أسامة مهدي من لندن : تدخل المحكمة الجنائية العراقية التي تنظر في قضية الانفال بجلستها السابعة والاربعين اليوم مرحلة جديدة من خلال المباشرة بالاستماع الى اقوال شهود النفي عن المتهمين الستة بالمشاركة في ابادة حوالي 180 الف مواطن كردي وترحيل عشرات الاف اخرين وتدمير ثلاثة الاف من قراهم خلال عامي 1987 و1988 حيث سيظهر عدد من الشهود المعتقلين حاليا من رموز النظام السابق اضافة الى مسؤولين سابقين اخرين .

ومن المنتظر ان تستمع المحكمة خلال جلساتها للاسبوع الحالي الى شهود النفي او الدفاع الذين اشار رئيس المحكمة محمد الخليفة العريبي في وقت سابق الى ان عددهم سيصل الى 18 شاهدا موضحا ان المحكمة قررت عدم اخذ اقوال الشهود الموجودين في الخارج والذين طلب المتهمون الاستماع الى شهاداتهم .
ولجميع المتهمين الستة شهود دفاع بعضهم معتقلون حاليا لدى قوات التحالف حيث قامت المحكمة بتبليغهم لاحضارهم جميعا الى المحكمة . وكان بعض المتهمين اشاروا خلال جلسات سابقة للمحكمة الى ان العديد من القادة والضباط السابقين في الجيش العراقي يشكلون شهود دفاع مهمين عنهم لكنه تعذر الوصول اليهم بسبب مغادرة بعضهم للعراق واغتيال اخرين بينما رفض البعض الادلاء بشهاداتهم خوفا .

التهم التي وجهت للمتهمين الستة

وكان رئيس المحكمة العريبي قد تلا في اخر جلسة للمحكمة الثلاثاء الماضي التهم ضد المتهمين الستة واحدا بعد الاخر وهي تتعلق بارتكاب جرائم حرب واخرى ضد الانسانية وثالثة بالابادة الجماعية وعقوبة كل واحدة منها الاعدام حيث دفع جميع المتهمين بانهم ابرياء .. وكانت التهم التي تليت على المتهمين كما يلي :

علي حسن المجيد : عضو القيادة القطرية لحزب البعث عضو القيادة العامة للقوات المسلحة مسؤول شؤون الشمال .. والتهمه انه في الفترة بين حزيران (يونيو) عام 1987 و ايلول (سبتمبر) عام 1988 قيامه من خلال الصلاحيات الواسعة الممنوحة له باصدار اوامر للقيادات العسكرية واجهزة الاستخبارات والامن والجيش الشعبي بتوجيه ضربات بمختلف الاسلحة وبينها الكيمياوية ضد المواطنين الاكراد وحرق قراهم ومزارعهم وحيواناتهم وتهجيرهم واعتقالهم واعدام العديد منهم والذين وجدت جثثهم في مقابر جماعية عثر عليها في مناطق مختلفة من العراق . ووجه القاضي تهمة ارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية وجرائم ابادة جماعية ضد المتهم وتصل عقوبتها الى الاعدام . وقد رد المجيد بانه بريء .

حسين رشيد محمد : معاون رئيس اركان الجيش لشؤون العمليات .. وقام خلال الفترة بين حزيران عام 1987 وايلول عام 1988 بالمشاركة في وضع خطط لمهاجمة الاكراد في شمال العراق بالاشتراك مع رئيس اركان الجيش لتنفيذ عمليات الانفال . كما حضر اجتماعات عسكرية لتنفيذ هذه الخطط من قبل المتهم سلطان هاشم والتي ساهمت بقتل السكان المدنيين والحاق الاذى الجسدي بهم وتهجيرهم واعتقالهم مما تسبب في اعدام عدد منهم عثر على جثثهم في مقابر جماعية اضافة الى تنفيذ عمليات ترحيل في ظروف غير انسانية نتج عنها وفاة العديدين . وقد وجه له القاضي ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية وجرائم ابادة جماعية .. لكنه دفع بانه بريء .

