دو فيلبان يقدم دعمه لساركوزي والأخير لا يعتبر نفسه وريثا
الصحافة الأوروبية تنتقد حصيلة عهد جاك شيراك
دو فيلبان يقدم دعمه لساركوزي والأخير لا يعتبر نفسه وريثا
باريس، لندن، واشنطن: وجهت الصحف الأوروبية الاثنين انتقادات لاذعة للرئيس الفرنسي في تقويمها لحصيلة عهده، غداة اعلان جاك شيراك انه لن يترشح لولاية ثالثة، فنددت معظم الصحف بquot;انتهازيتهquot; وquot;مواقفه المتقلبةquot;. وخالفت الصحف الروسية هذا التوجه فاثنت على quot;الديناصور الاوروبيquot; شيراك وعلى quot;مساره السياسي اللامعquot;، منوهة بولعه بروسيا وكتبت صحيفة quot;كومرسانتquot; الاقتصادية انه quot;لن يكون لاي من الرؤساء الفرنسيين المقبلين وزن +اليوروصور+ شيراك ولن يكون له ماضيه في الخدمةquot; العامة. وكما كان متوقعا، كانت الصحف البريطانية الاقل تساهلا بين الصحف الاوروبية حيال الرئيس الفرنسي وكتبت صحيفة quot;دايلي تلغرافquot; (يمين الوسط) في مستهل مقالتها quot;ان كانت اللياقة توجب بقول امور لطيفة عن الذين يتقاعدون، فليس من السهل القيام بذلك في ما يتعلق بجاك شيراكquot;. وتابعت الصحيفة quot;انه كرجل سياسي جسد (..) كل نقاط الخلل في السياسة الفرنسيةquot; مضيفة quot;انه فاتن وغير ثابت في موقفه ومهيب وشامخ وعديم الذمةquot;. واضافت quot;لقد كان وفق مزاجه من دعاة التبادل الحر او الحمائية، ديغوليا او اطلسيا، مؤيدا للفيدرالية او مشككا باوروباquot;. وختمت quot;يقال ان الشعوب في الديمقراطية تحصل على السياسيين الذين تستحقهم، فرنسا كانت تستحق افضل من ذلكquot;.
الصحافة الأوروبية تنتقد حصيلة عهد جاك شيراك
ورأت صحيفة اوساط الاعمال quot;فاينانشل تايمزquot; ان شيراك كان quot;انتهازيا ابديا بدل موقفه حول مسائل عديدةquot; فيما نعتته quot;ذي غارديانquot; بquot;دوارة هواءquot;.
كذلك استخدمت صحيفة quot;لو سوارquot; البلجيكية عبارة quot;دوارة هواء سياسيةquot; لوصف شيراك مخصصة صفحتين لquot;الوداع المؤثر لرئيس رديءquot;.
واثنت صحيفة quot;ليبر بلجيكquot; على quot;اعظم رجل سياسي في جيلهquot; معتبرة انه استمر quot;اربعين عاما على الرغم من كل الاحداثquot; لكنه quot;خلال اربعين عاما قال كل شيء ونقيضهquot;.
كذلك شددت صحيفة quot;الموندوquot; الاسبانية على quot;التقلب في مواقفquot; الرئيس الفرنسي فيما اعتبرت صحيفة quot;آ بي ثيquot; المحافظة ان quot;تبدل ارائه اسطوري تماما مثل هفواتهquot;.
وتساءلت صحيفة quot;برلينر تسايتونغquot; الالمانية quot;ما الذي فعله هذا الرجل بامكاناته؟ القليلquot; معتبرة ان quot;جاك شيراك يترك فرنسا في الحالة التي تسلمها بها عام 1995quot;.
وعبرت الاسبوعية الالمانية البارزة quot;در شبيغلquot; عن رأي مماثل فكتبت في موقعها على الانترنت quot;لن يبقى الكثير من شيراك الذي ساهم على مدى اربعين عاما في صياغة السياسة الفرنسية. النصائح التي وجهها مساء الاحد الى شعبه لم يتبع معظمها هو نفسه اطلاقاquot;. وبين المآخذ الكبرى على شيراك الرفض الفرنسي للدستور الاوروبي في استفتاء نظم في عهده.
وتطرقت quot;دي فيلتquot; الى الفشل quot;الذريعquot; الذي سجله الاستفتاء على الدستور الاوروبي في فرنسا معتبرة انه quot;افقد شيراك اعتباره في الخارج ايضاquot;.
