أسامة مهدي من لندن : استجاب قاضي المحكمة الجنائية العراقية العليا محمد العريبي الخليفة لطلب رئيس هيئة الادعاء العام منقذ ال فرعون بالاكتفاء بالاستماع الى مشتكين جدد وقرر البدء بالاستماع الى اقوال شهود النفي وذلك عندما استانفت المحكمة في جلستها السابعة والعشرين الاستماع اليوم النظر في قضية عمليات الانفال التي شهدت ابادة 180 الف كردي عام 1988 المتهم فيها الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستة من كبار مساعديه بعد ان شهدت اخر جلسة الخميس الماضي اخطر شهادة في القضية ادلى بها خبير اميركي قام بفحص هياكل عظمية استخرجت من ثلاث مقابر جماعية مؤكدا عثوره على جثث 183 طفلا تقل اعمارهم عن 13 عاما وام اعدمت وهي حامل وعثر على عظام جنينها .

وقال القاضي انه قرر الاكتفاء بالاستماع الى شهادات المشتكين الذين بلغ عددهم اكثر من ثمانين مشتكيا والانتهاء منهم اليوم ثم البدء بالاستماع الى اقوال شهود النفي الذين قدمهم المتهمون ومحاميهم .
وفي بداية جلسة اليوم طالب رئيس هيئة الادعاء العام منقذ ال فرعون المحكمة بالاكتفاء بالشهود الذين استمعت لهم لحد الان موضحا ان هناك عدد كبير من اخرين لذلك فان شهاداتهم بدات تتشابه . ودعا الى ضرورة العمل على اجراء محاكمة عادلة وسريعة لانجاز القضية مشيرا الى ان التهم المرتكبة ضد الانسانية والتي تلحق الضرر بمجموعات معينة هي محاكمات دولية لايمكن فيها احضار جميع الشهود . ولاحظ ان المتهمين ومحاموهم لم يقدموا الى المحكمة لحد الان أي شاهد نفي او أي وثيقة نفي .
ومن جهته طالب احد محامي الضحايا بوضع الحجز على اموال قادة النظام السابق البالغة عشرة مليارات دولار المودعة في بنوك اجنبية وذلك لانفاقها على تعويض الضحايا وكذلك حجز ممتلكات وقصور صدام حسين وبقية المتهمين معه في القضية .
لكن احد محامي المتهمين اعترض على دعوة الادعاء بمحاكمة سريعة مشيرا الى ان ذلك سيكون على حساب حقوق موكليه وطالب بالاستمرار بسماع افادات الشهود وعدم الاستجابة لطلب الادعاء العام . وطالب المحكمة باستمرار الاستماع الى افادات الخبراء الاجانب واصر على حق موكليه في استقدام خبراء دوليين محايدين على اعتبار ان الخبراء الذين استمعت لهم المحكمة لحد الان هم من الاميركان وهؤلاء خصوم للمتهمين . واشار الى اثنين من الخبراء ينتميان الى مؤسستين عسكريتين وهما غير محايديتين . ثم طالب باجراء التحقيق في الاعتداء في جلسة سابقة على المتهم حسين التكريتي الذي اصيب بجروح فاستجاب القاضي لطلبه . كما اعترض المحامي على شهادات عناصر في قوات البيشمركة التي قال انها كانت عدوة للقوات العراقية وعملت على مقاتلتها . وطالب باحضار قادة قوات القبائل الكردية التي قاتلت الى جانب الجيش العراقي ضد ايران وضد البيشمركة للاستماع الى اقوالهم .

بعد ذلك طعن وزير الدفاع السابق سلطان هاشم باسم المتهمين بشهادات الخبراء الاجانب quot;لانهم غير حياديين ولهم غرض مسبق وهم جزء من قوات الغزو او لهم علاقة بالاجهزة الاميركية الخاصةquot; . وطالب باستقدام خبراء محايدين مثلا من الصين ومصر وسويسرا وبلجيكا وفرنسا . واكد ان الجيش العراقي لم يقتل مواطنين اكراد وقال quot;ان الاكراد اهلنا وهم ناس طيبون وشجعان واهل دين واخلاقquot; . واضاف ان الجيش العراقي قاتل الجيش الايراني لانه كان يسعى لاحتلال الاراضي العراقية رافضا اهانة الجيش العراقي الذي قدم خدمات جليلة للعراقيين .

