أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: بعد تأكيده بأن الحكومة أوفت بإلتزاماتها، بل وتجاوزتها في العديد من المجالات، وفتحت ورشًا مهيكلة إضافية أملتها التطورات التي عرفتها البلاد، أعلن الوزير الأول المغربي، خلال تقديمه اليوم الثلاثاء حصيلة العمل الحكومي، أن مختلف البرامج والتدخلات المعتمدة في مجال محاربة الفقر مكنت من تخليص فئات واسعة تعيش تحت عتبة الفقر من هذه الآفة، إذ تراجعت نسبته من 19 في المئة سنة 1998 إلى 11 سنة 2006.

وأرجع جطو هذه النتائج إلى الجهود المبذولة على مستوى تعميم ولوج البنيات التحتية الأساسية في كافة أرجاء التراب الوطني، من ماء وكهرباء وطرق، إضافة إلى توسيع خدمات الإيواء والتكفل وإعادة الإدماج في المراكز الاجتماعية الموجهة للفئات الاجتماعية ذات الحاجات الخاصة، وهي نتائج، يضيف الوزير، ساهم في تحقيقها أيضًا رفع تحملات صندوق المقاصة الذي جرى اعتماده، بإعتبار الدور الذي يضطلع به كآلية للدعم والمساعدة وإحدى شبكات الحماية الاجتماعية.

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن المملكة اعتدمت، في إطار سعيها للقضاء على الفقر والحد من تشتت الجهود المبذولة ميدانيًا، مقاربة تقوم على استهداف الفئات والمناطق الأكثر خصاصًا، وتستند إلى التصاعدية والمشاركة في تحديد العمليات والشراكة في التنفيذ، وإلزامية النتائج عبر آليات التتبع والتقييم.

واعتبر الوزير الأول أن هذه المقاربة تجسدها برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي رصد لتنفيذها غلاف مالي إجمالي يبلغ 10 مليار درهم، للفترة الممتدة ما بين 2006 -2010.

غير أن جطو أكد أن تثمين المقاربة، التي جاءت بها هذه المبادرة الملكية، وتقوية وقعها على التنمية البشرية quot;يقتضي العمل على تحقيق التقائية تدخلات مختلف الفاعلين على المستوى الترابي، وتوفير الكفاءات الضرورية في مجال الهندسة الإجتماعية، والعمل، على وجه الخصوص، على دعم الأنشطة المدرة للدخل، باعتبارها المدخل الأساسي للمجابهة المستديمة للفقر والإقصاء والتهميشquot;.

وأبرز أن تحقيق النجاعة المطلوبة في تدخلات الدولة يستدعي اليوم الإنكباب بما يلزم من الجرأة على إشكالية المقاصة، وفتح مشاورات واسعة لمعالجة الإختلالات الناجمة عن عمومية وعشوائية تدخلاتها، بالعمل على استهداف الفئات المعوزة التي هي في حاجة أكثر من غيرها إلى التضامن الوطني، ومدها بدعم مباشر يؤمن لها حدًا أدنى من الدخل.

كما يعتبر الفقر بالوسط الحضري، يضيف الوزير الأول، من التحديات الكبرى المطروحة بفعل خصوصيته المتمثلة في quot;تمركز الفئات المعوزة وحجم متطلباتها، من شغل وسكن وصحة وخدمات النقل والتطهيرquot;، وهي معضلات من شأنها، إن لم تجر مواجهتها، تعميق مظاهر الإقصاء والتهميش.
وأكد أن برنامج محاربة الفقر بالعالم القروي، المندرج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكذا الجهود المبذولة في مجال التربية والتعليم والصحة، مكنت من تحسين بعض المؤشرات الاجتماعية بالوسط القروي، مشيرًا إلى أنه جرى كذلك اتخاذ مبادرات على الصعيد الاقتصادي، ترمي إلى استثمار المؤهلات الذاتية لبعض المناطق في مجالات الصيد الساحلي، والسياحة القروية والجبلية، والصناعة التقليدية وتجارة القرب.

وبعدما لاحظ أن الفقر يعد من الظواهر الاجتماعية المقلقة التي تعاني منها شرائح واسعة من المجتمع وتجعلهم في وضعية هشة، خلص جطو إلى إن مواجهة هذه الآفة تمر عبر تفعيل قيم التضامن والتكافل لفائدة الفئات المعوزة، وتيسير اندماج ذوي الحاجات الخاصة، وإيلاء العناية اللازمة للأشخاص المعاقين وتحسين أوضاعهم، وترسيخ قيم التكفل الذاتي.

وكانت دراسة، أنجزتها أخيرًا المندوبية السامية للتخطيط، أظهرت بأن عتبة الفقر في المغرب في حدود 3922 درهم (392 دولارًا) للفرد سنويًا في الحواضر، و3037 درهم للفرد سنويًا في القرى، فيما حصرت عتبة الفقر بالنسبة لكل أسرة في 1828 درهمًا شهريًا في الحواضر، و1603 دراهم في القرى.

وتشير الدراسة إلى أن نسبة الفقر ارتفعت من 13.1 في المئة إلى 19 في المئة على المستوى الوطني، خلال الفترة الممتدة من1990 إلى 1999.

أما على صعيد الحواضر، فارتفعت من 7.6 في المئة إلى 12 في المئة، فيما زادت في القرى من 18 في المئة إلى 27.2 في المئة.

ولاحظت أن نسبة ارتفاع الفقر اختلفت من منطقة لأخرى، إذ لوحظ تراجع طفيف لهذه النسبة في القرى الواقعة في مناطق العيون بوجدور الساقية الحمراء، والدار البيضاء الكبرى، ووادي الذهب الكويرة، والرباط سلا زمور زعير، ودكالة عبدة، وطنجة تطوان. فيما واصلت ارتفاعها في قرى الشاوية ورديغة، وسوس ماسة درعة، وتازة الحسيمة تاونات، وتادلة أزيلال، وكلميم السمارة، والغرب الشراردة بني حسن، ومراكش تانسيفت الحوز.