ورأت صحيفة quot;سودويتشي تسايتونغquot; في مقالة على موقعها الالكتروني ان الرفض الفرنسي للدستور الاوروبي quot;يعتبر من نقاط الفشل الكبرى في عهدهquot;.
وكتبت quot;فاينانشل تايمزquot; بهذا الصدد quot;ان شيراك ينتقد بصورة خاصة لفشله في إحداث تغييرات في فرنسا ودعوته الى استفتاء على الدستور الاوروبي عام 2005 وفشله في تسويق هذه الفكرة لدى الناخبين الذين صوتوا بالرفضquot;.
وفي وارسو، ذكرت الصحف بquot;هفوتهquot; حيال الدول المنضمة حديثا الى الاتحاد الاوروبي، حيث اعتبر ان بولندا والدول الاخرى quot;فوتت فرصة ممتازة للزوم الصمتquot; حين قدمت دعما صريحا للتدخل الاميركي في العراق الذي عارضته فرنسا.
اخيرا اشارت الصحافة الى الصعوبات التي واجهها الرئيس في نهاية ولايته مع تراجع شعبيته وكتبت صحيفة quot;دي ستانداردquot; البلجيكية الصادرة بالهولندية ان quot;المعاداة لشيراك اضحت رياضة وطنيةquot; فيما ذكرت quot;لا ريبوبليكاquot; ان quot;مؤشر شعبيته انخفض الى ادنى مستوياته وقلة كانوا يأملون ان يترشح لولاية جديدةquot;.
ولفتت صحف عدة الى ان شيراك حرص على عدم التطرق الى مسألة خلفه وكتبت صحيفة quot;تا نياquot; اليونانية (يسار الوسط) ان quot;شيراك اعلن انه لن يترشح لولاية ثالثة لكن لم يقدم اي هدية لساركوزي فلم يعبر عن دعمه لمرشح اليمينquot;.
كذلك كتبت صحيفة quot;لا ديرنيير هور دو بروكسلquot; quot;شيراك يرحل بدون تأييد ساركوزي خلفا لهquot;، موضحة ان quot;علاقة الابوة التي كانت تربط بينهما في الماضي تحولت شيئا فشيئا الى حقدquot;.
واعتبرت صحيفة quot;ايل كوريري ديلا سيراquot; انه لم يكن في وسع شيراك quot;الافصاحquot; عن دعمه لساركوزي التزاما بquot;دور الحكمquot; المنوط به ولانه quot;كان سيلحق الضرر بخلفه اكثر مما سيفيدهquot;.
من جهة ثانية قدم رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان رسميا دعمه في الانتخابات الرئاسية الى المرشح اليميني نيكولا ساركوزي الذي اعتبر لفترة طويلة منافسه داخل معسكرهما. وقال دو فيلبان غداة اعلان الرئيس جاك شيراك انه لن يرشح نفسه لولاية رئاسية ثالثة quot;اقف اليوم مع نيكولا ساركوزي للدفاع عن المثل العليا لاسرتنا السياسية ولوضع الفرنسيين امام اوضح خيار ممكنquot;.
واضاف quot;ساقف الى جانبه لانه مثال سياسة اسرتنا السياسية وهذا هو التزامي. نحن معا في الحكومة وسنكون معا في هذه المعركةquot;. وصرح دو فيلبان في الاسابيع الاخيرة انه لن يؤيد اي مرشح قبل ان يعبر شيراك عن رأيه. ويشغل ساركوزي منصب وزير الداخلية في حكومة دو فيلبان مع انهما على خلاف معروف. وفي خطابه التلفزيوني الاحد، لم يؤيد شيراك ساركوزي موضحا انه سيعلن عن quot;خياراته الشخصيةquot; في وقت لاحق.
ساركوزي
قال نيكولا ساركوزي مرشح اليمين الرئيس الى الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة انه تأثر بتصريح الرئيس جاك شيراك مساء الاحد الذي لن يترشح لولاية ثالثة، لكنه اوضح انه لا يعتبر نفسه quot;وريثاquot; له. واعلن شيراك 74 عاما مساء الاحد للفرنسيين انه لن يترشح لولاية رئاسية ثالثة طاويا بذلك صفحة 40 عاما امضاها في المعترك السياسي بينها 12 على رأس الدولة.
وقال شيراك انه سيكشف لاحقا عن مرشحه المفضل للانتخابات التي تجري دورتها الاولى في 22 نيسان/ابريل المقبل متجنبا تاليا ان يدعم مرشح حزبه الذي يقيم معه علاقات صعبة. وقال ساركوزي في مقابلة مع اذاعة quot;فرانس انترquot;، quot;كانت لحظة مؤثرة. جاك شيراك كان وقورا وصادقاquot; واصفا الرئيس الفرنسي بانه رجل quot;محترس ويتمتع بشخصية متعددة الجوانبquot;.
