أسامة مهدي من لندن: طلب محامي الدفاع عن رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية العراقية السابق صابر الدوري تبرئته من التهم الموجهة اليه بالمشاركة في عمليات الانفال لابادة الاكراد وذلك خلال جلسة المحكمة الجنائية العراقية العليا السادسة والخمسين في بغداد اليوم التي تابعت الاستماع الى مطالعة الدفاع عن بقية المتهمين في قضية الانفال المتهم بها ستة من كبار ضباط النظام السابق بالمسؤولية عن ابادة عشرات الالاف من الاكراد .. ثم اجلت جلساتها الى يوم غد الثلاثاء.
وقد خصصت جلسة اليوم لمطالعة محامي الدفاع عن صابر الدوري الذي لفت إلى وجود اتهامات موجهه إلى موكله من خارج اللوائح المقدمة مشيرا الى القاعدة القانونية التي تنفي التجريم دون نص طالباً عدم تجريمه إلا بموجب المواد المحددة في القانون الدولي. وأشار المحامي إلى أن طبيعة مهام الدوري لم تكن تسمح له بالقيام بتلك الجرائم المنسوبة إليهمستعرضاً واجبات الدوري بانها تتركز على متابعة تحركات العدو ونشاطاته وابلاغها للقيادة العسكرية حيث تتوقف مهمته هنا لانه لادور له في التنفيذ . وقال ان العمليات العسكرية كان يقررها القائد العام للقوات المسلحة وليس الدوري ومن هنا فانه لم يرتكب أي افعال محرمة عسكريا . واوضح ان الدوري رفض في اوقات عدة زج دائرته بعمليات لاستخدام اسلحة محرمة وهو امر اشار اليه الرئيس السابق صدام حسين في جلسة سابقة حين قال ان استخدام اسلحة الدمار هي من صلاحياته او نائبه وحدهما.
واضاف المحامي ان الدوري ليست له أي علاقة بالمقابر الجماعية او ترحيل اكراد من قراهم لان هذه ليست من صلاحيات دائرته اصلا. واستعرض الدفاع وثيقة استخدمها الإدعاء لإثبات أن الدوري الذي كان في قيادة الاستخبارات إبان عملية الأنفال قام بتقديم معلومات لضرب أهداف معادية بالسلاحين الخاص (الكيماوي) والعادي.
وقال المحامي إن موكله اكتفى بتحديد أهداف السلاح العادي ولم يحدد أهادف السلاح الخاص مما يعد دليلاً على عدم رغبته القيام بذلك طالباً من القاضي أخذ الأمر بعين الاعتبار، الأمر الذي استدعى من القاضي مقاطعة المحامي لاستيضاح المسألة. وأضاف المحامي أن موكله يشعر بquot;الألمquot; جراء ما أصاب ضحايا الإنفال معقباً بأن رأيه الشخصي ليس مهماً بل إن الأهم هو طبيعة دوره ومهامه. وأعاد الدفاع في مطالعته التذكير بالصعوبات التي اعترضت إحضار شهود النفي لمصلحة المتهم، كما لفت إلى أن مطالبته بوجود خبراء عسكريين في المحاكمة لتحديد المسؤوليات لم يتم تلبيته.
وفي الاخير اعتبر المحامي الأدلة المقدمة ضد موكله لا تدل على أنه كان ضالعاً في قضايا استخدام السلاح الكيماوي طالباً تبرءة موكلة من التهم المنسوبة إليه معتبراً أن موكله لم يشارك سوى في حلقة دراسية حول الموضوع. ثم طلب الدوري الكلام فخاطب القاضي قائلا quot;ضع نفسك مكاني في حالة الحرب أو حتى في حالة السلم هل يمكن لأحد أن يعتذر عن مهمة المشاركة في هيئة دراسية بقرار صادر عن الرئاسة؟quot;. وستواصل المحكمة جلساتها يوم غد لاستئناف الاستماع الى بقية المتهمين الثلاثة .
