الياس يوسف من بيروت- وكالات: في مقابلتين متزامنتين اعتبر الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله احد ابرز قادة المعارضة في لبنان، ان المبادرة الفرنسية لحل الازمة اللبنانية لم تنته بعد، وذلك رغم اعلان فرنسا وسوريا عن وقف الاتصالات بهذا الصدد.فيما أكد النائب وليد جنبلاط، احد اقطاب الاكثرية في لبنان، انه يرفض تسليم القرار في لبنان الى سوريا وايران، متهما حزب الله، ابرز اركان المعارضة، بانه ينفذ مشروعا سوريا ايرانيا.

وقال الامين العام للحزب الشيعي في مقابلة مسائية مطولة مع محطة quot;أ. أن . بيquot; التلفزيونية، quot;رغم النبرة العالية وغير اللائقة للرئيس ساركوزي، الوساطة الفرنسية لم تنتهquot; في اشارة الى تصريح ساركوزي الاحد من القاهرة.

وعن مجريات الامور بين الفرنسيين والسوريين في هذا الصدد اشار نصر الله الى quot;ان السوري لا يفاوض باسم المعارضة انما هو والفرنسي يبذلان جهودا للوصول الى تسويةquot;.

وقال quot;عندما يصل السوري والفرنسي الى نص، يعرضه السوري على المعارضة والفرنسي على الموالاةquot;، لافتا الى ان سوريا quot;قدمت مصلحة المعارضة على مصلحتها برفض الاغراءات التي قدمت لهاquot;، في اشارة الى ما قاله المعلم الاربعاء عن زيارة ساركوزي الى دمشق وتطبيق اتفاق الشراكة الاوروبية معها.

واوضح نصر الله ان المعارضة تنتظر نتائج الوساطات والمبادرات ومنها اجتماع وزراء الخارجية العرب الاحد في القاهرة، لكنها ستقرر خطوات المواجهة في فترة تتراوح بين quot;اسبوع وعشرة ايامquot; عندما تتأكد من فشلها. وقال quot;المعارضة ما زالت تعطي مجالا للنقاش والحوار وهي لم ترفض حتى هذه اللحظة الوساطات (...) الامور لم تصل الى حائط مسدود ولا نذهب بعد الى خيارات المواجهةquot;.

واضاف quot;اذا انتهت الوساطة الفرنسية لن يكون بعدها وساطةquot; وكذلك اذا انتهى الاجتماع العربي من دون نتائج quot;فان المعارضة ستقوم خلال اسبوع او عشرة ايام بمشاورات ونقاشات لحسم خياراتها وخطواتهاquot; بدون ان يكشف عن هذه الخطوات مكتفيا بوصفها بانها ستكون quot;وسائل مدنية مشروعةquot;. ولخص نصر الله جوهر الازمة المستمرة بين الاكثرية والمعارضة والتي تحول دون انتخاب رئيس جديد للبلاد برفض الموالاة اعطاء المعارضة quot;الثلث الضامنquot; في الحكومة المقبلة تلبية لطلب الولايات المتحدة.

واعتبر نصرالله ان جوهر المشكلة في لبنان ليس اتفاق الطائف الذي لن يطالب حزب الله بتعديله الان انما المشكلة تكمن في رفض الموالاة لمبدا المشاركة في السلطة وجنوحها نحو الاستئثار بها. ونفى نصرالله وجود اي صراع سياسي داخل حزب الله وان ما يشاع انما هو لضرب صورة الحزب في العالمين العربي والاسلامي مؤكدا على استقلالية الحزب تجاه كل من سوريا وايران.