وقد استمعت المحكمة لحد الان الى 85 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي .
وقدم خبير اميركي في الطب العدلي والادلة الجنائية يدعى مايكل تريبل في اخر جلسة الخميس أخطر شهادة علمية تحدث فيها عن نتائج فحصه لهياكل عظمية لرجال ونساء واطفال عثر عليها في مقابر جماعية بشمال العراق في الموصل وجنوبه في المثنى . وعرض صورا لبقايا هيكل عظمية عثر عليها في مقابر جماعية بالقرب من مدينة الموصل الشمالية وقال ان فحوصاته عليها تشير الى ان 67% من الضحايا قتلوا برصاصات من بنادق رشاشة في الراس وبينهم اطفال عديدون اما الاخرين فانهم قتلوا بوسائل اخرى مثل الضرب بقطع حديدية او باعقاب البنادق .
واكد انه في احدى المقابر هناك انتشلت 114 جثة كان بينها اثنين لرجال و27 امراة بينهن واحدة حامل وجدت عظام الجنين في بطنها وكان عمره بين 36 و40 اسبوعا أي انه كان على وشك الولادة اضافة الى 85 طفلا تقل اعمارهم عن 13 عاما . واشار الى ان انتشار مظاريف الرصاص الذي اطلق على الضحايا يوضح ان منفذي الاعدام كانوا يقفون في الجهة الجنوبية من المقبرة الجماعية . وعرض صور بقايا لجثث اطفال تراوحت اعمارهم بين 5 و 6 سنوات وقد اصيبوا بالرصاص في مناطق مختلفة من اجسادهم .

وقد اعترض صدام حسين على شهادة الخبير قائلا انه عرض صورا عامة لحفر ولذلك يجب ان يقدم على الخارطة امكنة المقابر بالضبط .. فرد الخبير بان هذه المعلومات موجودة كلها في التقرير الذي قدمه الى المحكمة .. فقال القاضي محمد الخليفة العريبي انه يمكن للمحامين ان يطلعوا على هذا التقارير . واضاف صدام ان المحكمة تشكلت حول عمليات الانفال العسكرية مستفسرا عن سبب تقاطر الاميركان للشهادة حول مقابر جماعية خارج سياق التهمة وطلب من رئاسة المحكمة ان تكتفي بشهادة الخبراء الاميركان والانتقال الى خبراء دوليين محايدين ليفحصوا quot;ما يقال انها مقابر جماعية اخرىquot; لم تفحص . واكد صدام انه يطعن في جميع شهادات الخبراء الاميركان وبامكاناتهم واختصاصهم لانهم خصوم على حد تعبيره .

وجلسة الانفال اليوم هي الخامسة منذ ان حكم على صدام بالاعدام شنقا حتى الموت في قضية الدجيل حيث اعلنت المحكمة الجنائية العراقية العليا امس ان الأحكام الصادرة بحقه معروضة امام الهيئة التمييزية وهي قيد التدقيق نافية صدور قرار تأكيد الأعدام بحق صدام وبقية المتهمين الثلاثاء المقبل في اشارة الى ان هذه الاجراءات ستاخذ وقتا اطول بينما قدم محامو المدانين اليوم لوائح تمييز الاحكام .
وقال الناطق الرسمي بأسم المحكمة القاضي رائد جوحي في بيان صحافي تسلمت quot;ايلافquot; نسخة منه ان مدة الثلاثين يوماً والتي تبدأ في اليوم التالي للنطق بالحكم وتنتهي منتصف الشهر الحالي هي مدة قانونية تعطي الحق للمتهمين ووكلاءهم وللمدعين بالحق الشخصي والمشتكي ووكلائهم بتقديم الطعن التمييزي . واشار الى ان هذا لايعني ان الحكم سوف يصدر بهذا التأريخ وانما هي مدة قانونية تعطى لاطراف الدعوى لتقديم الطعون التمييزية .

ومن جهته قال جعفر الموسوي رئيس هيئة الادعاء العام في قضية الدجيل ان جميع محامي المتهمين في قضية الدجيل قدموا اللوائح التمييزية الى المحكمة لتمييز الاحكام الصادرة ضد موكليهم. وأضاف الموسوي ان المحامين حضروا اليوم (امس) وقدموا اللوائح الى الهيئة التمييزية للمحكمة قبل يومين من انتهاء المدة القانونية التي تستقبل فيها الطعون والتمييز.
وكان صدام نجا من محاولة اغتيال قام بها افراد من حزب الدعوة الاسلامية في بلدة الدجيل شمال بغداد عام 1981 مما دفع صدام الى الرد بقسوة مدمرا بساتينها وقتل 148 من سكانها وبعد 24 عاما وثلاث حروب صد الحكم باعدام صدام جراء ذلك .

المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.