مجريات جلسة أمس
واستمعت المحكمة امس الى مطالعة الدفاع عن المتهمين طاهر توفيق العاني محافظ الموصل السابق وسلطان هاشم احمد قائد الفيلق الخامس وزير الدفاع السابق حيث تم الطلب ببرائتهما.
وكشف محامي الدفاع عن سلطان هاشم عن رسالة من قائد قوات التحالف في حرب العراق ديفيد باتريوس وهو الان قائد القوات المتعددة الجنسيات في العراق موجهة الى سلطان لدى بدء الحرب يشيد به وبعسكريته . وقال باتريوس في رسالته quot; انك مثلي عسكريا تنفذ اوامر عليا .. واعرض عليك التسليم وساتسلمك بنفسي ولن اسمح باهانتك نفسيا او جسديا بدلا من ان تهرب وتكون مطلوبا وربما توضع في السجن مهانا بعد ذلك ..quot;. واضاف ان الشهود الذين تقدموا الى المحكمة لم يشيروا الى تهم بعينها موجهة ضد المتهم مما يؤيد مشاركته في أي جرائم .
واضاف المحامي ان سلطان هاشم لم ينفذ أي عمليات عسكرية ضد المدنيين وانما قام بتنفيذ خطط وضعتها رئاسة الاركان ضد الجيش الايراني وقوات البيشمركة التي كانت تقاتل معهم ضد التراب العراقي. وفي الختام طلب المحامي تبرئة موكله من التهم المنسوبة اليه وفي حالة عدم اقتناع المحكمة ببطلان التهم فانه يطلب تخفيف الحكم على موكله.
مطالبة هيئة الادعاء العام بمعاقبة المتهمين
وجاءت مطالعتي الدفاع هذه دفاعا عن اثنين من المتهمين الستة في قضية الانفال وهم من كبار القادة العسكريين في النظام السابق والمتهمين بالمشاركة في ابادة حوالي 180 الف مواطن كردي وترحيل عشرات الاف اخرين وتدمير ثلاثة الاف من قراهم خلال عامي 1987 و1988 بعد ان كان رئيس هيئة الادعاء العام قد طلب في الثاني من الشهر الماضي انزال عقوبة الاعدام بخمسة من المتهمين وتجريمهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية منظمة ومتعمدة ضد ابناء الشعب الكردي وتبرئة المتهم السادس طاهر توفيق العاني وتخفيف الاعدام عن صابر الدوري مدير الاستخبارات السابق.
وكان قاضي المحكمة محمد الخليفة العريبي قد تلا في جلسة سابقة التهم ضد المتهمين الستة واحدا بعد الاخر وهي تتعلق بارتكاب جرائم حرب واخرى ضد الانسانية وثالثة بالابادة الجماعية وعقوبة كل واحدة منها الاعدام .. لكن جميع المتهمين دفعوا بانهم ابرياء .
المتهم الرئيسي في القضية بعد اعدام صدام حسين
ويعتبر المتهم الرئيسي في القضية حاليا علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الاعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيسي فيها حيث تؤكد العديد من الوثائق انه وراء الاوامر التي صدرت بقصف القرى الكردية بالاسلحة الكيمياوية. وعرض الادعاء خلال الاشهر الماضية حوالي 60 وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية وادارة الحكم الذاتي ومديرية الامن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش الى تنفيذ الاعدام باي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول اليها ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و70 عاما من دون محاكمة ولكن بعد التحقيق معهم لاستحصال معلومات منهم واستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق ايضا.
وقد تم اسقاط التهم عن صدام حسين المتهم الرئيسي في القضية بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعدد من مساعديه في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لإغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية.
واستمعت المحكمة منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) من العام الماضي الى حوالي 100 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا كما عرض عليها حوالي 60 وثيقة رسمية حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.
المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية.
ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988. ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.
التعليقات