طبيب نمساوي أمام الأنفال حول الكيمياوي
أسامة مهدي من لندن: اشتكى متهمو عمليات الانفال من صعوبات في اعداد دفاعهم فيما عرض الادعاء العام تسجيلات ووثائق ضدهم وذلك قبل رفع جلسة المحكمة الجنائية العراقية العليا للاستراحة ظهر اليوم لمواصلة النظر بعدها في قضية ابادة الاكراد المتهم فيها الرئيس السابق صدام حسين الذي نفذ بحقه الاعدام وستة من كبار مساعديه السابقين.

وفي بداية الجلسة وهي السادسة والثلاثين قال المتهمون انهم لم يستطيعوا الاتفاق على استقدام شهود دفاع عنهم لانهم خرجوا من العراق الى سوريا والاردن بشكل خاص . وطلبوا قيام القنصليات العراقية في البلدين بالاستماع الى شهاداتهم .. لكن رئيس المحكمة محمد العريبي الخليفة اوضح ان المحكمة والمتهمين ايضا لايملكون عناوين كاملة لهؤلاء الاشخاص وان مجرد معرفة وجودهم في البلدين لايكفي للاتصال بهم. وقال المتهم علي حسن المجيد انه لم يتمكن من الاجتماع مع محاميه لكتابة افادته بشكل مفصل وكامل وطلب وقتا لاعداد ذلك واوضح ان جميع المتهمين كتبوا افادات بسيطة وغير كاملة.

ومن جانبه اشار المتهم ثابت سلطان الى ان شهود الدفاع عنه هم خارج العراق حاليا وتساءل عن امكانية الوصول اليهم. اما صابر الدوري فقد اشار الى ثلاثة شهود مهمين يمكن ان يدافعوا عنه اثنين منهم خارج العراق حاليا والاخر الفريق وفيق السامرائي الذي كان رئيسا للاستخبارات العسكرية في زمن النظام السابق وهو الان مستشار عسكري للرئيس العراقي جلال طالباني وطلب الاستماع الى اقواله. وخلال حديث المتهمين قطع القاضي الصوت لمرات عدة لاسباب قيل انها امنية.

ثم عرض المدعي العام منقذ ال فرعون وثائق وتسجيلات صوتية تتهم المتهم طاهر العاني بدعوة لقتل الاكراد. كما يتهم العاني الرئيس طالباني وهو زعيم الاتحاد الوطني الردستاني بالخيانة ويشير الى ان طالباني طلب فتح قنوات اتصال مع السلطات العراقية .. ثم يوجه العاني شتائم لطالباني وتهديد بضرب الاكراد بالكيمياوي وتدمير قراهم وتشريد الاف منهم الى الصحراء.

وتعقد محكمة الانفال جلساتها للاستماع الى اقوال خبراء والاطلاع على وثائق تتعلق بقضية عمليات الانفال الناتجة عن استخدام النظام السابق للاسلحة الكيمياوية ضد الاكراد عامي 1987 و1988 مما اسفر عن مصرع حوالي 180 الف كردي وتشريد الاف اخرين وتدمير 3 الاف قرية . وستخصص جلسات الاسبوع الحالي لعرض مزيد من الوثائق والافلام المرئية والمسموعة قبل أن تنتقل الى الاستماع الى إفادات المتهمين. وتعمل المحكمة حاليا على التعاقد مع خبراء في الأدلة الجنائية تابعين الى وزارة الداخلية بهدف دراسة الأدلة الخاصة بالقضية والضربة العسكرية الكيمياوية التي تعرض لها الاكراد عام 1988.

ومن المنتظر ان يدلي البروفيسور النمساوي جيرهارد فرالينجر الذي وصل الى مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق مؤخرا باقواله امام المحكمة حول قصف مدينة حلبجة الكردية بالأسلحة الكيمياوية حيث كان قد عالج عدد من ضحايا هذا القصف في مدينة أورمية الأيرانية عام1988. وقال فرالينجر في تصريح للصحافيين quot; جئت الى هنا كجراح مختص في مجال التجميل حيث سبق وان عالجت عددا من ضحايا قصف حلبجة بالأسلحة الكيمياوية ولدي وثائق وافلام فيديو تثبت الجريمة .quot; واشار الى انه عالج عددا كبيرا من ضحايا حرب فيتنام والحرب العراقية الأيرانية وكدلك ضحايا حلبجة.

وكان صدام حسين المتهم الرئيسي في القضية قد تم اسقاط التهم عنه بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعدد من مساعديه بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لإغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية.

وقد استمعت المحكمة الى حوالي 100 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا كما عرض عليها حوالي 60 وثيقة رسمية منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.

المتهمون في قضية الانفال

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من الشهر الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.

ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.

وقد سميت الحملة quot;الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot;إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.