وردا على سؤال لمعرفة ما اذا كان يعتبر نفسه الوريث السياسي لجاك شيراك قال ساركوزي quot;في الحقيقة لم اشعر يوما اني وريث احد. فرنسا هي جمهورية وليست ارثاquot;. وقال ان ما يلفته في جاك شيراك quot;حيوته الهائلةquot; وquot;عزمه على تجاوز المحنquot;.
شيراك
ولم يكن قرار شيراك بعدم الترشح لولاية ثالثة مفاجئا بعدما راجت معلومات عن هذا الاحتمال منذ منتصف الاسبوع موعد اعلان قصر الاليزيه عن نية شيراك بتوجيه كلمة متلفزة الى الفرنسيين ولكن ما كان ينتظره الفرنسيون ولم يقله شيراك هو من سيدعم من المرشحين لخلافته. واعتبر شيراك، في خطابه المتلفز الذي القاه مساء أمس واعلن فيه انه لن يترشح الى ولاية رئاسية جديدة، ان quot;متابعة البناء الاوروبي امر حيويquot;. وفي اشارة الى رفض الدستور الاوروبي في ايار/مايو 2005، قال شيراك quot;خلال الاستفتاء، عبرتم عن شكوككم وهواجسكم وتوقعاتكمquot;. واضاف ان quot;متابعة البناء الاوروبي امر حيوي. والقوميات التي اساءت كثيرا الى قارتنا يمكنها الانبعاث في اي وقت. ولسنا وحدنا من سيواجه التقلبات الاقتصادية في العالمquot;.
وقال ان quot;على فرنسا المطالبة باوروبا قوية. باوروبا سياسية. وباوروبا تضمن نموذجنا الاجتماعي. مستقبلنا في خطر. فلنحمل دائما هذه المثالية وهذه الارادةquot;. ربما لاني لم افعل ما كان يتعين علي القيام بهquot; لتجنيب اوروبا هذه الضربة.
و باعلانه عن عدم ترشحه لولاية ثالثة، يطوي شيراك صفحة من الحياة السياسية إستمرت 40 عامًا، بينها 12 عامًا في الرئاسة. وقال شيراك: quot;في نهاية الولاية التي منحتموني إياها، حان الوقت بالنسبة إلي أن أخدمكم في طريقة أخرى، لن أطلب أصواتكم لولاية جديدةquot;. داعيًا الفرنسيين إلى عدم التحالف مع التطرف أو رفض الآخر. وأضاف في خطابه الذي ألقاه من قصر الأليزيه أن كل شيء في روح فرنسا يرفض التطرف، مؤكدًا أنه يحب بلاده بشدة.
ردود فعل متباينة
من جهة ثانيةأثار الاعلان عن انتهاء عهد شيراك ردود فعل متباينة الاثنين تضمنت تعليقات قليلة من رؤساء دول قابلتها انتقادات لاذعة في غالب الاحيان ولا سيما في الصحافة الاوروبية. وبعد ان امضى 12 عاما على رأس الدولة واكثر من اربعين عاما في واجهة الحياة السياسية، اعلن جاك شيراك البالغ من العمر 74 عاما مساء الاحد عزوفه عن الترشح لولاية ثالثة.
وعلى اثر هذا الاعلان الذي كان متوقعا، عرضت الصحافة الاوروبية حصيلة صارمة عن ادائه السياسي فنددت بصورة خاصة بquot;انتهازيتهquot; وquot;مواقفه المتقلبةquot;، فيما تفردت صحافة موسكو بالاثناء على quot;اليوروصورquot; شيراك وعلى quot;مساره السياسي اللامعquot;.
وكان الرئيس الاميركي جورج بوش اول رئيس دولة يبدي رد فعل على اعلان شيراك فتمنى له quot;افضل ما يكونquot;، مؤكدا ان quot;الولايات المتحدة وفرنسا كانتا وستظلان شريكين وحليفين وفيينquot;، متغاضيا عن الخلافات الحادة في وجهات النظر التي ظهرت بشأن الحرب على العراق واثارت توترا كبيرا في العلاقات بين البلدين والرئيسين.
