بهية مارديني من دمشق، الرياض: قالت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لدى مخاطبتها الخميس مجلس الشورى السعودي المكون من رجال فقط، إن مباحثاتها مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز تمحورت أساسًا حول العراق والشرق الأوسط. وعلقت بيلوسي من مقعد الشيخ صالح بن حميد رجل الدين الذي يترأس مجلس الشورى السعودي ذا الطابع الإستشاري والمكون من 150 عضوًا، أن المنظر من هنا جميل.

وتجولت بيلوسي التي كانت ترتدي طاقمًا أخضر في بلاد لا تجيز إلا لكبار الزائرات الأجنبيات عدم إرتداء العباية السوداء، في ردهات المجلس قبل أن تجتمع لساعة مع 12 من أعضاء المجلس.

وقالت ردًا على سؤال عن شعورها وهي تتولى منصبًا ممنوعًا على السعوديات: quot;أنا سعيدة جدًا أنه بعد 200 عام في الولايات المتحدة أصبح لدينا أخيرًا رئيسة لمجلس النواب، إن الأمر تطلب منا الكثير من الوقتquot;.


ولم تصافح بيلوسي باليد الشيخ حميد ولا أيًا من أعضاء مجلس الشورى السعودي كما تقتضي تقاليد المملكة التي تطبق قراءة متشددة للشريعة الإسلامية.

وقال رئيس لجنة الصداقة الأميركية السعودية عبد الرحمن الزامل إن الإصلاح لا يعني حرق المراحل، وذلك لتبرير بطء مسيرة الإصلاح في المملكة السعودية التي لم تنظم إلا إنتخابات بلدية جزئية منعت النساء من المشاركة فيها. وزيارة بيلوسي إلى السعودية هي المحطة الأخيرة في جولة تقوم بها في الشرق الأوسط، أثارت الكثير من الجدل في الولايات المتحدة بسبب زيارة سوريا وإلتقائها بالرئيس السوري بشار الأسد الذي تسعى الإدارة الأميركية إلى عزله.

ووصلت بيلوسي الأربعاء إلى الرياض وإلتقت مساء اليوم ذاته العاهل السعودي بعد أسبوع من خطابه في القمة العربية الذي تحدث فيه عن quot;الإحتلال الأجنبي غير المشروعquot; للعراق.
وكان هذا التصريح من قبل حليف أساسي للولايات المتحدة قد اثأر غضب الإدارة الأميركية التي طالبت السعودية بتوضيحات.

ولدى سؤالها إن كان قد تم التطرق إلى الوضع في العراق في ضوء تصريح الملك، إكتفت بيلوسي بالقول: quot;لم نناقش هذا الأمرquot;.


وأضافت: quot;لقد تركزت مباحثاتنا مع جلالته على مبادرته والمبادرة السعودية للسلام في الشرق الأوسطquot;، مشيرة إلى أن الكثير من المفاوضات يجب أن تتبع المبادرة لكننا أشدنا بدوره القيادي في هذه القضيةquot;.

وكان القادة العرب قد قرروا في قمتهم يومي 28 و29 آذار (مارس) الماضي، تفعيل مبادرتهم للسلام التي كانوا قد تبنوها في قمة بيروت في 2002 لكنها ظلت حبرًا على ورق.

وجاءت إعادة تفعيل هذه المبادرة بدفع من المملكة السعودية التي يزداد قلق نظامها السني من تدهور الوضع في العراق والطموحات المتعاظمة للنظام الشيعي الإيراني.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن اللقاء بين بيلوسي والملك عبد الله تناول مجمل الأحداث والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية والوضع في العراق.

وقال المتحدث باسم بيلوسي نديم الشامي لوكالة فرانس برس أن مباحثات العاهل السعودي مع بيلوسي تناولت أيضًا النزاع في دارفور والصومال.
وأضاف أن بيلوسي ستلتقي أيضًا وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز قبل مغادرة الرياض صباح الجمعة.