وقال ان اعتماد الديمقراطية العددية في لبنان امر لايستقيم لانه هناك طوائف يجب مراعاتها مقترحا ايجاد عرف يقضي بتشكيل الحكومات وفقا لقاعدة تمثيل الكتل النيابية التي يتالف منها البرلمان على اعتبار انها تمثل الطوائف في لبنان. واضاف نصرالله ان الفراغ الحالي في الرئاسة هو اقل سوءا من حكومة اللون الواحد وتسلم الاكثرية النيابية الحكم من دون الثلث الضامن لان الحكم بدون هذا الثلث فيه خطورة سياسية واقتصادية وامنية.

وقال quot;طالما قرار الاميركيين عدم اعطاء الثلث الضامن للمعارضة فان الانتخابات الرئاسية لن تحصلquot;. ولخص نصر الله ابرز نقاط quot;المشروع الاميركيquot; في لبنان وفق رؤيته وقال quot;يريدون سلطة موالية تابعة لهم تنفذ اوامرهم وتحقق اهدافهم في لبنان والمنطقة، يريدون لبنان خاليا من المقاومة لا فكرا ولا ثقافة ولا سلاحاquot;.

من ناحية اخرى، اكد نصر الله ان المفاوضات لمبادلة الجنديين الاسرائيليين اللذين اسرهما حزب الله في تموز/يوليو 2006 بمن تبقى من الاسرى اللبنانيين في سجون الدولة العبرية quot;مستمرة وان توجهها ايجابا او سلبا سيظهر خلال اسبوعين او ثلاثةquot;.

وأضاف في حديثه بان الادارة الاميركية quot;تريد سلطة موالية لها تنفذ أوامرها وتحقق أهدافها في لبنان والمنطقة (...) واذا كانت هناك قوى سياسية تقدم المصالح الوطنية وليست مستعدة لأن تكون أداة فلا مكان لها في السلطةquot;. وتابع :quot;كنا على مشارف التسوية الداخلية في ما يخص الحكومة وقانون الانتخاب، لكننا فوجئنا بنهاية كل شيء نتيجة التدخل الاميركي. ومشكلة قوى الموالاة انها ولو كانت مقتعة بأن هذا الحل يصب في مصلحتها وفي المصلحة الوطنية، والاميركيون يرفضون، فسيقولون هم ايضاً لاquot;.

واشار الى مشاركة الحزب للمرة الأولى في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2005 لم تأت على قاعدة الثلث الضامن، quot;بل بناء اتفاق سياسي نقض. وتبين لنا اننا كنا موجودين في الحكومة للديكور فآثرنا الخروج. ولو كانت لدينا أدنى اقتناع بأن بقاءنا يجدي المصلحة الوطنية لبقيناquot;. واعتبر ان الحل يكمن quot;في الشراكة والضمانة الدستورية، اي بإعطاء الثلث للمعارضة التي تمثل أكثر من نصف الشعبquot;، مشيراً الى ان quot;الأبواب لم تقفل، وما دام باب الحل مفتوحاً لا نرى ان الامور وصلت الى حائط مسدود لنذهب الى خيارات المواجهةquot;.

وتحدث عن quot;مشاورات ونقاشات بين قوى المعارضة وافكار لحسم الخطوات وتحديد لتوقيت تحرك المعارضة خلال أسبوع أو 10 أيام. وكذلك لإقرار سبل تنفيذ خطة التحرك في حال فشل الوساطات واستمرار الحكومة في مصادرة صلاحيات رئيس الجمهوريةquot;.

ورأى ان الحل يكمن في رئيس للجمهورية موثوق به وفي حكومة وحدة معاً، quot;لان شخص الرئيس وحده لن يحل المشكلة بالصلاحيات الدستورية التي لديه، وسيكون بالتالي عاجزاً عن مواجهة كل المخاطر وسياسات الفريق الحاكم. لنتذكر مثلاً ماذا قال فريق الموالاة عن قائد الجيش العماد ميشال سليمان قبل ثلاثة أشهرquot;.

وسأل: quot;الا تستحق المعارضة التي تمثل أكثر من نصف الشعب الثلث الضامن؟ من يجب ان يطلب ضمانات بعدم الاستقالة هو المعارضة، ونحن جاهزون لتقديم الضمانات كي لا تسقط الحكومةquot;.

