أنقرة: تمثل التهديدات التركية بتوغل عسكري داخل أراضي شمال العراق لمطاردة المتمردين الأكراد، تشددا في موقف أنقرة بعد نفاد صبرها من عدم قيام الولايات المتحدة بأي تحرك لمواجهة المتمردين ومعالجة ما تعتبره تركيا تمردا للقادة الأكراد الذين يسيطرون على المنطقة، حسب محللين.
وأيد رئيس هيئة أركان الجيش التركي الجنرال ياسر بويوكانيت خلال مؤتمر صحافي الخميس شن عملية عبر الحدود مع العراق ضد حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية.
وطلب من الحكومة السماح له بإرسال قوات لمهاجمة قواعد المتمردين في شمال العراق.
وصرح في المؤتمر الصحافي quot;إذا سألتني عما إذا كانت هناك ضرورة لشن عملية عبر الحدود، فالجواب نعم. هناك حاجة، وستكون هذه العملية مفيدةquot;.
ويزداد الاستياء في تركيا بسبب فشل العراق والولايات المتحدة الإيفاء بوعودهما في القضاء على متمردي حزب العمال الكردستاني، وبسبب التهديدات التي أطلقها أكراد العراق مؤخرا، حسب سيرهات ايركمان الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة quot;اسامquot; الفكرية من مقرها في أنقرة.
وأضاف ايركمان انه quot;نتيجة لذلك، بدا المسؤولون الأتراك التأكيد علنا وبشكل متزايد على ضرورة تطبيق إجراءات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية وquot;غيرهاquot; لحل المسالةquot;.
وتقول تركيا أن آلاف المتمردين وجدوا مأوى في شمال العراق حيث يتمتعون بحرية الحركة ويحصلون على الأسلحة والمتفجرات لشن هجمات على أهداف تركية في النزاع المستمر منذ 22 عاما بين المتمردين والقوات الحكومية للحصول على الحكم الذاتي في جنوب شرق تركيا.
وقتل عشرة جنود أتراك و29 متمردا هذا الشهر -- في اعنف اشتباك مع متمردي حزب العمال الكردستاني والجيش منذ فترة طويلة -- مع بدء فصل الربيع الذي يسهل على المتمردين عبور المنطقة الجبلية الفاصلة بين العراق وتركيا.
وتتهم أنقرة أكراد العراق بإيواء ودعم المتمردين. وازداد التوتر بين الجانبين هذا الأسبوع بعد أن هدد رئيس إقليم كردستان في شمال العراق مسعود بارزاني أنقرة بالتدخل في شؤونها الداخلية فيما يخص الأكراد المتواجدين في المنطقة الجنوبية الشرقية من تركيا، إذا ما عارضت أنقرة إلحاق مدينة كركوك الغنية بالنفط بإقليم كردستان.
وتزعم أنقرة أن آلاف الأكراد انتقلوا للعيش في كركوك لتغيير طابعها الديموغرافي قبل الاستفتاء على مستقبل المدينة الغنية بالنفط والمقرر أن يجري نهاية العام، ودعت إلى تأجيل الاستفتاء.
وتخشى أنقرة من أن تؤدي سيطرة الأكراد على مخزون كبير من احتياطي النفط إلى تشجيع الأكراد على الانفصال عن بغداد، مما يمكن بدوره أن يشجع الأكراد في جنوب شرق تركيا إلى الاحتذاء بهم والانفصال عن تركيا.
ووصف رئيس هيئة الأركان التركي في مؤتمره الصحافي الخميس تصريحات بارزاني بأنها غير مقبولة، واتهم الولايات المتحدة بشكل ضمني بأنها شجعته على التجرؤ والتصريح بذلك.
وقال بويوكانيت quot;نحن نعلم من الذي شجع بارزانيquot;.
وأوضح سدات لانجينير رئيس مؤسسة quot;يوساكquot; الفكرية في أنقرة quot;هذه أول مرة في تاريخ تركيا يتحدى فيها قائد للجيش الولايات المتحدة دون أن يذكرها بالاسمquot;.
وأضاف quot;لقد انتظرت تركيا طويلا أن تتحرك الولايات المتحدة ضد حزب العمال الكردستاني، إلا أن تصريحات بارزاني كانت القشة الأخيرة (...) نحن نتحرك بشكل تدريجي باتجاه توغل عسكري. وتركيا جادة في ذلكquot;.
وتعارض واشنطن شن أي عمل عسكري تركي محتمل داخل شمال العراق بسبب خشيتها من أن يزعزع ذلك الهدوء النسبي في تلك المنطقة، وطالبت باللجوء إلى الوسائل غير العسكرية.
وفي رد على تصريحات بويوكانيت قال المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك الخميس quot;أن هذا خيار يجب على الجميع العمل بكل تأكيد على تجنبهquot;.
وقال دوغو ايرغيل الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة أنقرة أن موقف واشنطن لم يعد يقنع أنقرة.
وأضاف quot;انه تناقض واضح أن تقول الولايات المتحدة، التي غزت العراق، لتركيا أن الخيار العسكري ليس خيارا جيداquot;.
وأكد وجود احتمال كبير بان تقوم تركيا بعملية عبر الحدود عقب الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو.
وأوضح quot;لقد أوضح بويوكانيت بشكل جلي أن تركيا مستعدة لشن عملية واسعة في العراق مهما قالت الولايات المتحدة أو أكراد العراقquot;.