وكانت quot;نيويورك تايمزquot; من الصحف الاميركية النادرة التي علقت على رحيل شيراك عن الحياة السياسية، فرأت ان المؤرخين سيرون فيه المسؤول الاوروبي الذي قاد جبهة المعارضة للاجتياح الاميركي للعراق، فيما كتبت صحيفة واشنطن بوست ان شيراك يترك quot;ارثا مثيرا للجدلquot; وسيبقى في ذاكرة الاميركيين الزعيم المعارض للحرب في العراق. وفي اوروبا حيت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في شيراك quot;شريكا جديرا بالثقةquot; مشددة على quot;قناعته الشخصية الراسخةquot; بالتعاون الفرنسي الالماني.
وقال المتحدث باسمها اولريش فيلهلم quot;ان المانيا وفرنسا ساهمتا كثيرا في تحضير اوروبا للمستقبلquot; مشيرا الى ان quot;التشاور هو الذي اتاح على الدوام احراز تقدم في المسائل الاوروبيةquot;.
واعربت الحكومة اليابانية عن املها في ان يستمر شيراك المعروف بولعه باليابان في العمل على استمرار العلاقات الثنائية الجيدة بعد رحيله من قصر الاليزيه. وقال المتحدث باسم الحكومة ياسوهيسا شيوزاكي quot;نود ان يواصل اسهامه في العلاقات الجيدة بين اليابان وفرنساquot;. وانضمت الصحافة الصينية الى الاصوات المشيدة بشيراك فذكرت الاثنين بولعه بآسيا عموما وبالصين تحديدا.
وعنونت صحيفة quot;غلوبال تايمزquot; صفحتها الاولى quot;العالم متأثرا يبدي اسفه لاعلان شيراك تقاعدهquot;، مشيرة الى انه quot;مولع بالثقافة الشرقية وزار اليابان اربعين مرة والهند ما لا يقل عن سبع مرات والصين ست مرات (اربع مرات منها بصفته رئيسا)quot;. واعلنت quot;بكين سوارquot; على عرض صفحتها الاولى quot;نهاية عهد شيراك قريباquot;، واصفة الرئيس الفرنسي بانه quot;اختصاصي كبير في الصين يهوى مطبخ سيشوانquot;.
ونشرت الصحيفة صورة بالاسود والابيض تعود الى العام 1975 يظهر فيها شيراك برفقة دينغ هسياو بينغ فيما اعتبر تحليل ان quot;+ديناصورا سياسيا+ اوروبيا يتقاعدquot;.
وفي افريقيا، كان الرئيس السنغالي عبدالله واد الوحيد الذي بادر الى اعلان موقف فقال لاذاعة فرنسا الدولية quot;شيراك كان مرساة افريقيا في مجموعة الثماني، كان الوحيد الذي كنا نحن الافارقة على اتصال مباشر معهquot;، مبديا quot;اسفه الكبيرquot; لرحيله عن الساحة السياسية. لكنه صرح بعد قليل لاذاعة quot;ار تي الquot; quot;يجب ان يفتخر الفرنسيون بما قام به شيراك لكنني لن اقول لكم ان شيراك نجح بطريقة ما في دفع افريقيا على طريق التقدم الاقتصاديquot; مضيفا quot;كان يضع الكثير من المشاريع لكن كل هذه الاجتماعات بين فرنسا وافريقيا لم تسفر عن نتائج عملية كبرىquot;.
وفي المقابل، ابدت صحيفة quot;افريك ماتانquot; في ساحل العاج ارتياحها لquot;نهاية مسار حفار قبور لافريقياquot;. وكتبت الصحيفة المقربة من الوطنيين quot;ان افريقيا تطلق صيحة ارتياح. فقد تقاعد احد اكبر جلاديها جاك شيراكquot; منددة بquot;دعم باريس للدكتاتوريات الافريقية وللانقلابات العسكرية في القارةquot;.
وفي العالم العربي، اثنى طلال سلمان في افتتاحية صحيفة quot;السفيرquot; اللبنانية على quot;آخر صديق كبير للعربquot;. وكتب سلمان انه quot;برغم كل ما يمكن ان يوجه الى جاك شيراك من انتقادات على بعض المواقف (..) فان الحقيقة ان العرب سيخسرون آخر رئيس صديق لهم في الغرب بضفتيه الأوروبية والأميركيةquot;. وتابع quot;من الامانة ان نشهد لفرنسا جاك شيراك انها كانت تمثل الموقف الصديق للقضايا العربية عموما وفلسطين اساسا، كما ان موقفها من حرب الاحتلال الاميركي للعراق كان غاية في الشجاعةquot;.
التعليقات