ونفى ان يكون quot;حزب اللهquot; طالب بتعديل الطائف، فقال: quot;لا نعتبر ان المشكلة هي في الطائف ولا نطالب في المرحلة الحالية ولا مستقبلاً بتعديله خلافاً لكل الاتهامات، كالكلام على مثالثة في السلطة بدل المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وما شابه. هذا كلام صدر عن الفريق الآخر. وما اعرفه في هذا المجال ان الفرنسيين تحدثوا الى الايرانيين عن تعديل الطائف رغبة منهم في ان يحصل كلام في هذا المجال، ولكننا نحن خارج هذا الموضوع. اما اذا اتفقت القوى اللبنانية ورأت مصلحة في اعادة النظر في بعذ بنود الطائف، واتفق لبنانياً على هذا التعديل فلا مانع لديناquot;. ورأى ان هناك quot;حاجة لتطبيق صحيح للطائف ولتفسير بعض مواده الدستوريةquot;، مما يحتم quot;اعادة الصلاحيات الى المجلس الدستوري واعادة تكوينه ليكون فاعلاًquot;، رافضاً quot;اعطاء مجلس النواب صلاحية تفسير الدستور لأن ذلك سيخضع الاخير لاعتبارات سياسيةquot;.

استمرار الوساطات

من جهة أخرى استغرب نصرالله موقف رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط من مسألة الثلث وقوله quot;لن يأخذوا الثلث إلا على جثثناquot; ، وقال : quot;غريب هذا التحول ، علماً انه ابدى وغيره من قوى الموالاة في غير مناسبة عن استعداد لاعطائنا الثلث. غريب هذا التحول.وبكل الأحوال نحن مستعدون للحوار والمناقشة، ولم نعتبر يوماً ان الأبواب اقفلت. كما نرحب لكل الوساطات رغم النبرة العالية وغير اللائقة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في القاهرة. ومعلوماتي ان الوساطة الفرنسية لم تنته بعد، وهناك جهد عربي جديد ننتظرهquot;. وقال ان الفرنسيين توصلوا مع السوريين الى quot;مجموعة صيغ تولى الفرنسيون عرضها على الموالاة والسوريون طرحوها على المعارضة، الا ان الموالاة كانت ترفض هذه الصيغ قبل ان يصلنا النص احياناً. والجوهر ان الموالاة ليست حاضرة لاعطاء المعارضة الثلث الضامن، ولم يقبلوا بالقضاء دائرة انتخابية، علماً اننا قبلناه ولا مصلحة فيه للحزب وللمسلمين عموماً. لكننا وافقنا كي لا يشعر المسيحيون بالغبنquot;.

وشدد على ان استمرار الموالاة في الحكم بمعزل عن المعارضة quot;فيه خطورة كبيرة واستمرار للأزمة اياً كان رئيس الجمهوريةquot;. وفي موضوع quot;حزب اللهquot;، قال نصرالله ان quot;استقلاليتنا مطلقة وما يحكم قرار حزب الله هو مصلحة لبنان كوطن وشعب. عندنا صداقات ونحن نناقش الآراء مع الصديق ومع الخصم، ولا أحد يملي على الحزب قراره على الاطلاق. بل ان علاقتنا مع لاصدقاء فيها تأثير أكثر منه تأثر، ورأينا والمعارضة محترم جداً في سورية، التي قدمت مصلحة المعارضة على مصلحتها أخيراًquot;.

