الوزراء السابق احمد الجلبي العزاء للشعب العراقي والامة الاسلامية في ذكرى اربعينية شهادة الامام الحسين بن علي عليهما السلام .وقال المؤتمر في بيان الى quot;إيلافquot; اليوم ان المسلمين quot;يستلهمون من شهادة الحسين واهل بيته واصحابه الكرام في سبيل الحق والحرية الدروس والعبر. ان الامام الحسين (ع) قدم دمه الزكي وجاد بالاهل والاصحاب من اجل الاصلاح في امة جده الرسول الاكرم محمد (ص) وكذلك من اجل الحفاظ على كرامة الانسان ومن اجل الحفاظ على وحدة الامة التي كانت هدفه الاسمى. ومن هنا ندعو ابناء شعبنا العراقي الكريم الى التوحد ورص الصفوف ونبذ الطائفية والعنصرية والعمل على صيانة وحدة العراق ارضا وشعبا وذلك من اجل تفويت الفرصة على اعدائنا الذين يتربصون بنا الدوائر في سبيل افشال التجربة الديمقراطية الوليدة من خلال سعيهم المستمر لإثارة النعرات الطائفية تارة وارهاب الشعب الآمن تارة اخرى او اثارة اللغط والتشكيك بمصداقية العملية السياسية الجارية والتي شيدها العراقيون بدمائهم الزكية وبتضحياتهم الجسام طوال السنوات الاربع الماضية وبالجهود العظيمة للمرجعية الحكيمة ممثلة بالمرجع الاعلى السيد السيستاني (دامت بركاته)quot;.

واضاف قائلا quot; وفي ذكرى الشهادة هذه نجدد العهد لشعبنا وشهدائنا وآخرهم الثلة الطيبة التي سقطت مضرجة بدمائها الطاهرة في مدينة الحلة وبقية مناطق العراق على المضي قدما في بناء دولة الانسان دولة الحرية والعدالة والمساواة بين جميع العراقيين, ولن يثنينا الارهاب الاسود الذي تقوده المجاميع التكفيرية الظلامية والبعثية الصدامية عن مواصلة المشوار. ان هذه المناسبة المقدسة جسدت وبحق عمق التلاحم بين العراقيين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم, واظهرت المسيرات المليونية الراجلة الى كربلاء مثوى الامام الحسين اصرار العراقيين على العيش بسلام ووئام وتحديهم الشجاع للارهاب الذي بدأ يتحطم على صخرة صمودهم وتضحياتهم الرائعة والتي هي امتداد لتضحية الامام الحسين (ع)quot;.