أسامة مهدي من لندن : قال المتهمون في قضية الانفال ان محاميهم لم يستطيعوا استدعاء شهود نفي لانهم عسكريون اما هربوا من العراق او قتلوا بينما روى مشتكون اكراد تفاصيل عن عمليات هروب سكان قرى عدة الى تركيا تخلصا من ضربهم بالسلاح الكيمياوي الذي نفذته القوات العراقية ووفاة العديد من الهاربين خلال ذلك .. في حين اجلت المحكمة الجنائية العراقية العليا التي تنظر في القضية الانفال المتهم فيها صدام حسين مع ستة من مساعديه السابقين بارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد خلال عامي 1987 و1988 جلستها الى يوم الاثنين السابع والعشرين من الشهر الحالي بعد ان استمعت الى 78مشتكيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي .
وقال القاضي محمد العريبي الخليفة ان قانون المحكمة يقتضي تقديم اسماء شهود النفي عن المتهمين لكن أي اسم لمك يقدم بعد مشيرا الى ان ذلك ليس في مصلحتهم .. ثم منحهم مهلة زمنية لتقديم الاسماء حتى السابع والعشرين من الشهر الحالي .
وهنا قال المتهم حسين التكريتي ان جميع شهود النفي هم عسكريون لكن المحامين لم يستطيعوا جلبهم للشهادة لانهم اما هاربين من العراق او انهم قتلوا .. مشيرا الى ان هناك شاهد واحد هو نزار الخزرجي رئيس اركان الجيش العراقي السابق لكنه موجود خارج البلاد . فطلب القاضي تقديم اسماء الشهود سواء كانوا داخل العراق او خارجه من الذين يمكن الادلاء بشهادتهم في السفارات العراقية .
بينما طلب المتهم فرحان مطلك الجبوري رئيس الاستخبارات الشمالية السابق عدم حضور الرئيس جلال طالباني للادلاء بشهادته وقال ان ذلك سببه الظروف الامنية الصعبة وظروفه السياسية واعبائه الجسيمة .
واكد المشتكون ان قراهم تعرضت لقصف الطائرات والمدفعية العراقية بالسلاح الكيمياوي وهرب الالاف من سكانها ومقتل العشرات منهم خلال هذه العمليات واثناء الهروب باتجاه تركيا التي دخلوها وسكنوا عددا من من ماطقها الجنوبية حتى عام 1991 حين اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد النظام العراقي السابق وانفصال اقليم كردستان عن الحكومة المركزية في بغداد .
وقد اعترض الرئيس السابق على قول احد محامي الحق العام بان المسيحيين واليزيديين هم من الاكراد وقال ان لهؤلاء تاريخ وانتماء . واوضح انه لكل قوم يعيشون في منطقة معينة لهم الحق باكتساب قوميتها او رفض ذلك .. وان العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية اضافة الى قوميات اخرى . واشار الى ان المسيحيين وفيهم الكلدان الذين هم اساس تشكيل الدولة الاشورية القديمة ولذلك لايمكن اطلاق صفة الكردية عليهم . اما بالنسبة لليزيديين فقال انهم يعتبرون انفسهم عربا .. ولكن من اراد ان ينتمي الى القومية الكردية فهذا شأنه موضحا ان هناك من العشائر العربية من اختار الانتماء الى القومية الكردية .
ثم ناقش المتهم صابر الدوري
رئيس الاستخبارات العسكرية العراقية السابق المشتكي حول انتمائه فقال إنه كان ينتمي للحزب الديمقراطي الكردستاني. وقرأ الدوري إحدى الوثائق التي بحوزته حول النشاطات والعلاقات بين قوات الكردية والقوات الإيرانية وخاصة حول التعاون الاستخباري ومعسكرات اعتقال الأسرى الإيرانيين في الموصل وغير ذلك.
ثم دار جدل حول تاريخ الوثيقة التي تحدث عنها صابر وطالب الدفاع بتسجيلها واعتمادها.
وقال الدوري إن وثائق الاستخبارات تم جمعها من خلال التنصت على الاتصالات بين البشمركة والإيرانيين.
واتهم المحامي بديع عارف عزت محامي المتهم فرحان مطلك الجبوري مسؤول الاستخبارات العسكرية في المنطقة الشمالية سابقا القوات الاميركية بالاستيلاء على ملفات القضية مشيرا الى ان مكتب المحامين في المنطقة الخضراء محمي بالجنود الاميركيين غير ان الملفات اختفت منه .. لكن القاضي محمد العريبي الخليفة احتج على الاتهام ودعا المحامي بدلا من ذلك طلب نسخة بديلة واعدا بتقديم ملفات بديلة واضاف ان الادعاء العام سيزود المحامين بقرص مدمج يحتوي على جميع الملفات .
ثم طلب المحامي نسخة من تخويل الرئيس العراقي جلال طالباني لنائبه عادل عبد المهدي بالمصادقة على تنفيذ احكام الاعدام التي تصدرها المحكمة . كما دعا الى توقيف هيئة الادعاء عن عملها لحين انتهاء التحقيق في تقديم مشتك جواز سفر مزور ليدخل العراق والادلاء باقواله امام المحكمة ولم تبلغ عنه الهيئة طالبا التحقيق معها مشيرا الى ان القانون يقضي بالسجن عاما لهذه المخالفة .