جنبلاط: لن نسلم القرار في لبنان لسوريا وايران

وقال جنبلاط في حديث تلفزيوني الى محطة quot;ايه ان بيquot; الفضائية اللبنانية ان الاكثرية لن توافق على اعطاء quot;الثلث المعطلquot; في الحكومة اللبنانية التي يفترض تشكيلها بعد انتخاب رئيس جديد الى المعارضة. واضاف quot;لن اعطي القرار في لبنان لبشار (الرئيس السوري بشار الاسد) و(الرئيس الايراني محمود) احمدي نجادquot;. ووصف الاسد بquot;الولدquot; واحمدي نجاد quot;بالمجنون والمغامرquot;. الا انه اقر بان quot;قدرة صمودquot; الاكثرية quot;محدودة لكن سنرىquot;.

وتابع ان السوريين والايرانيين وحلفاءهم في لبنان quot;يمكنهم ان يستولواquot; على القرار في لبنان quot;عندما نزيح او ندفنquot;. وذكر بان الوزراء والنواب في الاكثرية يلازمون منازلهم خوفا من اغتيالات وان سلطة الحكومة quot;ضعيفةquot;.وقال جنبلاط ان المعارضة تريد quot;اخذ امر واحد... لم تتمكن من الحصول عليهquot;، في اشارة الى الثلث المعطل الذي تسميه المعارضة quot;الثلث الضامنquot; والذي من شانه ان يمنح صاحبه القدرة على تعطيل قرارات مهمة تتخذها الاكثرية.

وتعثر انتخاب رئيس جمهورية جديد في لبنان في الفترة الاخيرة عند مطالبة المعارضة باتفاق مسبق على حكومة يكون لها فيها الثلث زائد واحد قبل انتخاب الرئيس وتمسك الاكثرية بانتخاب رئيس من دون شروط.وحمل جنبلاط بحدة على سوريا والامين العام لحزب الله حسن نصرالله، معتبرا ان هذا الاخير quot;لا يمكنه ان يخرج من الوصاية السوريةquot;. الا انه اضاف quot;نامل ان يكون (حسن نصرالله) رجلا ويردع حليفه (السوري) عناquot;، مجددا اتهام دمشق بالوقوف وراء سلسلة الاغتيالات التي استهدفت شخصيات معارضة لسويا في لبنان منذ 2005.

واكد ضرورة تفاوض الاكثرية مع الاطراف اللبنانية في المعارضة quot;لكن لا بد ان ترجع هذه الاطراف الى لبنانيتها لا ان تكون تحت املاء سوري ايرانيquot;، مشددا على ان لا مفر quot;من التسويةquot; حول الانتخابات الرئاسية، quot;لكن مع من اقوم بالتسوية، مع نفسي؟quot;. وردا على سؤال عما اذا كان الاجتماع الوزاري العربي المقرر حول لبنان في السادس من كانون الثاني/يناير في القاهرة يمكن ان يساهم في حل الازمة، قال جنبلاط ان quot;السوري يخل دائما بوعودهquot;، مضيفا quot;هل يستطيع العالم العربي ان يضغط على سوريا لتحترم الوجود اللبناني وتعترف بلبنان؟quot;.

وتابع ان quot;التدخل السوري سافر في لبنانquot;، مضيفا ان quot;المطلب السعودي والمصري محق وهو ان ترفع سوريا يدها عن لبنانquot;. وطالب بان توقف دمشق quot;التدخل وارسال السلاح وارسال شاكر العبسي (زعيم حركة فتح الاسلام) واحمد جبريل (زعيم الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين-القيادة العامة) ومثلهماquot; الى لبنان.. وquot;بترسيم وتحديد الحدود واقامة علاقات دبلوماسيةquot; بينها وبين لبنان quot;ثم نرسي علاقات الجوار والتنسيق الامني والسياسيquot;.

ويعيش لبنان منذ 24 تشرين الثاني/نوفمبر فراغا رئاسيا. وقد تم تأجيل جلسة البرلمان التي كانت مقررة السبت الماضي لانتخاب الرئيس للمرة الحادية عشرة، في وقت يشهد لبنان ازمة سياسية هي الاسوأ منذ نهاية الحرب الاهلية في 1990.