بيروت: دعت وزارة الخارجية الأميركية الرعايا الأميركيين اليوم إلى تأجيل سفرهم إلى لبنان بسبب العنف الدائر هناك وتهديدات المتطرفين ضد مصالح الغرب والحكومة اللبنانية.
وقالت الوزارة إنها لا تزال تخشى على سلامة المواطنين الاميركيين وسط العنف الدائر في مخيم نهر البارد شمال لبنان بين الجيش اللبناني وجماعة فتح الإسلام المقربة ايديولوجيًا من تنظيم القاعدة. وجاء في التحذير، إن وزارة الخارجية تواصل حثها القوي للاميركيين على تأجيل السفر الى لبنان، كما تحث المواطنين الاميركيين في لبنان على التفكير جديًا بمخاطر بقائهم هناكquot;.
وجاء في البيان: quot;ينبه هذا التحذير المواطنين الاميركيين من التهديد المتجدد من هجمات جماعة فتح الاسلام المتطرفة ضد مصالح الغرب والحكومة اللبنانيةquot;. واضافت الوزارة ان تنظيم القاعدة وجماعة جند الشام اطلقتا تحذيرات مماثلة. واشارت الوزارة كذلك الى التفجيرات التي ضربت بيروت وضواحيها منذ 20 ايار/مايو. وقالت إن احتمال حدوث اعمال عنف اخرى في مناطق بيروت الشعبية وغيرها من الاماكن السياحية في لبنان لا يزال مرتفعًا.
هذا وأدانت سوريا اليوم بشدة جريمة الاغتيال التي وقعت أمس في بيروت وأودت بحياة النائب اللبناني وليد عيدو ونجله الأكبر ومرافقيه وثمانية مواطنين لبنانيين. كما أدانت سوريا كل فعل من شأنه العبث بالامن والاستقرار في لبنان ..مؤكدة أن quot;اتهامات سوريا بالضلوع في الجريمة تحمل في طياتها تحريضًا سافرًاquot;.
واستنكر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية quot;حملات الافتراء والتضليل التي يقوم بها بعض اللبنانيين الذين دأبوا على توجيه الاتهام الى سوريا فور وقوع أي جريمة وقبل بدء اي تحقيق معتبرًا أن ذلك مؤشرًا على الإستغلال البشع لهذه الجرائم لتنفيذ مخططاتهم وغاياتهم المناقضة لمصالح لبنان وعلاقاته مع سورياquot;.
ونقلت وكالة الأنباء السورية /سانا/ عن المصدر قوله ان quot;هذه الاتهامات السابقة لأي تحقيق وذات الهدف السياسي البحت تحمل في طياتها تحريضا سافرا ذهب ضحيته منذ فترة عشرات السوريين العاملين في لبنان الامر الذى يتحمل مطلقو الاتهامات مسؤوليتهquot;. وأوضح المصدر أن quot;التوافق الوطني اللبناني والوحدة الوطنية هما اللذان يحصنان لبنان إزاء أعدائه ويمكنه من التصدي للعبث الامني الذي تحركها أيد خفية موجودة في لبنان ومعادية لأمنه واستقرارهquot;.
في المقابل، دعا رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة، في اجتماع طارئ لحكومته عقده مساء الأربعاء، إثر مقتل عيدو مجلس وزراء الخارجية العرب إلى الإنعقاد اسثنائيًا، محملاً الجامعة العربية مسؤولياتها تجاه لبنان وأمن مواطنيه ومستقبل حرياته. وطالب السنيورة الأمم المتحدة بالمساعدة الأمنية والتقنية للمؤازرة في كشف عملية القتل والاغتيالات، وتوسيع التحقيق الدولي لكي يشمل اغتيال النائب عيدو، بعد أن أقر مجلس الأمن الدولي المحكمة ذات الطابع الدولي قبل أيام.
وأعلن السنيورة الخميس يوم حداد وطني عام، فيما شيّع عشرات الآلاف من اللبنانيين جثامين النائب ونجله وبقية الضحايا، بعد أن انطلق موكب التشييع إلى مسجد الخاشقجي في منطقة quot;قصقصquot; عند الحادية عشرة وخمس دقائق بعد إلقاء النظرة الأخيرة، فيما سارت الحشود وراء سيارات الاسعاف يتقدمها رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط والنائب غازي العريضي.
وكانت الجثامين وصلت إلى منزل النائب الراحل عيدو في منطقة quot;فردانquot; ببيروت، وسط حشود غاضبة مطلقة هتافات منددة بالجريمة وبالنظام السوري، محيية النائبين الحريري وجنبلاط، رافعة الأعلام اللبنانية ورايات quot;تيار المستقبلquot;.