زيارة بيلوسي لدمشق والأمن القومي الأميركي
إعتبر مراقبون سوريون أن زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي دمشق لمصلحة الشعب الأميركي، وأشاروا إلى قرار أعضاء الكونغرس القيام بهجوم دبلوماسي للتعامل مع القوى التي يرون أنها فاعلة في المنطقة، بعد أن توصلت لجنة بيكر هاملتون إلى أن سياسة الرئيس الأميركي جورج
بوش في المنطقة.

ولفت لـquot;إيلافquot; الدكتور فؤاد شربجي مستشار وزير الإعلام السوري السابق، إلى تصريحات بيلوسي بخصوص أنها أتت إلى سوريا لتحقيق ما يفيد الأمن القومي الأمريكي، وما يفيد الإستقرار في العالم، وما يفيد فريقدراسة العراق، وتأكيدها أن هناك الكثير من القضايا التي لا يمكن حلها إلا عبر سوريا، ورأى شربجي وهو المدير العام لقناة الدنيا السورية الخاصة، أن زيارة بيلوسي هو شكل من أشكال الإتجاه الأمريكي للتعامل مع الدول التي كانوا يقاطعونها خاصة الفاعلة منها ويعني سوريا.

وأضاف: quot;يبدو أن الأميركيين إكتشفوا أن سوريا مفيدة لفتح الطريق أمام مخرج للمأزق الأميركي في العراق، أما من جهة السوريين أكد شربجي أنه وبسبب سياسة النفس الطويل وبسبب معرفتهم بالمنطقة والأدوار، أثبتت الأيام والوقائع أنهم كانوا متمسكين بحقيقة المنطقة والقوى فيها أكثر من الإدارة الأميركية. وكما نرى إن واشنطن منذ ثلاث سنوات تطالب سوريا بتغيير سياستها، ولكن بعد قرارات لجنة بيكر هاملتون أعلن الأميركيون أنهم يغيرون سياستهم وهذا ما يبدو من خلال التعامل مع سوريا كقوة فاعلة.

ولفت شربجي إلى أن بيلوسي ثالث شخصية في سلم النظام الأميركي، وهي تعبر بشكل كبير عن المجتمع الأميركي وعن مصالحه. وقال إن ما تأكد أن سياسة الحرب الإستباقية، وسياسة الهيمنة بالوسائل العسكرية، وسياسة تكسير المجتمعات، أثبتت هذه السياسة أنها تصيب من يقوم بها كما تصيب الآخرين ، وما قامت به الإدارة الأميركية في العراق يهدد العالم والإستقرار الدولي، ويهدد الأمن القومي الأميركي. وشدد شربجي على أن سياسة الإملاءات لن تتماشى مع سوريا ولا بد من إتباع سياسة تحقق مصالحة الجميع، فإذا كانت بيلوسي تؤيد أمن إسرائيل فإن سوريا مع العرب تطرح المبادرة العربية التي تؤمن الأمن القومي بشكل طبيعي للجميع.

وقال: quot;إذا كانت بيلوسي ضد الإرهاب فإن سوريا لديها وصفة ناجحة ضد الإرهاب، تقوم على إعادة الحقوق إلى أصحابها لسحب أي مبرر يدفع بالمقهور إلى الإنفجار، وإذا كانت بيلوسي تشعر بضغط الحالة العراقية على الشعب الأميركي فإن سوريا منذ البداية ما زالت ضد الحرب وإن أمن العراق واستقراره لا يتم إلا عن مصالحة سياسية وطنية على أرضية جدولة إنسحاب القوات الأميركية. بهذا المعنى أعتقد أن الأميركيين لا بد أن يفهموا أن مصالحهم متحققة من خلال تحقيق مصالح السوريين التي ستؤدي إلى إستقرار المنطقة وإعادة الحقوق إلى أصحابهاquot;.