وكان ثلاثة شهود قد رووا في جلسة امس الثلاثاء تفاصيل نجاتهم من عملية اطلاق نار مارسها 16 جنديا عراقيا في اب (اغسطس) عام 1988 في معسكر للجيش العراقي بمحافظة دهوك الشمالية ضد مجموعة من الرجال الاكراد تضم 33 شخصا قتلوا جميعهم عدا اربعة اصيبوا في مناطق مختلفة من اجسامهم وتظاهروا بالموت الى حين مغادرة الجنود مكان الحادث ليستطيعوا الهروب .
وفي مداخلة له امس دعا صدام العرب والاكراد الى التصالح والعفو زالتسامح وقال ان ان النبي محمد قد عفا عمن اذوه وبينهم اقارب له وكذلك فعل السيد المسيح .
المشتكي الاول
وقال المشتكي الاول في جلسة اليوم ناظم ايوب عبد الله محمد من مواليد عام 1949 ويسكن قرية فرجينا بناحية زاويتة بمحافظة دهوك الشمالية ان 8 طائرات عراقية قامت في 25 اب (اغسطس) عام 1988 بقصف قريته حيث تصاعد منها دخان ابيض واصفر واحمر نتج عنه انتفاخ في بطون السكان واصابات في اعينهم اضافة الى مقتل خمسة اشخاص مما دعاهم الى الهرب نحو الحدود مع تركيا التي دخلوها وسكنوا مدينة ديار بكر حتى عام 1991 عندما وقعت انتفاضة الاكراد ضد النظام السابق . واشار الى انه شاهد في طريقه الى تركيا تهديم القوات العراقية لقرى عديدة وقال ان عددا من افراد عائلته قد ماتوا خلال الهروب وبينهم ابنة له . واشار الى انه كان عضوا في قوات البيشمركة الكردية .
الشاهد الثاني
وتقدم الشاهد الثاني وهو عبد الرحمن مصطفى مواليد عام 1957 من سكنة دهوك ويعمل في قوات البيشمركة فقال انه في 23 اب عام 1988 قامت القوات العراقية بمهاجمة قريته وقرى اخرى من ثلاث محاور . واشار الى أن عدداً من أهالي القرى بالتوجه نحو الحدود التركية هرباً من الجيش العراقي الذي سيطر على منطقتين مجاورتين فيما بقي الآخرون في تلك القرى. وفي اليوم التالي حاولوا العبور إلى الحدود التركية، وعندما بلغوا منتصف الطريق لم يتمكنوا من ذلك فعادوا ليلاً إلى قريتهم. وفي يوم 25 اب خرج أهالي القرية مرة أخرى وتوجهوا إلى كهف يبعد عن القرية مسافة كيلومترين وفيما بعد عادوا إلى القرية للحصول على بعض المواد الغذائية بنية الرحيل مرة أخرى. واضاف أنه عندما اقتربوا من القرية حلقت طائرات حربية بين الساعة السادسة والسابعة صباحاً وقامت بقصف المنطقة بين القرى الأربع وأطلقت 4-5 صواريخ. وقال إنه بعد النظر إلى منطقة القصف فشاهدوا سحب من الدخان الأصفر يعلو فوق المنطقة، وأصبح الجو معبقاً بذلك الدخان. وأشار إلى أنه بعد ذلك أصيب البعض بحرقة في العين فعلموا أنهم تعرضوا لقصف كيماوي وأنه كان بالقرب منهم جدول ماء وفتوجهوا إليه وقاموا برش أنفسهم بالماء . ثم توزعوا في مناطق مختلفة هرباً مشيراً إلى أنه وعائلته توجهوا شرقاً حيث بلغوا الحدود مع تركيا بعد 24 ساعة رغم أنها تبعد عنهم حوالي أربع ساعات على الأكثر وقال أنهم شاهدوا قريتهم والقرى المجاورة تحترق بعد مغادرتها بالعين المجردة. وبعد اعلان حكومة كردستان عام 1992عادوا الى كردستان وسلموا انفسهم الى السلطات الجديدة .
المشتكية الثالثة
وقالت مشتكية مسنة هي اسية برياك انها فقدت زوجها وابنها خلال قصف الطائرت العراقية لقريتها مما اضطر السكان الى الهرب الى تركيا لكنهم لم يستطيعوا في البداية فعادو الى كهوف قريبة .. لكن القصف تكرر مما دعاهم الى التوجه الى تركيا مرة اخرى لكن القوات اخذت الرجال الذين فصلتهم عن النساء والاطفال . وظلوا في معسكر للاعتقال الى حين صدر عفو حكومي لكن زوجها وابنها مازال مفقودين لحد الان واشتكت على صدام وعلي حسن المجيد وطالبت بتعويض عنهم فقدانهما .
المشتكي الرابع
وقال سليم حسن سليم وهو المشتكي الرابع في جلسة اليوم وهو من مواليد 1966 ويسكن مدينة عمادية وكان عضوا في البيشمركة الكردية ان الطائرات العراقية والمدفعية قصفت قريته التي هرب سكانها الى ايران وتركيا وقال انه نجح في الوصول الى تركيا مع افراد اخرين من البيشمركة لكنه تم الطلب من السلطات التركية نقلهم الى ايران التي دخلوها فعلا وبقوا فيها حتى عام 1991 . وحين عودته سال عن افراد عائلته فابلغ انهم اخذوا مع اخرين الى منطقة بحركة وقالوا له ان اشقائه وابناء اعمامه قد اختفوا منذ قصف قريتهم وهروب السكان ولا يعرف شيء عنهم لحد الان .
المتهمون والتهم في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.
التعليقات