أسامة مهدي من لندن: ادلى اربعة شهود نفي باقوالهم امام المحكمة الجنائية العراقية التي تنظر في قضية الانفال بجلستها السابعة والاربعين اليوم دفاعا عن المتهمين طاهر العاني وفرحان الجبوري حول ابادة حوالي 180 الف مواطن كردي وترحيل عشرات الاف اخرين وتدمير ثلاثة الاف من قراهم خلال عامي 1987 و1988 في حين اجلت المحكمة جلستها الى الاثنين المقبل.

وقال شاهد النفي الاول الذي عرف نفسه بسفير سابق معتقل من وراء ستار بعد ان اخفيت صورته واسمه وتغيير صوته بسبب مرض زوجته وخوفا من انهيار صحتها اذا تعرفت عليه، انه كان صديقا للمتهم طاهر توفيق العاني سكرتير لجنة شؤون الشمال ومحافظ الموصل سابقا لمدة 45 عاما مشيرا الى انه كان متذمرا من قرار الحاق اللجنة بمسؤول شؤون الشمال علي حسن المجيد المتهم الرئيسي في قضية الانفال حاليا . واوضح ان العاني رجل طيب ويحب الخير ولايرضى باذية احد . واضاف انه رجل متدين وقال ان الدولة كانت وزعت اراض سكنية على عدد من المسؤولين كان بينهم العاني لكنه قام ببناء مسجد عليها.

وقد عقب المدعي العام منقذ ال فرعون على اقوال الشاهد بالقول انها كانت شخصية ولاعلاقة لها بقضية الانفال. وهو امر ايده محامي المشتكين .ثم دافع ثلاثة شهود عن المتهم فرحان مطلك الجبوري مدير استخبارات المنظومة الشرقية في الاستخبارات العسكرية سابقا . وقال الاول وهو كردي وكان يرتدي الملابس الكردية واسمه ياسين حسين عبد الله من مواليد عام 1945 ويسكن بقرية عجبة الاكراد التابعة لناحية الكيارة بمحافظة الموصل الشمالية ويعمل صاحب محل ان المتهم كان يدافع عن ابناء القرية وهو من ابنائها وكان يجتهد في حمايتهم . لكنه قال انه لايعرف شيئا عن دور المتهم في قضية الانفال غير انه اكد انه يتمتع باخلاق عالية ويقدم خدماته لابناء القرية من دون مقابل .

اما الثاني الذي ادلى بشهادته من وراء ستار فقال انه صاحب محل ادوات احتياطية وعمل سائقا للجبوري بين عامي 1986 و1987 مؤكدا انه لم يرافقه الى أي مكان او يحضر أي عمليات ترحيل او اعدام لاكراد وقال انه كان انسانا طيبا . وقال الشاهد الثالث من خلف ستار وبدون ذكر اسمه انه عمل مرافقا للجبوري عامي 1986 و1987 وكان طيبا في معاملته مؤكدا انه لم تكن له علاقة باي معتقلات او اعدامات او اضطهاد لاي اكراد .

ومن المنتظر ان تستمع المحكمة خلال جلساتها للاسبوع الحالي الى شهود النفي او الدفاع الذين اشار رئيس المحكمة محمد الخليفة العريبي في وقت سابق الى ان عددهم سيصل الى 18 شاهدا موضحا ان المحكمة قررت عدم اخذ اقوال الشهود الموجودين في الخارج والذين طلب المتهمون الاستماع الى شهاداتهم .

ولجميع المتهمين الستة شهود دفاع بعضهم معتقلون حاليا لدى قوات التحالف حيث قامت المحكمة بتبليغهم لاحضارهم جميعا الى المحكمة . وكان بعض المتهمين اشاروا خلال جلسات سابقة للمحكمة الى ان العديد من القادة والضباط السابقين في الجيش العراقي يشكلون شهود دفاع مهمين عنهم لكنه تعذر الوصول اليهم بسبب مغادرة بعضهم للعراق واغتيال اخرين بينما رفض البعض الادلاء بشهاداتهم خوفا .

وكان رئيس المحكمة العريبي قد تلا في اخر جلسة للمحكمة الثلاثاء الماضي التهم ضد المتهمين الستة واحدا بعد الاخر وهي تتعلق بارتكاب جرائم حرب واخرى ضد الانسانية وثالثة بالابادة الجماعية وعقوبة كل واحدة منها الاعدام حيث دفع جميع المتهمين بانهم ابرياء

المتهم الرئيسي في القضية بعد اعدام صدام حسين

ويعتبر المتهم الرئيسي في القضية حاليا علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الاعدام بحق الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيسي فيها حيث تؤكد العديد من الوثائق انه وراء الاوامر التي صدرت بقصف القرى الكردية بالاسلحة الكيمياوية . وعرض الادعاء خلال الاسابيع الثلاثة الماضية حوالي 60 وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية وادارة الحكم الذاتي ومديرية الامن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش الى تنفيذ الاعدام باي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول اليها ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و70 عاما من دون محاكمة ولكن بعد التحقيق معهم لاستحصال معلومات منهم واستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق ايضا .

وقد تم اسقاط التهم عن صدام حسين المتهم الرئيسي في القضية بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعدد من مساعديه في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لإغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية.

وقد استمعت المحكمة منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي الى حوالي 100 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا كما عرض عليها حوالي 60 وثيقة رسمية حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.

المتهمون في قضية الانفال

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية .

ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.

ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.

وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.