إيلاف من جدة: أغلقت وزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة أمس باب الجدل المفتوح حول صفقة مقاتلات التايفون البريطانية، بعد أن أعلنت على لسان مصدر مسؤول توقيع الحكومتين السعودية والبريطانية صفقة شراء 72 طائرة تبلغ قيمتها الإجمالية 4.4 بلايين جنيه إسترليني، مشددة على أن سعر الطائرة الواحدة مماثل لسعر بيعها على القوات الجوية الملكية البريطانية.
وأوضحت الوزارة في تصريحها الصحافي أن الاتفاق يتضمن نقل وتوطين التقنية والاستثمار في مجال الصناعات الدفاعية داخل المملكة العربية السعودية، وتدريب مواطنين سعوديين وتأهيلهم في مجال الطيران.
وكان ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وضع العام الماضي النقاط فوق الحروف الملتبسة في شأن الصفقة التي تعد واحدة من أكبر صفقات التسلح بين السعودية وبريطانيا منذ صفقة اليمامة في الثمانينات من القرن الماضي، والتي بلغت قيمتها 15 بليون جنيه استرليني.
وفي الإيجاز الذي قدم أمام مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 28 رجب 1427هـ، الموافق 22 آب (أغسطس) 2006، حول توجه الحكومة السعودية لدعم القوات المسلحة وتحديثها، بعد الاتفاق السعودي ndash; البريطاني لإتمام صفقة شراء 72 طائرة مقاتلة من طراز quot;تايفونquot;، تم التأكيد على أن السعودية ماضية بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين القائد الأعلى للقوات المسلحة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تجاه تعزيز قدراتها الدفاعية، وتطوير منظومتها العسكرية، لمواجهة التحديات كافة التي تفرضها المتغيرات الدولية والإقليمية.
كما أفصح عن الإطار العام لهذا التوجه، وهو أن دعم القوات المسلحة وتحديثها، يجب أن يتم بصورة توفر لقطاعاتها المختلفة أكفأ المعدات، وتسهم في الوقت نفسه في توطين التقنيات الحديثة في السعودية، وتدريب المواطنين السعوديين في مجالات التشغيل والصيانة والتحديث والتطوير.
وينعكس هذا الإطار العام في الاتفاق الذي توصلت إليه وزارة الدفاع السعودية مع نظيرتها البريطانية، في شأن دعم القوات الجوية الملكية السعودية بـ72 طائرة مقاتلة من طراز quot;تايفونquot;، التي تعد من أكفأ الطائرات القتالية في العالم، خصوصاً وأن هذا الاتفاق تضمن حصول السعودية على هذه المقاتلات بأسعار الشراء نفسها التي حصلت بموجبها القوات الجوية البريطانية على هذه الطائرات.
الى ذلك كشفت عزم الحكومة السعودية التوجه إلى نقل التقنية الحديثة إلى الصناعات السعودية، من خلال الاتفاق مع الجانب البريطاني على صنع وتجميع جزء من هذه الطائرات في الأراضي السعودية، مع ما يعنيه ذلك من إنشاء بنية متكاملة من المنشآت الصناعية وبرامج التدريب، والفرص الوظيفية لآلاف الشبان السعوديين من خلال العمل في هذه المنشآت.
يشار في هذا الصدد إلى أن تصريح quot;المصدر المسؤولquot; في وزارة الدفاع والطيران العام الماضي، أكد في سياق إعلانه عن إنجاز الاتفاق على الأسس اللازمة لشراء 72 طائرة تايفون، بدء الجانبان السعودي والبريطاني في تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالخطة الصناعية، الهادفة إلى نقل وتوطين التقنية والاستثمار في مجال الصناعات الدفاعية في المملكة العربية السعودية.
ويؤكد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور أنور عشقي، أن شراء الطائرات الحربية في القوات الجوية السعودية لا يأتي اعتباطًا، بل يعتمد على خط ترسم في قيادة تلك القوات، التي تبدي بناء على خططها الاستراتيجية حاجتها لشراء الطائرات.
ويشير عشقي إلى أن وزارة الدفاع السعودية اتخذت لها نهجًا لمشاريع تسلح الأفرع الأربعة للقوات المسلحة السعودية البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي، يعتمد على خيار التنوع في مصادر التسلح، حتى لا تكون تلك القوات مرهونة بالعلاقات مع الدولة المصدرة للأسلحة، وخصوصاً لجهة توفير قطع الغيار لتلك الأسلحة.
