وسط خلافات روسيا والدول الغربية
إقليم كوسوفو: مكانك راوح

كوسوفو وايران في صلب محادثات ساركوزي وسولانا
الياس توما من براغ : أخفقت الجهود الغربية حتى الآن في إحداث اختراق للوضع المقعد الذي دخله إقليم كوسوفو بعد نقل ملفه إلى مجلس الأمن ، فالاختلافات القائمة بين الدول الغربية وروسيا وتلويح موسكو الواضح والمتكرر باستخدام الفيتو في المجلس بوجه مشروع قرار يتحدث عن استقلال الإقليم، ومع وضعه تحت إشراف دولي لفترة غير محددة جعل الجهود الدولية باعتراف أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون تصل إلى طريق مسدود.وعلى الرغم من إعلان السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد بان الولايات المتحدة ستتقدم مع دول أوروبية خلال العشرة أيام القادمة باقتراح جديد إلا أن الآمال بإمكانية التوصل إلى إجماع داخل مجلس الأمن بين الدول التي تتمتع بحق النقض فيه تعتبر ضعيفة بالنظر إلى التناقض المستمر في المواقف بشأن الوضع القانوني النهائي للإقليم.

فالولايات المتحدة تصر مع العديد من الدول الأوروبية على أن الحل الواقعي الوحيد لمشكلة الإقليم يكمن في ما ورد في خطة أو اقتراحات الوسيط الدولي الرئيس الفنلندي السابق مارتي اهتساري أي منح الإقليم الاستقلال المشروط فيما ترفض موسكو هذا الحل وترى فيه بالتوافق مع الموقف الصربي بأنه سيشكل سابقة دولية خطرة يمكن أن تتكرر في مناطق أخرى من العالم تتواجد في أوضاع مشابهة كما انه سيشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ولاسيما ما تعلق بمسألة احترام سيادة ووحدة أراضي الدول كما تصر موسكو وتدعمها بكين في الموقف الداعي إلى ضرورة توصل الطرفين الصربي والألباني الى حل وسط عن طريق مفاوضات مباشرة من دون تحديد سقف زمني لذلك أي إطلاق عملية تفاوضية جديدة لكن من دون سقف زمني ومن دون القول كما ورد في اقتراح غربي حديث بأنه بعد فشل هذه المحادثات التي يمكن أن تمنح 120 يوما يتم بشكل أوتوماتيكي إقرار خطة اهتساري.

وبالنظر إلى التناقض الكبير القائم في المواقف بين بلغراد وبرشتينا بشأن مستقبل الإقليم حيث يصر الألبان على الاستقلال التام فيما يقبل الصرب فقط بخيار الحكم الذاتي الموسع للإقليم فان فرص التوصل إلى قاسم مشترك تبدو صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة في ظل الموقفين المتناقضين للصرب والألبان.

وأمام استمرار تواجد إقليم كوسوفو في وضعية مكانك راوح سياسيا بدأت بعض الجهات الألبانية في الإقليم ومعها شخصيات أميركية تتحدث عن إمكانية إعلان استقلال الإقليم من جانب واحد إذا ما استمرت هذه الحالة غير ان هذا الأمر لا يحظى بقبول أوروبي خوفا من التداعيات السليبة سياسيا وامنيا التي يمكن أن يحملها معه بلقانيا وأوروبيا.

وعلى الرغم من أن إقليم كوسوفو الواقع جنوب صربيا لكنه يخضع لإشراف مدني وعسكري دولي وأطلسي منذ عام 1999 لا تزيد مساحته عن 577و10 كم مربع وعدد سكانه عن 5و2 مليون نسمة إلا انه أصبح الآن بؤرة التوتر الأخيرة والأكثر خطورة في المنطقة البلقانية لان كيفية حل هذه القضية ستحدد إلى حد كبير اتجاهات التطور اللاحقة في المنطقة البلقانية أي إما الاتجاه نحو الاستقرار والازدهار والتكامل الأوروبي في حال التوصل إلى حل بالتراضي أو نحو المزيد من عدم الاستقرار والتوتر في حال فرض حل لا يقبله الصرب.

وبالنظر إلى كون روسيا تشعر الآن أن ملف كوسوفو يمكن له أن يعيدها إلى المنطقة البلقانية كلاعب رئيس ويرفع من هيبتها الدولية كطرف لا يمكن تجاوزه الآن إضافة إلى خصوصية علاقاتها مع الصرب لأسباب عديدة فان التوقعات بان تغير موسكو موقفها القوي الداعم لبلغراد تعتبر ضعيفة إلا إذا حصلت على مكاسب مهمة في ملفات أخرى قد تعتبرها أكثر أهمية وحيوية بالنسبة لها.