سلطان هاشم احمد : وزير الدفاع السابق وامر الفيلق الاول .. ووجهت له تهمة القيام خلال الفترة بين شباط (فبراير) عام 1988 الى ايلول من العام نفسه عندما كان قائدا لعمليات الانفال الاولى باصدار اوامر للقطعات العسكرية بتنفيذ عمليات باستخدام مختلف الاسلحة التي تسببت في قتل اكراد واخضاعهم لاحوال معيشية صعبة نتج عنها هلاك قسم منهم واعتقال اخرين اعدم عدد منهم . كما وجهت له تهمة الامر باستخدام اسلحة كيمياوية ضد المعارضة الكردية مما تسبب في قتل سكان مدنيين غير مشاركين في العمليات . ووجهت له تهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية واخرى للابادة الجماعية .. وقد دفع المتهم بانه بريء وانه كان ينفذ اوامر القيادة العليا من دون تجاوز حدودها .

صابر عبد العزيز الدوري : مدير الاستخبارات العسكرية وعضو القيادة العامة للقوات المسلحة .. ووجهت له تهمة القيام في الفترة بين اذار (مارس) عام 1987 و ايلول عام 1988 بتقديم تقارير ومعلومات الى الاجهزة العسكرية لاتخاذ تدابير بتنفيذ عمليات حربية بمختلف الاسلحة وبينها كيمياوية ضد الاكراد مما نتج عنها ارتكاب جرائم ابادة جماعية . وقال القاضي ان المتهم ساهم متعمدا في شن هجوم واسع النطاق ومنهجي من قبل القطعات العسكرية بالطائرات والمدفعية مما تسبب في قتل السكان واحراق قراهم وتهجيرهم . ووجه له التهمة بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية وجرائم ابادة جماعية .. لكن المتهم قال انه بريء .

طاهر توفيق العاني : سكرتير لجنة شؤون الشمال .. ووجهت له تهم القيام خلال الفترة من اذار عام 1987 وايلول عام 1988 بحضور اجتماعات للتخطيط لعمليات الانفال التي نتج عنها قتل اكراد وحرق قراهم وتهجيرهم وترحيلهم الى معتقلات توفوا فيها نتيجة المعاملة القاسية التي تعرضوا لها بينما تم اعدام اخرين . كما وجهت له تهمة اعداد مقترحات بمهاجمة قرى ياستخدام مختلف الاسلحة مما نتج عنه مقتل الكثيرين .. وكذلك تقديم مقترحات باعدام اكراد نفذهم فيهم الحكم فعلا . وتم توجيه تهمة ارتكاب جرائم حرب وابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية له.. لكنه دفع بانه بريء .

فرحان مطلك صالح : مدير منظومة الاستخبارات الشرقية .. ووجهت له تهمة القيام في الفترة بين حزيران عام 1987 و ايلول عام 1988 تزويد الاستخبارات العامة بتقارير ومعلومات وتحديد اهداف لضربها . وبناء على هذه التقارير تم فعلا مهاجمة قرى كردية بمختلف الاسلحة وقتل ساكنيها واحراقها مع مزارعها ومواشيها . وبذلك وجهت له تهم ارتكاب جرائة حرب وضد الانسانية وجرائم ابادة جماعية .. ورد المتهم بانه بريء .

المتهم الرئيسي في القضية بعد اعدام صدام حسين

ويعتبر المتهم الرئيسي في القضية حاليا علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الاعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيسي فيها حيث تؤكد العديد من الوثائق انه وراء الاوامر التي صدرت بقصف القرى الكردية بالاسلحة الكيمياوية . وعرض الادعاء خلال الاسابيع الثلاثة الماضية حوالي 60 وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية وادارة الحكم الذاتي ومديرية الامن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش الى تنفيذ الاعدام باي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول اليها ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و70 عاما من دون محاكمة ولكن بعد التحقيق معهم لاستحصال معلومات منهم واستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق ايضا .

وقد تم اسقاط التهم عن صدام حسين المتهم الرئيسي في القضية بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعدد من مساعديه في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لإغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية.
وقد استمعت المحكمة منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي الى حوالي 100 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا كما عرض عليها حوالي 60 وثيقة رسمية حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.

المتهمون في قضية الانفال

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية .

ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.

وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.