ويلفت إلى أن الاتفاق السعودي البريطاني لشراء مقاتلات quot;التايفونquot; عكس هذا التوجه بشكل أكمل، إذ أن السعودية حازت بموجب هذا الاتفاق على حق تجميع هذه المقاتلات وتصنيع أجزاء منها على الأراضي السعودية، ما يمنح القوات الجوية السعودية فرصة الحصول على قطع الغيار لمقاتلاتها محلياً، وهو ما يصفه بـ quot;الخطة الطموحةquot;.
ويشير عشقي إلى أن هذا الاتفاق سيوفر للسعودية قدرات كبيرة في مجال تصنيع قطع الغيار وتجميع الطائرات، وينقل الخبرات العالمية في مجال تصنيع الطائرات المقاتلة إلى العقول والسواعد السعودية، لافتًا إلى أن هذا الأمر تصدر قائمة المفاوضات مع الحكومة البريطانية، ومع غيرها من الدول التي ترغب في تصدير سلاحها إلى السعودية.
وحرص عشقي على تأكيد ما وصلت إليه القوات الجوية السعودية من مستويات متقدمة، ويلفت في هذا الصدد إلى أن أفضل شاهد على هذه الحقيقة اعتبار مركز جافي للبحوث الاستراتيجية الإسرائيلي هذه القوات بأنها الأقوى بين قرينتها من القوات الجوية في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما توافقه عليه مركز بحوث دولية، علاوة على فوز هذه القوات بالمركز الأول في التقويم السنوي الذي يجرى في الولايات المتحدة الأميركية.
ويضيف أن القوات الجوية السعودية تتمتع بشبكة متكاملة من الطائرات الحربية، تشمل المقاتلات الاعتراضية، وطائرات القصف التكتيكي، والمقاتلات الاستراتيجية، وطائرات الإنذار المبكر والتزود بالوقود، تنطلق جميعها من شبكة قواعد تغطي جميع المناطق السعودية، وتتوافر على شبكة رادارات متقدمة.
ويقول عشقي إن هذه القدرات والإمكانات الضخمة انعكست في مهارات الطيارين السعوديين، التي أدهشت جميع المشاركين في حرب الخليج الثانية، لافتاً إلى نجاح القوات الجوية السعودية في إسقاط طائرتين عراقيتين أثناء الحرب نفسها، وقبلها في إسقاط مقاتلتين إيرانيتين حاولتا اختراق الأجواء السعودية خلال الحرب العراقية ndash; الإيرانية.
ويؤكد أن الأجواء السعودية باتت محمية بالكامل من أي محاولات لاختراقها جويًا من أي طرف معادي، مشدداً على حرص القيادة السعودية عدم تعريض نفسها وشعبها مخاطر الحرب، إلا أنها في الوقت نفسه تحرص على جاهزية قواتها المسلحة في حال فرض عليها اللجوء إلى هذا الخيار مستقبلاً.
التايفون... قدرات قتالية فائقة
وتشير المعلومات المتوافرة عن المقاتلة الأوروبية quot;تايفونquot; الى أن هذه المقاتلة تمتاز بتقنيات التخفي، إذ لا تسمح تقنياتها المتطورة للرادارات برصدها، وتتسم بقدرات قتالية متقدمة، وتتمكن من التحليق بسرعة تفوق سرعة الصوت، من دون الحاجة إلى حرق وقود إضافي.
وصممت هذه المقاتلة بمحركين من طراز quot;يوروجيت أي جي 200quot; بقوة دفع 90 كيلونيوتن، واستخدمت في صناعتها مواد الكربون المركب والبلاستيك الزجاجي المقوى والتيتانيوم والألمنيوم، ويسمح تصميمها بأعلى قدرات المناورة والإقلاع والتحليق.
وهي مجهزة بمدفع من طراز quot;ماوزر بي كيquot; عيار 27 ميليمتر، وتحوي أيضًا 13 موقعًا لحمل السلاح، أربعة منها تحت كل جناح وخمسة أسفل هيكل الطائرة.
وتحمل الطائرة أنواعاً من الصواريخ للقتال الجوي المتفوق، وصاروخين جوالين quot;كروزquot;، وصاروخين مضادين للرادارات، وصواريخ مضادة للدفاعات الأرضية المعادية، وأخرى مضادة للدروع، إضافة إلى صواريخ خاصة بالمعارك البحرية.
وتسهم الدول المشاركة في المجمع الأوروبي يوروفايتر في إنتاج مختلف قطع الطائرة، إذ تتولى ألمانيا صنع القسم الأوسط من هيكل الطائرة، واسبانيا الجناحين، وبريطانيا القسم الأمامي من الهيكل وقمرة القيادة، في حين تتولي ايطاليا تصنيع القسم الخلفي من الهيكل.
التعليقات