عيدو، الذي يعتبره المراقبون أحد quot;الصقورquot; في تيار المستقبل الذي يقود الأكثرية النيابية الحالية في لبنان، ينتمي إلى إحدى أقدم العائلات السنية التقليدية في بيروت، وقد رافق مؤسس تيار المستقبل، رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري الذي اغتيل في فبراير/شباط 2005 منذ بداياته. الأحداث الأبرز في لبنان منذ اغتيال الحريري.
 |
وكان التفجير الذي أودى بحياة النائب عيدو وبقية الضحايا، وقع الساعة السادسة من مساء الأربعاء، في الطريق المؤدية إلى مسبحي quot;اللونغ بيتشquot; وquot;السبورتنغ quot; في منطقة المنارة وسط بيروت. وتجري عمليات فحص الحمض النووي على الجثث لمعرفة الهوية الكاملة للضحايا، وفق ما نقلته الوكالة الوطنية للأنباء.
وعلم أنه تم نقل 11 جريحًا إلى مستشفى الجامعة الأميركية بقي منهم 4 قيد المعالجة بسبب جروحهم التي تستدعي بقاءهم.
ردود الفعل الدولية على اغتيال عيدو
بموازاة ذلك، أدان الرئيس الأميركي جورج بوش جريمة اغتيال النائب اللبناني عيدو، مؤكدا أن بلاده ستواصل دعمها للبنان وشعبه وquot;حكومته الشرعية في مواجهتها هذه الهجمات.quot; وقال بوش quot;أدين بشدة اليوم اغتيال العضو اللبناني في مجلس النواب وليد عيدو، الذي قتل مع نجله ومرافقين اثنين وعدد آخرين.quot;
من جهته أدان أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون اغتيال عيدو وفق ما جاء في بيان. وجاء في البيان quot;يشعر الأمين العام بحزن بالغ للأنباء الواردة اليوم عن الهجوم الإرهابي في لبنان والذي أودى بحياة النائب وليد عيدو ونجله وستة آخرين... إنه يدين هذا العمل بشدة ويعتبره جريمة نكراء تستهدف زعزعة استقرار لبنانquot;.
كذلك أدانت الخارجية الأميركية، على لسان الناطق باسمها شون ماكورماك، الاغتيال، قائلة: quot;ندين هذا النوع من الإرهاب.. هذا النوع من العنف يهدف بوضوح إلى تقويض وتدمير عزيمة الشعب اللبناني والعملية الديمقراطية الهادفة إلى بناء لبنان أكثر ازدهارًا واستقرارًل وحرية بعيدًا عن مؤثرات خارجية.quot;
 |
ودانت الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي الاعتداء، وقالت إن quot;الرئاسة تدين بحزم شديد هذا الاعتداءquot; الذي يعتبر quot;محاولة جديدة لزعزعة الاستقرار في لبنانquot;، مضيفة quot;أن هذا الأمر غير مقبول ولن يوصل إلى شيء.quot;
ورأت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت في الجريمة quot;هجوماً بغيضاً على لبنان وشعبهquot;، وقالت quot;نحن والمجتمع الدولي سنستمر في دعم الحكومة اللبنانية، وندعو جميع الأطراف إلى معالجة خلافاتها عن طريق الحوار السلمي.quot;
واستنكر رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي quot;بأشد العبارات الاعتداء الجبانquot; الذي استهدف عيدو، مؤكداً أن إيطاليا quot;تؤكد التزامها بإرساء الاستقرار في لبنان في إطار مهمة اليونيفيل وتجدد دعمها لحكومة فؤاد السنيورة الشرعية.quot;
ردود الفعل العربية
في دمشق، استهجن مصدر مسؤول بوزراة الخارجية السورية في تصريح لوكالة الأنباء السورية quot;حملات الافتراء والتضليل التي يقوم بها بعض اللبنانيين الذين دأبوا على توجيه الاتهام إلى دمشق فور وقوع أي جريمة وقبل بدء أي تحقيق الأمر الذي يشكل مؤشرًا على الاستغلال البشع لهذه الجرائم لتنفيذ مخططاتهم وغاياتهم المناقضة لمصالح لبنان وعلاقاته مع سورياquot;.
وأكد المصدر أن هذه الاتهامات السابقة لأي تحقيق وذات الهدف السياسي البحت تحمل في طياتها تحريضا سافرا ذهب ضحيته منذ فترة عشرات السوريين العاملين في لبنان الأمر الذي يتحمل مطلقو الاتهامات مسؤوليته، معربًا عن اعتقاده أن من يستغل مسلسل الجرائم الذي استهدف شخصيات لبنانية على خلاف مع سوريا لتوجيه الاتهام إليها quot;إنما يسهم مع الأيدي الخفية في تنفيذ مخطط تآمري على لبنان وسوريا معًاquot;.
من ناحيته، ندد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بالجريمة، ودعا القيادات اللبنانية إلى quot;اليقظة والحذر إزاء المخططات التي تحاول تمزيق اللبنانيين والعبث بأمن لبنان واستقرارهquot;.
وأعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط عن استنكاره وأسفه العميق للعمل quot;الغادرquot; الذي أودى بحياة عيدو، وطالب بأن يكون هذا الاغتيال quot;مدعاة لقرار تتخذه القوى اللبنانية بالتوحد والاتفاق سياسيًا على معالجة قضاياهم في إطار من الوحدة الوطنية وحتى لا تتدهور الأمور لمرحلة تصعب فيها السيطرة على التطوراتquot;.
ودان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بشدة الجريمة، وأكد في برقية للرئيس السنيورة quot;وقوف الأردن وتضامنه مع لبنان لتجاوز الظروف الصعبة التي يمر بهاquot;.
ردود الفعل المحلية
استنكر quot;حزب اللهquot; المدعوم من النظام السوري وإيران جريمة اغتيال النائب وليد عيدو، معتبرًا في بيان أن عملية الاغتيال quot;جزء من مسلسل الإرهاب المتنقل الذي يستهدف لبنان واستقراره حيث يكون الرد عليها بمزيد من الإصرار والسعي لتكاتف الأيدي من أجل تيئيس العابثين بأمن البلاد والعباد، والعمل بجد ومسؤولية لكشف الفاعلين ومعاقبتهمquot;.
قوى 14 آذار، وإثر اجتماع استثنائي في قريطم، أكدت أن الجريمة quot;رسالة واضحة من النظام السوري الى لبنان رداً على قيام المحكمة الدولية، وترجمة عملية مباشرة لتهديدات هذا النظام التي انطلقت بعد إقرار المحكمة مهددة اللبنانيين بزعزعة استقرارهمquot;.
ونبهت quot;14 آذارquot; الى أن quot;التواطؤ المكشوف بين عصابة العبسي وبين النظام السوري وأدواته يستهدف إشغال الجيش اللبناني عن معركته الوطنية في اجتثاث بؤر الإرهابquot;، داعية اللبنانيين كافة إلى مواجهة هذا المخطط بإجهاض أي فتنة يريد النظام السوري تصديرها الى لبنان.
واتهم النائب سعد الحريري سوريا بالتورط في اغتيال عيدو، وطالب جامعة الدول العربية quot;بشكل خاصquot; بالتدخّل لوقف quot;النظام الإرهابي الذي يخل بأمن لبنان ويقتل رجالهquot;، وطالب المجتمع الدولي والعالمين العربي والإسلامي بتحمّل مسؤولياتهم كاملة تجاه quot;صانعي الإرهاب.quot;
فيما دان رئيس الجمهورية العماد إميل لحود بقوة جريمة التفجير ورأى فيها quot;حلقة جديدة من مسلسل الجرائم الإرهابية التي تشهدها الساحة اللبنانية منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما، حتى اليومquot;.
من جهته نعى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، رئيس لجنة الدفاع والامن النيابية النائب وليد عيدو ونجله ومرافقيه والشهداء الذين قضوا في التفجير الإجرامي مساء اليوم.
أما رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون فعلق على جريمة اغتيال النائب وليد عيدو ونجله ومرافقيه ومدنيين آخرين بالآتي quot;أن الاستنكار ووصف الجريمة بالبشعة لم يعودا ينفعان. أنا شخصيًا أعيش دائمًا حالة ثورة عندما يصل الإجرام الى هذه الدرجة، أي أن يضرب الناس وخصوصًا إذا كانوا يمثلون الشعب.quot;
وأضاف عون أحد حلفاء quot;حزب اللهquot; وأبرز الكتل المعتصمة مع الحزب والمعارضة اللبنانية وسط بيروت مسببة شلل المؤسسات العامة ومرافق العاصمة الحيوية، quot;أما من ناحية التوقيت، فلبنان يمرّ الآن باضطرابات قوية جدًا بدأت بالشمال وربما هذه الجريمة تهدف الى توسيع رقعة الاضطراباتquot;
الداخلية اللبنانية تطلب استصدار مرسوم لإجراء انتخابات فرعية في المتن وبيروت
على صعيد متصل، طلبت وزارة الداخلية اللبنانية من الامانة العامة لمجلس الوزراء استصدار مرسوم لإجراء انتخابات فرعية لمقعدين نيابيين شغرًا بإغتيال النائبين بيار الجميل ووليد عيدو. وطالبت الوزارة في بيان باستصدار المرسوم لإجراء الإنتخابات الفرعية في دائرتي جبل لبنان الثانية- المتن الشمالي لاختيار خلفًا للوزير والنائب الجميل الذي اغتيل في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وفي دائرة بيروت الثانية لملء المقعد النيابي الذي شغر بإغتيال عيدو امس quot;بغية قطاع الطريق على المجرمين ومنعهم من تحقيق غايتهمquot;.
يذكر أن الرئيس اللبناني اميل لحود رفض التوقيع على مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في دائرة المتن الشمالي الى انتخابات فرعية لملء مقعد الجميل، مبررًا الرفض بأن الحكومة quot;غير دستوريةquot;. واعتبرت الاكثرية النيابية أن الرئيس لحود خالف الدستور برفضه التوقيع على المرسوم.
التعليقات