أسامة مهدي من لندن : اظهر محامو الضحايا في قضية الانفال وثائق ومراسلات سرية صادرة عن النظام العراقي السابق تخول قادة الفيالق العسكرية تنفيذ عمليات اعدام من دون محاكمات او الرجوع الى مسؤولين .. وناقشوا وثائق اخرى تؤكد القاء اكراد من مروحيات وذلك قبل ان ترفع المحكمة الجنائية العليا جلستها الى موعد اخر لمتابعة النظر بالقضية المتهم فيها الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستة من مساعديه السابقين بابادة 180 الف كردي وحرق قراهم عام 1988 .

وشهدت جلسة اليوم التي استمرت لاكثر من ثمان ساعات في واحدة من اطول الجلسات التي تشهدها المحكمة مناقشة المحامين للوثائق التي قدمها الادعاء العام واشاروا الى ان هذه الوثائق تؤكد اقوال المشتكين والشهود حول عمليات ضرب المناطق الكردية باسلحة كيمياوية . وناقش المحامون ايضا وثائق تؤكد ان قادة الفيالق العسكرية كانت لديهم تعليمات باعدام من يقررون التخلص منهم من الاكراد من دون محاكمة وعدم الرجوع الى قادتهم في هذا الامر وذلك تعليقا على وثيقة موقعة من قبل المتهم علي حسن المجيد المسؤول العسكري للقاطع الشمالي سابقا لايعترض فيها على عمليات اعدام نفذتها قوات الفيلق الاول عام 1987 . واكد المحامون ان هذه الجرائم تعتبر انتهاكا لاتفاقيات جنيف التي تحرم عمليات الابادة الجماعية . واوضحوا ان العديد من الاوامر العسكرية الواردة في الوثائق تدعو لتنفيذ الضربات الكيمياوية ليلا لسببين الاول حتى توقع اكبر الخسائر حيث يكون المستهدفين في منازلهم .. والثاني ان الرياح عادة ماتكون ساكنة وتساعد على دقة الضربات .

ثم دافع المتهم فرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية عن نفسه مؤكدا انه ليس له علاقة بعمليات الانفال او تنفيذها وان دوره كان رفع المعلومات التي تصله الى ادارته في مقر وزارة الدفاع . لكنه اوضح بان القطعات العسكرية هي التي قامت بازالة شريط القرى الحدوي في منطقة كلار الشمالية في عام 1988 . وقال الجبو quot;ان منظومة الاستخبارات فرع الشمال ليس لها دخل في ازالة الشريط الحدودي في منطقة كلار وان القطعات العسكرية هي التي قامت بازالتها و إن quot;دورنا كان ابلاغ مديرة المساحة بالقرى المزالة من قبل القطعات العسكرية من اجل تغير الخرائط. quot;

ومن جانبه طالب المتهم صابر الدوري رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية باستقدام خبراء عسكريين لفحص الوثائق وتفسير بعض الرموز التي تتضمنها . وناقش لمدة اكثر من ساعتين الوثائق المقدمة للمحكمة مؤكدا ان دائرته لم تشارك في أي عمليات عسكرية في الانفال وان مهمتها كانت تقتصر على تقديم معلومات عن الاوضاع الامنية العسكرية . وأضاف quot;عندما اريد تنفيذ ضربات ضد اهداف معينة يرجع للاستخبارات لكونها تمتلك معلومات عن تلك الاهداف ، لذا هي تزود القوة الجوية بالمعلومات عن الاهداف المراد تنفيذ عمليات عسكرية ضدها الا انها لاتشارك بعملية التنفيذ.quot;

وثائق ادانة عرضها الادعاء العام

وعرض رئيس هيئة الادعاء العام منذر ال فرعون في جلسة الصباح 30 وثيقة جديدة سرية صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية والقوة الجوية والرئاسة العراقية للنظام السابق وبتوقيع الرئيس السابق صدام حسين تؤكد قتل اكراد تصفهم بالمخربين وضرب مناطق كردية بالاسلحة الكيمياوية وهي تتعلق بالاتهامات الموجهة للمتهم صابر الدوري رئيس الاستخبارات السابق. كما تتحدث وثائق اخرى عن توجيهات باستخدام اسلحة كيمياوية بواسطة الطائرات والمدفعية في وقت واحد وبشدة لمباغتة quot;العدوquot; وتحقيق اكبر الخسائر به .
وتشير وثيقة الى القاء ثلاثة اكراد وصفوا بالمخربين من مروحية واكدت اخرى ضرب قواعد للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني ومقرات للحزب الشيوعي في محافظة دهوك الشمالية وقواعد اخرى للاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الرئيس جلال طالباني بالاسلحة الكيمياوية . وتتحدث اخرى عن توجيه ضربة كيمياوية باربع واربعين طائرة واخرى باسلحة تقليدية بعشرين طائرة اخرى في وقت واحد اوقعت حوالي 130 قتيلا وجريحا وذلك في حزيران (يونيو) عام 1987 .

وفي وثيقة يعترض المتهم علي حسن المجيد المسؤول العسكري لشمال العراق على تنفيذ حكم الاعدام باكراد من قبل الفيلق الاول ليس quot;لقطع رؤوس الخونةquot; كما قال وانما لانه كان يفضل ارسالهم الى مديرية الامن للتحقيق معهم لربما تكون لديهم معلومات مفيدة كما يقول . وتشير احدى الوثائق الى ضربات بالكيمياوي الى قطعات ايرانية وكردية وتقول انه تم قتل واصابة 1200 شخص من الايرانيين و1150 من الاكراد الذين تصفهم بالمخربين .

وقد استمعت المحكمة الى 91 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا كما عرض عليها حوالي 60 وثيقة رسمية منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم .

المتهمون في قضية الانفال

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.

وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.